واشنطن والطريق المسدود
مهدي منصوري
الادارات الاميركية المتعاقبة ومنذ انتصار الثورة الاسلامية المباركة وليومنا هذا لم تترك وسيلة متاحة لديها من اجل ازواء ايران وتحجيم قدرتها السياسية والاقتصادية والدفاعية العسكرية الا واستخدمتها. الا ان كل محاولاتها التي ابتدأت بدعم المجموعات الارهابية في الداخل الايراني باستهداف القيادات السياسية العليا واستمرارا بدعم صدام المقبور في حربه ولمدة ثماني سنوات، وما تلاها من نشاطات مختلفة وعلى مختلف الصعد من الحصار الى المقاطعة وغيرها، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع، ولم تعط ثمارها كما كانت ترغب ليس فقط الادارة الاميركية بل حتى ذيولها في المنطقة.
والملاحظ ان طهران وامام هذا السيل من الاجراءات التعسفية الاميركية قد استثمرتها وبصورة تمكنت فيها بحيث ليس فقط أحبطت هذه المحاولات البائسة، بل استطاعت وبسياستها الحكيمة ان تحتل موقعا مهما في المنطقة والعالم بحيث لا يمكن تجاوزها وبسهولة.
وبمجئ الرئيس ترامب المختل عقليا والذي لايفقه من السياسة شيئا ولم يمارس هذا الدور في حياته لحظة واحدة اخذت تصدر التصريحات الهوجاء وغير المسؤولة من قبل هذه الادارة والتي اعتمدت على التهديد الاجوف ظنا منها ان طهران ستتراجع عن مواقفها وثوابتها التي اختطتها وفي مختلف الميادين. وبذلك وعندما وجدت واشنطن وفي نهاية المطاف انها هي الخاسرة في الميدان خاصة بعد اندحار المجاميع الارهابية التي كانت العصا الغليظة التي رفعتها في وجه الشعوب لاخضاعهم لارادتها. ولم يتبق لديها سوى طريقين امام الخضوع والاستسلام والاعتراف بهزيمتها، او اللجوء الى حالة اللجاجة والعناد الاهبل، وكلا الطريقين هو انهزام واضح لواشنطن وحلفائها، وقد تأكد هذا الانهزام على لسان وزير الدفاع الاميركي الذي قال "اننا لا نعتزم الرد على طهران عسكريا بل دبلوماسيا" بعد السيل من التصريحات النارية لترامب وغيره من مسؤولي البيت الابيض والكونغرس، مما عكس وبما لايقبل النقاش اعتراف صريح وواضح واما العالم من ان واشنطن عاجزة عن الذهاب الى الحل العسكري مع طهران لانها تدرك ان هزيمتها محققه في هذا المجال، ولذلك ذهبت الى الحل الهزيل وهو الحل الدبلوماسي الذي يعتمد على تشكيل تحالف سياسي دولي لمواجهة الادعاء بمواجهة نفوذ ايران.
وفي نهاية المطاف لقد تأكد ان ليس لواشنطن سوى ان تترك المنطقة وشعوبها لتدير شؤونها وبالطريقة التي تضمن لهم حياة آمنة مستقرة، لان حالة الغضب الشعبي التي رافقت قرار ترامب أظهرت روح العداء الذي كان يعتمل في نفوص الشعوب لاميركا وحليفاتها من خلال الشعارات المنددة، وبنفس الوقت ثبت ان وجودها يشكل حالة من القلق والارباك للبلدان بسبب سياستها المنحازة والتي تسبب في خلق الازمات هنا وهناك مما يعكس وبوضوح صورة للتخبط السياسي الذي تعيشه الدبلوماسية الاميركية اليوم التي وصلت فيه الى طريق مسدود لحل الازمات العالقة.