kayhan.ir

رمز الخبر: 65397
تأريخ النشر : 2017October23 - 19:24

بعد الانهيار الكبير في العراق وسوريا: "داعش" إلى أين؟

نضال حمادة

يعيش تنظيم "داعش" أسابيعه الأخيرة في كل من العراق وسوريا، او فيما يطلق عليه شرعيوه "أرض التمكين"، ويعاني التنظيم من انهيارات متتالية تسارعت منذ تحرير الموصل قبل تلاثة أشهر، وزاد من سرعة الانهيار الكبير هذا مقتل كبار قادة داعش الميدانيين والأمنيين والشرعيين، وهؤلاء يشكلون النواة الصلبة والحلقة الأولى التي سيطرت على مفاصل التنتظيم التكفيري بعد سقوط مدينة الموصل بيد التنظيم عام 2013 وهؤلاء يعتبرون القوة الذاتية والنواة المؤسسة لداعش وبفقدانهم فقد هذا التنظيم الشرعية الدينية والتاريخية وأصبح التنظيم دون قيادة مركزية قوية تتجاذب اطرافه قيادات الصف الثاني التي تفتقد كل مؤهلات وصلاحيات وتاريخ الصف الاول.

فقد داعش خلال عام واحد حلقة الشرعيين المؤسسة له: "أبو عبد البر الكويتي"، "أبو عبد الله القحطاني"، "تركي البنعلي"، كما فقد خلال العام نفسه مساعد البغدادي الاول والدينامو المحرك له في البادية السورية "أبو محمد العدناني"، فأصبح في البادية السورية بلا حاضنة تتفق معه وبلا إمداد بشري من المقاتلين المحليين في تلك البادية التي مكنت التنظيم من تجنيد المقاتلين وكانت بمثابة الاكاديمية العسكرية والبشرية والثقافية للتنظيم، وبموت العدناني ذهب عقد العشائر المتحالفة مع داعش فالرجل كان مفاوضا بارعا ومتحدثا يفهم لغة البدوي ويتقن لهجته، وملماً بمفاتيح الدخول الى العقل البدوي ما مكن داعش من تثبيت ولائها، وعقدها لتحالف مع بعض العشائر في الباديتين السورية والعراقية سرعان ما انفرط عقدها مع موت العدناني.

كل هذه التحولات والانهيارات، سارعت في هجرة "الجهاديين" الأجانب عن "أرض الخلافة والتمكين" كما يسميها داعش، وبالتالي فقد التنظيم العنصر المحارب الاكثر عقائدية، والاشد تمسكا بأدبيات التكفير والذبح، والعماد الميداني والعسكري صاحب الخبرات القتالية حول العالم، ولم يبق سوى العنصر المحلي من عشائر بادية العراق وسوريا الذين استفادوا من توزيع الغنائم بعدما أصبحوا في مراكز قيادية لدى التنظيم وهؤلاء يشكلون العنصر الأكثر هشاشة والاكثر تقلبا في البيعات وتقديم الولاء، كما ان وجود عائلاتهم في ارض الحرب وفي بلدات ومدن القتال جعلهم نقطة ضعف التنظيم وقد تخلوا عنه بنفس السرعة التي ايدوه فيها.

في هذا السياق تشير المعلومات الى ان غالبية الجسم الأجنبي في تنظيم الدولة "داعش" تغادر ارض سورية والعراق وتوجه قسم منها قبل معركة الموصل الى بلدان آسيا الوسطى والى شرق آسيا فيما بدأت عملية نقل جديدة لمسلحي داعش الأجانب الى بلدان أوروبية وهؤلاء سوف يشكلون المرحلة القادمة من مسرح عمل التنظيم الذي بعد فقدانه "أرض التمكين" في العراق وسوريا، وانهيار احلامه بالخلافة والسلطة وبناء الدولة سوف يعود الى سابق عهده في سياسة القتل العشوائي الانتقامي وغير الهادف سياسيا، سوف يعود التنظيم الى ادبيات الزرقاوي ونهجه وأسلوبه وهو الذي كان سببا اساس وراء مقتل الزرقاوي ونبذه في العراق على قاعدة أن العراقيين لن يقبلوا قيادة غير عراقية للجهاد العالمي في العراق، وهذا ما كان أبو بكر البغدادي الأمير الاول لتنظيم "داعش" قد قاله عام 2006 لأبي مصعب الزرقاوي دون أن يؤثر هذا على الأخير الذي قتل في غارة جوية أمريكية في نفس العام بينما تقول رواية سلفية ان الزرقاوي وجد مقتولا بالرصاص بعيدا عن المنزل الذي تم استهافه بقصف الطائرات الأمريكية.

التنظيم الحديدي الذي سيطر خلال عام واحد على حوالي 200 الف كلم مربع في العراق وسوريا، انهار بنفس سرعة صعوده، واجبرت سرعة الانهيار هذه الجانب الامريكي على العمل علنا على كشف علاقته بالتنظيم والعمل على حماية قيادات كبيرة في داعش، وذلك عبر نقلهم بطائرات الهليكوبتر وتحت حماية عسكرية من مناطق الصراع الى اماكن مجهولة حتى الان سوف تظهر مستقبلا عندما تعود العمليات الدموية العشوائية من جديد.