لابد من ربيع غربي
منذ ان كشر الغرب عن انيابه بقيادة للولايات المتحدة الاميركية لفرض ارادته وسطوته على دول المنطقة من خلال ما اسماه بدعم "الثورة السورية" وثورة المنصات في العراق والحرب على ليبيا وتسهيل اجهزتها الامنية الجهنمية لارسال آلاف الارهابيين الى المنطقة، حذرت طهران بشدة وبصوت عال هذه الجهات من انكم تلعبون بالنار ولن تكونوا في منأى عنها مستقبلا وستحرق اصابعكم كفوا عن تدخلاتكم واتركوا شعوب المنطقة ان تختار طريقها من خلال الحوار بين ابنائها ومن مختلف الاتجاهات لحل ازماتها سلميا، لكنكم اغلقتم الابواب واصررتم على الاستثمار في الارهاب وفرض الوصاية على الشعوب والطلب من رؤسائها الشرعيين مغادرة السلطة خلافا لارادة شعوبهم.
فبعد كل هذا الذي فعلتموه طيلة السنوات الماضية ماذا الذي كنتم تنتظرونه هل كنتم تتوقعون من الارهابيين الذين صدرتموهم الى المنطقة وهم اليوم يعودون اليكم ان يردوا لكم التحية الم تعلموا ان الارهاب لادين ولا وطن له وانه يتجاوز كل الحدود الجغرافية والعقائدية وليست هناك منطقة في ربوع العالم محصنة منه سواء في اوروبا او اميركا او الشرق الاوسط او آسيا او افريقيا وهذا ما ثبت لكم عمليا عبر العمليات الارهابية التي نفذوها في كل هذه المناطق.
فبعد هزيمة الدواعش في العراق وسوريا عاد الكثير منهم الى العواصم الاوروبية وهناك الاف في طريقهم للوصول الى اوروبا قريبا كما افصحت عن ذلك وكالة ATS السويسرية بان هناك زهاء 3 الاف ارهابي من تنظيم داعش والنصرة قد يصلون الى اوروبا في وقت قريب.
والسؤال الذي يطرح نفسه من يتحمل مسؤولية ما شهدته مدينة برشلونة قبل ايام من عمليات ارهابية بغيضة ومدانة ازهقت ارواح اناس ابرياء دون ذنب؟ واثارت موجة من الرعب والخوف ليس في العاصمة الاسبانية وحدها بل عمت هذه الموجة المرعبة عامة المدن الاوروبية من ان تتكرر عمليات الدهس الجبانة التي من العسير السيطرة عليها او التعرف عليها بسهولة ولسنا وحدنا في المنطقة من ان تحمل المسؤولية لساسة الغرب ودورهم في تاجيج نيران الحروب والازمات في المنطقة من خلال استثمار الارهاب لتامين مصالحهم على حساب شعوبها، فالكثير من منظمات المجتمع المدني والنخب في اوروبا لها نفس الرؤية حيث يحملون ساستهم على ما حدث في مدنهم كردة فعل على ما جرى في المنطقة ويذكرونهم بان هذه العمليات الارهابية التي تشهدها المدن الاوروبية احد نتائج تدخلهم وكذلك دعمهم لانظمة استبدادية في المنطقة بعيدا عن اية اصول اخلاقية او انسانية لكن المضحك المبكي ان المسؤولين الغربيين كانوا يبررون على الدوام مواقفهم مما يجري في المنطقة وخاصة في سوريا والعراق وليبيا وشكلوا عشرات المؤتمرات لدعم هذا التوجه، ياتي في اطار العلاقات الودية التي تربطها مع بعض دول المنطقة خاصة النفطية التي تخدق عليهم مئات المليارات من الدولارت وهذا ما اعمى قلوبهم لدرجة تماشوا مع الارهاب وتغاضوا حتى عن التنديد به ليحصدوا اليوم نتائجه.
ولا شك ان مواقف بعض الدول الغربية وفي مقدمتها اميركا من الارهاب وخاصة داعش كان فاضحا وهذا لم يغب بالتاكيد عن انظار الراي العام الغربي الذي يتفق مع رؤية نخبه بان ساستهم غير بريئين بل مساهمون بشكل وآخر بما يجري من عمليات ارهابية في المدن الاوروبية ولابد من محاسباتهم وما شهدته فرنسا وانكلترا والمانيا وبلجيكا خلال السنوات الماضية واليوم اسبانيا وغدا لم نعلم اين سيتوقف قطار الارهاب ليسفك المزيد من دماء الابرياء اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار التقرير الاوروبي الاخير الذي كشف عن ان هناك ثلاثة آلاف ارهابي في طريقهم للعودة الى اوروبا.
ومما يؤسف له ان الشعوب الغربية تدفع اليوم من دمائها واروحها ثمنا باهظا لاخطاء ساستها الذين لا يزالون يماشون رعاة الارهاب في السعودية هذه الدولة المصنع الفكري للارهاب ومموله وداعمه بكل الوسائل وهذه حقيقة اثبتتها الوقائع ومنها ان اكثر الانتحاريين الارهابيين من الجنسية السعودية واذا ما ارادت الشعوب الغربية ان تتخلص من العمليات الارهابية ومضاعفاتها مستقبلا وتحافظ على امنها وسلامتها فان ذلك لن يتم الا ان تنتفض على واقعها المؤلم لمحاسبة ساستها ومعاقبتهم وهذا لن يتحقق الا عبر القيام بربيع غربي يبعد داعمي وصانعي الارهاب من الساحة السياسية.