الايحاءات الاميركية المحمومة
مهدي منصوري
اجمعت اوساط سياسية واعلامية ان انهيار البيشمركة الذي فتح الابواب مشرعة امام القوات العراقية الاتحادية لان تدخل كركوك واغلب المناطق المتنازع عليها ورفع العلم العراقي في رباها. وضع الاميركيين قبل غيرهم في حالة من الحيرة والارباك بحيث صدرت التصريحات المتناقضة وغير الواضحة لتبيان موقفها مما حدث عكس حالة الصدمة الكبرى بل والخسارة العظمى لصفقة كانت رابحة في أيديهم لتقسيم العراق.
ولانغفل في هذا المجال ان نشير الى الموقف النفاقي الحاقد لحكومة بني سعود ففي الوقت الذي ترسل فيه مبعوثها الارهابي السبهان وفي أوج الازمة الى لقاء بارزاني معلنا دعمه لما يرمي العمل به الا انه وبالامس وبعد ان تغير الموقف لصالح الحكومة العراقية يرسل الملك سلمان رسالة الى العبادي يعلن فيها تأييده لاجراءاتها ورفضه للاستفتاء وانه مستعد لابداء المساعدة ولكن هذا الموقف لايمكن ان ينطلي على العراقيين لانهم يعرفون جيدا ان كل ماحل بهم من دمار واراقة دماء وازهاق للارواح كان بسبب السياسة السعودية المعادية لتطلعاتهم وامالهم منذ سقوط الصنم وليومنا هذا .
وواضح للجميع ان اميركا ومنذ احتلال قواتها للعراق ولهذا اليوم تعمل على توفير الارضية لخلق حالة من الاحتراب الداخلي بمختلف مسمياته العرقية والمذهبية والطائفية وغيرها، الا انها واجهت حالة من الصمود والثبات لدى العراقيين الذين لعدم استجابتهم لهذه الامال والرغبات الاميركية وهناك الكثير من الشواهد على هذه مما لايتسع المقال لتفاصيلها.
وبالامس وبعد ان انتصرت القوات العراقية في بسط سيطرتها على كركوك واستعادتها الى حضن الوطن اخذت وسائل الاعلام الاميركية ومن خلال تحليلاتها الايحائية بالقول من ان الذي حدث في كركوك قد يشعل حربا اهلية جديدة بين الاكراد والعرب في العراق وهو ما حذرت منه صحيفة ديلي بيست الاميركية والذي جاء على لسان الكاتب فلوريهان ذويهوف في مقال حمل عنوان "حرب اهلية عراقية جديدة ربما بدأت للتو بعد كركوك"، وقد بنى هذا الكاتب تصوراته هذه على عدة معطيات ووقائع لاتمت لما حدث بصلة، مما يوحي للمتابع ان واشنطن تعد العدة ومن خلال ادواتها على القيام ببعض التصرفات او تحريك بعض الجهات لكي لا تبقى الاوضاع على ما هي عليه اليوم من هدوء واستقرار،وهو ماحذر منه رئيس الوزراء العراقي العبادي بالامس، وهو بنفس مااشار اليه بارزاني ومن طريق خفي بالامس في خطابة بعد تحرير كركوك، مما يفرض على الحكومة العراقية مراقبة الاوضاع بدقة عالية من اجل ان لاتسرق واشنطن واعداء العراق الموحد النصر الذي حققته القوات العراقية والحشد الشعبي والتي اعادت فيه هيبة الدولة الى اراضيها المغتصبة.
وبنفس الوقت ندعو ابناء كركوك وبمختلف اطيافهم والمناطق المحررة الاخرى ان يلتفوا ويتعاونوا مع القوات الاتحادية في توفير الامن والاستقرار والذي يضمن حقن دمائهم من ان تراق بناء على رغبة الاخرين الذين يتآمرون ولازالوا على وحدة البلد. وبنفس الوقت فانهم سيدفون آخر مسمار في نعش الاميركان وغيرهم الذين كان انفصال كردستان في محط آمالهم لتشتيت العراق.