العراق.. المرجعية تضع خارطة طريق للاصلاح
عادل الجبوري
لقيت خطبة المرجعية الدينية، عبر منبر صلاة الجمعة العبادية ـ السياسية من الصحن الحسيني الشريف، اول امس الجمعة، ترحيبا وارتياحا كبيرين من مختلف القوى والشخصيات السياسية، والفئات والشرائح الاجتماعية، بشتى توجهاتها وانتماءاتها.
وتضمنت خطبة الجمعة التي القاها معتمد المرجعية الدينية الشيخ عبد المهدي الكربلائي،انتقادات حادة ولاذعة للطبقة السياسية، وتأكيدات وملاحظات تفصيلية لمسارات الاصلاح المطلوبة لمعالجة كم كبير من الاخطاء والسلبيات التي تراكمت طيلة خمسة عشر عاما من سوء الادارة وغياب التخطيط والفساد.
وقال الشيخ الكربلائي في الشق السياسي من خطبة صلاة الجمعة، "يعلم الجميع ما آلت إليه أوضاع البلاد وما تعاني هذه الايام من مشاكل متنوعة وأزمات متشابكة، وكانت المرجعية الدينية تقدر منذ مدة غير قصيرة ما يمكن ان تؤول إليه الأمور فيما اذا لم يتم اتخاذ خطوات حقيقة وجادة في سبيل الاصلاح ومكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية". مشيرا الى "ان المرجعية الدينية، قامت على مر السنوات الماضية بما يمليه عليها موقعها المعنوي من نُصح المسؤولين والمواطنين لتفادي الوصول الى الحالة المأساوية الراهنة، ونصحت مراراً وتكراراً كبار المسؤولين في الحكومة وزعماء القوى السياسية بأن يعوا حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاقتهم وينبذوا الخلافات المُصطنعة التي ليس ورائها الا المصالح الشخصية والفئوية ويجمعوا كلمتهم على إدارة البلد بما يحقق الرفاه والتقدم لأبناء شعبهم ويراعوا العدالة في منح الرواتب والمزايا والمخصصات ويعملوا للإصلاح ويمتنعوا عن حماية الفاسدين من أحزابهم وأصحابهم".
"المرجعية حذرت قبل ثلاثة أعوام من هذا المكان، بأن الذين يمانعون من الاصلاح ويراهنون على ان تكف المطالبات به، عليهم ان يعلموا ان الاصلاح ضرورة لا محيص منها، واذا خفت مظاهر المطالبة به مدة فأنها ستعود بوقت آخر أقوى وأوسع من ذلك بكثير ولات حين مندم"
وذكّر الشيخ الكربلائي بأن "المرجعية حذرت قبل ثلاثة أعوام من هذا المكان، بأن الذين يمانعون من الاصلاح ويراهنون على ان تكف المطالبات به، عليهم ان يعلموا ان الاصلاح ضرورة لا محيص منها، واذا خفت مظاهر المطالبة به مدة فأنها ستعود بوقت آخر أقوى وأوسع من ذلك بكثير ولات حين مندم". مضيفا "ان الآلية المثلى للإصلاح هي المشاركة الواعية في الانتخابات المبنية على حسن الاختيار، أي إنتخاب الصالح الكفوء الحريص على المصالح العليا للشعب العراقي والمستعد للتضحية في سبيل خدمة أبنائه، وتحقيقا لهذا الغرض طالبت المرجعية الدينية بأن يكون القانون الانتخابي عادلا، يرعى حرمة أصوات الناخبين، ولا يسمح بالإلتفاف عليها، وان تكون المفوضية العليا للانتخابات مستقلة كما قرره الدستور، ولا تخضع للمحاصصة الحزبية، وكذلك حذرت المرجعية من ان عدم توفر هذين الشرطين سيؤدي الى يأس معظم المواطنين من العملية الانتخابية وعزوفهم عن المشاركة فيها".
