الحج نحو طهران.. لإنقاذ اليمن أم بن سلمان ؟!
* حسن العمري
بحث "سبل إحياء المحادثات اليمنية" هو المانشيت العريض لزيارة المبعوث الأممي لليمن وولد الشيخ أحمد الى العاصمة الايرانية طهران ولقائه المطول مع كل من وزير الخارجية ظريف ومساعده جابري انصاري، فيما مصادر أممية مطلعة قالت أن ولد الشيخ أحمد زار طهران بعد أن فشلت جهود دولية وآخرها الوساطة الصينية عبر سفيرها في صنعاء مع جماعة الحوثي لاستقباله - حسب ما كتبته صحيفة "الشرق الأوسط" الحكومية نقلاً عن نائب رئيس الوزراء وزير خارجية حكومة بن دغر اليمنية الدكتور عبد الملك المخلافي .
مراقبون للشأن السعودي أكدوا أن أهم اسباب زيارة المبعوث الأممي الى ايران هي لإنقاذ ولي العهد الجديد محمد بن سلمان من مستنقع اليمن خاصة بعد التهديدات الأخيرة التي أطلقها الجيش اليمني واللجان الشعبية بالتصعيد وإستهداف المراكز الاقتصادية ومصافي البترول في المملكة والامارات إذا لم يتوقف تحالف العدوان إستهدافه للمناطق السكنية وفتح الحصار عن المساعدات الانسانية نحو صنعاء وميناء الحديدة، والتقارير الميدانية تشيرالى تصعيد عسكري يمني في العمق السعودي ربما سيزداد أكثر ويذهب بما تبقى من ماء الوجه للرياض .
تساقط الصواريخ الباليستية على القواعد السعودية ومنشآتها الاقتصادية والنفطية دون أن تتمكن "منظومة باتريوت" الأمريكية من صدها، إضافة الى تحقيق الجيش اليمني وحلفائه من انصار الله مكاسب استراتيجية هامة في جيزان ونجران وعسير وفي مقدمتها إسقاط أهم المعاقل الاستراتيجية في جبهة جيزان منها معسكر الجابري وموقع الفريضة وجبل الملحمة، الى جانب تصعيد عملياتهم في البحر باستهداف بوارج التحالف السعودي أمام سواحل المخأ أسبوعياً، في ظل عجز قوى العدوان على اليمن من تحقيق أي مكاسب على الأرض؛ دفع بالسفير الأمريكي لدى اليمن للأعتراف بتزايد قوة الحوثي في ردع الجيش السعودي وحلفائه داخل حدود اليمن وفي العمق السعودي، مشدداً في حديث صحفي له في الرياض حيث محل إقامته أنه "لا حل عسكري للأزمة في اليمن، وأنه لا يمكن لأي حل عسكري أن ينهي الصراع" وهو ما يراه مراقبون بانه اعتراف ضمني بفشل حلفاء واشنطن من تحقيق أي مكاسب لتغيير الواقع الميداني منذ 25 مارس 2015 وحتى الآن والأمور آخذة نحو الأسوأ بالنسبة لمحمد بن سلمان الذي ينوي التمهيد لإعتلاء العرش في المملكة على حساب الدم اليمني.
وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي كشف اليوم الأحد، 13 أغسطس الجاري في طهران، إن السعودية طلبت من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، التدخل للتوسط بين الرياض وطهران؛ ومحمد بن سلمان كان قد هدد ايران قبل ذلك في مقابلة حصرية مع قناة ام بي سي السعودية الرسمية بتاريخ 3 مايو/آيار الماضي، على أن تكون المعركة عندهم وليس في السعودية، حدث بعدها عمل إرهابي لداعش في العاصمة الايرانية، مضيفاً "كيف أتفاهم مع واحد أو نظام لديه قناعة مرسخة بأنه نظام قائم على أيديولوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره وفي وصية (زعيم الثورة الإيرانية روح الله الموسوي) الخميني بأنه يجب أن يسيطروا على مسلمي العالم الإسلامي... ما مصالحي معه؟ وكيف أتفاهم معه؟"!! .
