هل يشتعل الشرق السوري مجدداً.. ؟!
محمود عبد اللطيف
قالت مصادر صحفية أن تحالف "قوات سورية الديمقراطية” المدعوم من واشنطن تسلم كمية من الصواريخ "متوسطة المدى” ضمن شحنة الأسلحة الأميركية التي دخلت الأراضي السورية يوم الأحد، من معبر "سيمالكا” الحدودي مع العراق.
المعطيات الميدانية في مناطق عمليات "قسد” تشير إلى أنها لا تحتاج إلى أية كمية من هذه الأسلحة لكون تنظيم داعش فقد الجزء الأكبر من قدرته العسكرية في مناطق شرق الفرات التي انسحب إليها بعد أن خسر معظم الأراضي التي كان ينتشر فيها في سوريا والعراق، ومن المرجح أن استمرار استجرار قسد للأسلحة يأتي وفقا لاحتمالية، أولهما أن تكون واشنطن تحضر "قسد” لمواجهة جديدة مع طرف يمتلك قوة عسكرية ضخمة كالجيش السوري، أو الجيش التركي مع من يواليه من فصائل تحت مسمى "درع الفرات”.
وقد يكون استجرار قسد بكميات ضخمة من السلاح عملية تجارية بحتة بالنسبة لواشنطن، من خلال دفع التحالف الطامح لإقرار النظام الفدرالي في الشمال السوري لإنفاق عائدات تهريب النفط السوري عبر أراضي إقليم شمال العراق على التسلح، وهنا تستفيد واشنطن من خلال مسألتين، أولها الحصول على كميات ضخمة من النفط بأسعار بخسة، والثاني استعادة ما دفعته مقابل النفط من خلال بيع السلاح بأسعار ضخمة لتحالف "قسد”.
التطورات التي تشهدها المنطقة الشرقية تشير إلى أن واشنطن باتت تمتلك إستراتيجية خلق نوع جديد من الصراع في سوريا بعد أن سقطت ورقة الفصائل الإسلامية نتيجة لتقدم الجيش السوري على حساب داعش والنصرة وبقية الفصائل في جبهات متعددة، وهذا يقود إلى أن الإدارة الأميركية التي لا ترغب بتهدئة الملف السوري قبل الوصول إلى تحقيق كامل الأهداف المرجوة منه، تتجه لدفع "الكرد” ليكونوا العدو رقم واحد بالنسبة لدمشق من خلال التصريحات التصعيدية التي تطلقها قيادات "قسد”، الأمر الذي يجعل الحديث عن "ثورة كردية” لتحقيق الفدرالية في الأراضي السورية احتمالا حاضرا في حسابات واشنطن للضغط على دمشق وحلفائها، وهذا ما سينقل الملف السوري إلى مرحلة أكثر تعقيدا على الرغم من الجهود الروسية لاحتواء الفصائل الكردية المسلحة مع القوى السياسية التي تقف خلفها، وقد يكون مؤتمر "سوتشي” المرتقب واحدا من المنصات التي ستمنح الكرد تمثيلا مناسبا بعد أن تم إبعادهم عن "أستانة” و”جنيف”.
قد تصطدم الإستراتيجية الأميركية الجديدة بالتوجه التركي الرافض لنشوء كيان كردي مستقل أو شبه مستقل في الشمال السوري، وتجد أنقرة أن أمنها القومي مهدد باستمرار تسليح الكرد من قبل واشنطن، وهذا لا يمنعها من فتح معركة كبرى ضد قسد أيا كانت النتائج، وهي تضمن أن الموقف الروسي سيكون محايدا تجاه مثل هذا الخيار؛ لأن موسكو تجد أن العلاقة مع الكرد معقدة بدرجة كبيرة بما يمثله التواجد الأمريكي بحجة حمايتهم من تهديد القواعد العسكرية الروسية في سوريا، ناهيك عن فقدان الروس القدرة على الدخول في حسابات كبرى الحقول النفطية في سورية وهي "رميلان – الجبسة – العمر _ كونيكو”، ولا ضير بالنسبة لموسكو إذا ما تم إنهاء القوة العسكرية للفصائل الكردية على أن تبقى روسيا ممسكة بالعصا من المنتصف، وتترك لواشنطن التشتت في حرب بين حلفائها في المنطقة.
لكن خطورة الموقف في الشرق السوري تصل حد المواجهة المفتوحة بين الجيش السوري و”قسد”، وهذا يعني ارتفاع في درجة حرارة المواجهة بين واشنطن وموسكو في الملف السوري، ولا يبدو أن هناك احتمالا لتجنب اشتعال شمال شرق سوريا مجددا إلا إذا كان لطقس "سوتشي” تأثيره.