وارتباطا بالاحداث الاخيرة، ومارافقها من تجاوزات واعتداءات، اشار الشيخ الكربلائي الى ان المرجعية حددت مسارين لمعالجة الامور، هما:
ـ الاول: ان تجّد الحكومة الحالية في تحقيق ما يمكن تحقيقه بصورة عاجلة من مطالب المواطنين وتخفف بذلك من معاناتهم وشقائهم.
ـ الثاني: ان تتشكل الحكومة المقبلة في اقرب وقت ممكن على اسس صحيحة من كفاءات فاعلة ونزيهة، ويتحمل رئيس مجلس الوزراء فيها كامل المسؤولية عن أداء حكومته ويكون حازما وقوياً ويتسم بالشجاعة الكافية في مكافحة الفساد المالي والاداري، الذي هو الاساس في معظم ما يعاني منه البلد من سوء الاوضاع، ويعتبر ذلك واجبه الاول ومهتمه الاساسية ويشن حربا لا هوادة فيها على الفاسدين وحمايتهم، وتتعهد حكومته بالعمل في ذلك وفق برنامج معد على اسس علمية يتضمن اتخاذ خطوات فاعلة ومدروسة، من بينها:
ـ تبني مقترحات لمشاريع قوانين ترفع الى مجلس النواب تتضمن إلغاء او تعديل القوانين النافذة، التي تمنح حقوقا ومزايا لفئات معينة يتنافى منحه مع رعاية التساوي والعدالة بين ابناء الشعب.
ـ تقديم مشاريع قوانين الى مجلس النواب بغرض سد الثغرات القانونية التي تستغل من قبل الفاسدين لتحقيق اغراضهم، ومنح هيئة النزاهة والسلطات الرقابية الاخرى اختيارات اوسع في مكافحة الفساد والوقوف بوجه الفاسدين.
ـ تطبيق ضوابط صارمة في اختيار الوزراء وسائر التعيينات الحكومية، ولاسيما للمناصب العليا والدرجات الخاصة، بحيث يمنع عنها غير ذوي الاختصاص والمتهمون بالفساد، ومن يمارسون التمييز بين المواطنين بحسب انتماءاتهم المذهبية او السياسية، او من يستغلون المواقع الحكومية لصالحهم او لاقربائهم او احزابهم.
ـ الايعاز الى ديوان الرقابة المالية بضرورة انهاء التدقيق في الحسابات الختامية للميزانيات العامة وجميع العقود والتخصيصات المالية للاعوام السابق على مستوى كل وزارة ومحافظة، وضرورة الاعلان عن نتائج التدقيق بشفافية عالية لكشف المتلاعبين بالاموال العامة والمستحوذين عليها، تمهيدا لمحاسبة المقصرين وتقديم الفاسدين للعدالة".
شددت المرجعية على ضرورة تعاطي مجلس النواب القادم بجدية مع جميع الخطوات الاصلاحية، وان يبادر الى اقرار القوانين اللازمة لذلك
وشدد معتمد المرجعية الدينية على ضرورة تعاطي مجلس النواب القادم بجدية مع جميع الخطوات الاصلاحية، وان يبادر الى اقرار القوانين اللازمة لذلك، وان تنصلت الحكومة عن العمل بما تتعهد به او تعطل الأمر في مجلس النواب او لدى السلطة القضائية فلا يبقى أمام الشعب الا تطوير أساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض إرادته على المسؤولين، مدعوماً من ذلك من قبل كل القوى الخيرة في البلد وعنئذ سيكون للمشهد وجه آخر مختلف عما هو اليوم عليه".
وابدى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في بيان له، ترحيبه بما طرحته المرجعية الدينية واوصت به، وكذلك طالبت قوى وشخصيات سياسية مختلفة بالعمل على توصيات وارشادات المرجعية، واخذ تحذيراتها على محمل الجد، في ذات حفلت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الخبرية ووكالات الانباء، خلال الاربع وعشرين ساعة الماضية، بالاف التعليقات والمقالات والتقارير عن ابعاد ودلالات توجيهات وتحذيرات المرجعية الدينية، وما يمكن ان تؤول اليه الامور فيما بعد.