إيران كانت قد قدمت رؤيتها لحل الصراع في اليمن في وقت مبكر أي بعد حوالي الشهر من إنطلاق ما تسمى عاصفة الحزم على الشعب اليمني في نيسان 2015، حيث تحدث جواد ظريف وزير الخارجية في مؤتمر صحافي بمدريد عن الرؤية الايرانية, التي تتضمن أربع نقاط: "وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء كل الهجمات العسكرية للتحالف، وتقديم المساعدات الإنسانية واستئناف حوار وطني واسع وتشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة"؛ والتي لا تزال قائمة بالنسبة لايران وحلفائها والكثير من الحكومات العربية وعملت عليها سلطنة عمان كثيراً فيما التعنت السعودي لا يزال قائما بالرفض رغم دعم الأمم المتحدة ومبعوثيها لليمن لهذه الخطة لكن الغرور البائس لأبن سلمان وأبن زايد زاد الطين بلة وأخذت الحرب في التصعيد والدمار والقتل والدماء تجتاح اليمن الفقير والحصار الظالم أخذ دوره في حصد أرواح الأبرياء هناك أكثر مما حصدته الماكنة العسكرية لتحالف العدوان .
أنباء من داخل أروقة الأسرة السعودية الحاكمة كشفت عن توتر في العلاقات بين الرياض وأبوظبي، وأن ولي العهد الجديد في موقف حرج جداً على خلفية مساعي إصرار قائد القوات البرية السعودية فهد بن تركي على توزيع قوات سعودية على معسكرات قوات هادي "حماية لها من القصف الإماراتي”، وخسائر الجيش السعودي وحلفائه آخذة في تزايد كبير وسلاح الحوثي وحلفائه يحصد المئات منهم ويحقق الانتصار على كل الجبهات ولم تعد للآلة العسكرية السعودية لتي كلفتها أكثر من تريليون و500 مليار دولار حتى الآن من تحقيق ولا شرط واحد من شروط الحرب على اليمن المعلنة، والانتكاسات العسكرية الكبيرة آخذة في التزايد وحلفاء بن سلمان إما إنسحبوا من التحالف مثل قطر وإما أخذوا يفرضون أتاوات جديدة للبقاء في الحرب مثل السودان الذي يطالب بدفع مليار دولار مقابل كل ألف مرتزق يرسله لليمن .
مصادر يمنية رفيعة كشفت النقاب عن أن وفدًا مشتركا ممثلا للحوثيين وصالح، كان من المقرر أن يزور العاصمة العمانية مسقط بناء على طلب السلطنة، التي زارها مؤخرا المبعوث الأممي الى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، لبحث تهدئة الأعمال القتالية على المدن السعودية الحدودية منها في العمق التي بلغت ذروتها في الأسابيع الأخيرة؛ لكن الأمر لم يفلح ما دفع بولي العهد السعودي الطلب من المبعوث الأممي التوسط في ذلك لدى طهران، خلال لقائهما بجدة يوم الاربعاء 12يوليو/تموز الماضي تحت يافطة "بحث مستجدات الأحداث في الساحة اليمنية، والجهود المبذولة بشأنها"، بحضور خالد الحميدان، رئيس الاستخبارات العامة.
وساطات عربية واسلامية عديدة كانت قد حجت صوب طهران ومحاولات كثيرة بعضها مباشر وبعضها الآخر غير مباشر للتوفيق بين الرياض وطهران، قامت بها دول عربية واخرى اسلامية اقليمية لإعادة العلاقات بين السعودية وايران الى مجراها الطبيعي بعد القطيعة بينهما بسبب مقتل المئات من الحجاج الايرانيين في موسم حج 2015 بسب إهمال سعودي متعمد - حسب ما تقوله طهران؛ لم تفلح بعد لرأب الصدع القائم بين البلدين الاسلاميين الكبيرين كان آخرها الزيارة التي قام بها وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي حاملاً معه رسالة خطية من السلطان قابوس، ومن قبل ذلك الوساطة الكويتية (خلال مباحثات أمير الكويت والرئيس الايراني شباط الماضي في قصر بيان)، واخرى عراقية (كشف عنها وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في 14 يناير الماضي)، وثالثة تركية (حديث للسفير التركي بطهران رضا هاكان تكين مع صحيفة "اعتماد” الإيرانية)، ورابعة باكستانية (موقع "ذا إكسبرس تريبيون" الباكستاني، حيث كلف رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف كلف المدعي العام أشتار آوصاف بهذه المهمة آنذاك) و...، ومن قبل كل ذلك لبنانية عن طريق سعد الحريري خلال لقائه الأخير مع الوزير ظريف في بيروت ملتمساً إياه باعادة العلاقة مع الرياض التي لم تفلح وخسر الحريري 20 مليار دولار كان محمد بن سلمان قد وعده بها إن نجحت الوساطة لإنقاذ شركته "سعودي أوجيه" من الافلاس ... كلها ليست لحل الأزمة في اليمن وإنما لإنقاذ "الملك القادم" من ورطة اليمن .
* حركة الحرية والتغيير السعودية