اليمن وقلب الطاولة على الرياض
ما صدم المراقبين، قبل ايام الاحكام التي اصدرها الملك سلمان بالجملة وبايعاز من ابنه محمد لتطال الهرم الاعلى للقوات المسلحة السعودية حيث عبر عنها البعض بانها تغييرات جذرية اصابت بنية الجيش وقادته بسبب ادائه الضعيف والعاجز في حربه العدوانية ضد اليمن مما شكلت انتكاسة كبيرة وفضيحة مدوية لنظام آل سعود المتهالك.
وما اقدم عليه الملك سلمان لايخرج عن عاملين اثنين اولهما التغطية على عجز قواته المسلحة وهزيمتها في اليمن والايحاء بان الذين شملهم التغيير هم سبب الهزيمة والثاني يكشف دون تردد ان احد نتائج الصراع الدائر بين اجنحة النظام السعودي والتخوف من حدوث عملية انقلابية تطيح بالعائلة السلمانية التي تخشى هذا الحدث ليل نهار.
لكن اللافت في حديث ابن سلمان للواشنطن بوست والذي يمكن اعتباره نكتة القرن الواحد والعشرين هو قوله بان "التغييرات العسكرية في السعودية هي من اجل محاربة ايران! حقا انه اهبل ومن العيار الثقيل كيف يسمح لنفسه بان يتحدث اكبر من حجمه وبتصورات واهية وهو لايزال غائص في الرمال اليمنية منذ ثلاث سنوات وفي مواجهة الآلاف من انصار الله، يريد مناطحة الجبل. لذلك لا نجد تفسير لحديثه هذا سوى انه ضمن دائرة الحمقى الذين يغردون في السراب ولشدة غبائه يكشف في هذه المقابلة مدى هزالة جيشه وضعفه بان بلاده يحتل المرتبة الرابعة في العالم من حيث ميزانيتها العسكرية.
ولاشك ان الهزة المفاجئة التي ضربت البنية العسكرية الهشة للجيش السعودي وقادته الكبار لم تشكل فضيحة للنظام السعودي وحده بل هي تشكل فضيحة لداعميه الغربيين ايضا الذين سيحرجون امام نخبهم الرأي العام الداخلي والخارجي بانهم يدعمون انظمة متهالكة لا تستطيع حتى الدفاع عن نفسها رغم تزويدها باحدث الاسحلة، ولم يكتفوا بذلك بل يضحون بسمعتهم ومصداقيتهم في المحافل والاوساط الدولية عندما يشرعون للعدوان السعودي السافر ضد الشعب اليمني الذي ينكل به منذ ثلاث سنين في حرب شعواء وطاحنة وحصار ظالم لتجويعه والتسبب في تفشي الامراض، وهذه نقطة سوداء ومخزية للغاية ستبقى في جبين الغرب ولايمكن ان تمحى من ذاكرة الشعوب.
وللهروب الى الامام لكن دون جدوى يتقدمون بمشروع قرار مشبوه لمجلس الامن يختصرون ثلاث سنوات من العدوان الظالم الذي حصيلته اكبر كارثة انسانية في التاريخ حيث سقط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى من ابناء اليمن وحل الخراب والدمار في ربوعه، بسجال غير مجدي بمن زودهم بالصواريخ وهو عمل مشروع وقانوني للدفاع عن انفسهم. انه منتهى النفاق والخداع والاجرام والرذيلة والانحطاط الخلقي الذي تصرفوا به لحرف الانظار وطمس الحقائق لانهم شركاء في ارتكاب الجرائم والفظائع اللاانسانية التي شهدها اليمن طيلة فترة العدوان عبر تزويدهم لهذا النظام القبلي الارهابي والمجرم الذي تسلل الى عصرنا من العصور الوسطى، بمختلف الاسلحة الفتاكة ليواصل حتى اليوم نهجه الدموي في قتل اطفال اليمن ونسائه وشيوخه.
لكن الصفعة الروسية المفاجئة التي تلقتها اميركا وحلفاؤها الغربيون في مجلس الامن شكلت لهم صدمة وفضيحة في نفس الوقت، حيث ركز الجانب الروسي على البعد الانساني والكارثي الذي يهدد اليمن برمته في وقت ان هذه الاطراف منهمكة في مهاتراتها ومصالحها وكان موقف الروسي بمثابة رسالة مدوية هزت المعسكر الغربي لان مواقف موسكو طيلة سنوات الحرب الظالمة ضد اليمن كانت مترددة ويشوبها بعض الغموض وقد واجهت الكثير من الانتقادات لشدة الفظائع السعودية في اليمن الا ان موقفها الاخير حل تلك الالغاز وكان اول فيتو روسي في الملف اليمني وهذا بالطبع سيشكل تطورا في مسار العدوان السعودي السافر واننا واثقون من ان النظام السعودي المتهرئ الذي اصاب بنيته العسكرية الشلل كان يبحث عن من ينزله من الشجرة وهذه فرصة له ليغير نهجه العدواني الارعن الذي سيتغير بالتاكيد وان مواقفه بعد الفيتو الروسي ليس ما قبله.