إلى متى ستبقى الولايات المتحدة الأميركية قادرة على تأخير سقوط ’داعش’؟
شارل أبي نادر
تتدافع التطورات الميدانية في المعركة ضد "داعش" في سوريا، والمواكبة لتطورات تضييق الخناق على التنظيم الارهابي فيما تبقى من الساحل الأيمن لمدينة الموصل العراقية، لدرجة ان وحدات التحالف الدولي "للمحاربة بالارهاب" بقيادة الولايات المتحدة الاميركية في المنطقة، باتت فاشلة عن اللحاق بتدحرج التنظيم بين الشرق السوري والشمال العراقي.
من جهة اخرى، تتبادل الوحدات الاميركية الدهشة مع التنظيم عن سبب هذا التحول الدراماتيكي، وحيث الأخير يلفظ أنفاسه في حضن وحدات الدولة الكبرى التي خلقته ودعمته، باتت الاخيرة عاجزة عن تغطية مناورتها لتأخير سقوطه ريثما تجد البديل الذي سوف يأتي مكانه، في ظل تسارع تقدم وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه، وبشكل متزامن تقريبا، باتجاه كل مكان كان يسيطر عليه التنظيم في سوريا.
صحيح ان التحالف دأب دائما على إعاقة سيطرة الجيش العربي السوري على مواقع داعش، بطريقة مباشرة عبر قاذفاته - تحت عنوان الخطأ او الدفاع عن وحداته او عن المسلحين حلفائه الذين يدربهم - او غير مباشرة عبر الارهابيين في الكثير من المناسبات، من استهداف اللواء 137 غرب مطار دير الزور الى استهداف جبل الثردة في محيط المطار المذكور ايضا، الى استهداف وغير مرة، طلائع وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه على الطريق الى معبر التنف، وايضا في الكثير من الاستهدافات المماثلة في الشمال قرب الباب ومنبج وغيرها، فإن هذه المناورات لم تعد تنفع اليوم في ظل هذه الجهوزية اللافتة ميدانيا وعسكريا لوحدات الجيش العربي السوري وحلفائه، والذي اصبح يمتلك قدرة واضحة على تجاوز هذه المحاولات لاعاقته.
في الفترة الاخيرة جهد الاميركيون ومن ورائهم داعش لفهم اسباب التقدم الذي يحققه الجيش العربي السوري في ميادين الشرق كافة، بالاضافة الى وصوله الصاعق مع حلفائه الى الحدود مع العراق، والذي عِبرَه اكتمل الترابط الاستراتيجي مع محور المقاومة، الامر الذي فعل (الاميركيون) المستحيل لابعاد تحققه، وحيث كانت تصل اليهم تباعا الاخبار "السيئة" (الجيدة بالنسبة للحرب على التنظيم)، عن اندفاعات ميدانية مذهلة للجيش الاخير في اغلب محاور الهجوم ضد داعش، من شرقي السلمية وحمص الى جنوب شرق حماه فشرق طريق اثريا - خناصر الى جنوب غرب الطبقة فغرب الرقة، ومن شرقي تدمر وحقل أرَك الى غرب السخنة، او باتجاه المحطة الثانية على طريق تدمر البوكمال، وحيث كانوا يحضرون لمناورة يعيقون هذا التقدم من خلالها، اطلق الحرس الثوري الايراني صواريخ استراتيجية على مقر الارهابيين بدير الزور من غرب ايران في كرمنشاه و كردستان ايران من مسافة تجاوزت 650 كلم.
بعد ان حققت هذه الصواريخ بالاضافة إلى أهدافها الميدانية والعسكرية بدقة، اهدافا استراتيجية مهمة، ورداً على هذه الرسالة الواضحة والحاسمة من ايران عن دعمها الكامل وحتى النهاية للدولة السورية وللحلفاء في المعركة ضد داعش، انزلقت الولايات المتحدة الاميركية ولمرة اخرى، الى مواجهة وحدات الجيش العربي السوري مباشرة، واستهدفت مقاتلةٌ اميركية تابعة للتحالف من طراز اف 18 مقاتلةً سورية نوع سوخوي 22 في منطقة تبعد 40 كيلومترا جنوبي مدينة الطبقة بريف الرقة، والتي تشهد حاليا معارك عنيفة بين "قوات سوريا الديمقراطية" ومسلحي تنظيم "داعش، وفي الوقت الذي صرح التحالف المذكور ان المقاتلة السورية المستهدفة كانت قد هاجمت مواقع لقوات سورية الديمقراطية (قسد)، تبين ان السبب هو تنفيذ القاذفة السورية عمليات تغطية جوية لتقدم وحدات الجيش العربي السوري باتجاه موقع حساس لداعش في مدينة الرصافة غرب الرقة.
طبعا، لن يؤثر هذا الاشتباك المباشر بين الوحدات الجوية الاميركية من جهة والسورية من جهة اخرى، في طبيعة هذا الصراع الذي اصبح واضحا، ولن يكون هذا الاعتداء الاميركي المخالف بالكامل للقانون الدولي الذي يدعون كذبا التقيد به، الاول ولا الاخير، وهو لا يختلف بالمضمون عن استهدافات كثيرة مشابهة بطريقة مباشرة عبر تلك الوحدات الجوية الاميركية او غير مباشرة عبر الارهابيين في الشمال والجنوب السوري سابقا، ومن الطبيعي ان تتابع الولايات المتحدة مناورة حماية داعش من السقوط، طبعا بهدف حماية مشروعها من السقوط، ومن الطبيعي اكثر ايضا، ان تتابع وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه مناورة اللحاق بداعش حتى تدميره ودحره عن اراض سوريا والعراق، وطبعا في سبيل تحرير كامل الجغرافيا السورية وإعادة التوازن والسيادة الى كامل اراضيها.