kayhan.ir

رمز الخبر: 55745
تأريخ النشر : 2017April23 - 20:34

لماذا ترتعب ’اسرائيل’ من تزامن انتفاضة الاسرى مع جهوزية حزب الله ؟


شارل أبي نادر

تواجه "اسرائيل" هذه الايام الكثير من التحديات الامنية والعسكرية، إن كان في الداخل أوعلى حدود فلسطين المحتلة الشمالية مع لبنان أو الشمالية الشرقية مع الجولان السوري المحتل. وهذه التحديات لم تكن يوما بعيدة عن تهديد الكيان الغاصب، فهذا الاخير هو بالمبدأ قوة احتلال ولا يمكن الا ان يتعرّض لتهديدات او ان تواجهه تحديات، ولكن يبدو انه ينظر لها هذه المرة بعين الخشية والخوف والريبة، كونها تتزامن مع بعضها بعضاً في الداخل وعلى الحدود، فلماذا وما هي اسباب هذا الرعب؟

اضراب الكرامة.. أحد التحديات الكبرى التي تواجهها "اسرائيل"

لا شك ان انتفاضة الاسرى التي تواجهها الآن سلطة كيان العدو داخل الاراضي المحتلة لن تكون سهلة، طبعا هي ليست الانتفاضة الاولى التي يواجهها العدو الاسرائيلي، فهو واجه الكثير من الانتفاضات والمحاولات والثورات وحركات المقاومة وغيرها الكثير من عمليات المقاومة، وكان دائما يجد حلا لذلك، بالقوة والعنف والتهديد والضغوط على كافة انواعها، في التوقيف التعسفي والاداري، في اطلاق النار مقتلا على الفلسطينيين، في الحصار، في كافة انواع اجراءات القمع وهدم المنازل وجرفها، ولكن ما يميز هذه الانتفاضة الان هو :

-أحقية مطالب الاسرى الواضحة استنادا للقوانين الدولية ومواكبة ذلك من خارج السجون بضغوط في مختلف الاتجاهات، مع مواكبة اعلامية واسعة وفعالة، خاصة من قبل إعلام محور المقاومة بشكل عام.

-الانتشار الواسع لانتفاضة الأسرى في أغلب السجون بطريقة تبدو منظمة وواسعة ومدروسة، وواضح انها تتزايد بشكل تدريجي.

-الامان الذي يتمتع به الاسرى حاليا حيث انه لا يمكن تهديدهم بالاسر فهم داخل السجون، ولا يمكن تهديدهم بالتعذيب فهم يتعرضون لابشع أنواع التعذيب، وايضاً لا يمكن تهديدهم بالقتل، فاغتيالهم في السجون سيكون خطأً مميتاً لن يستطيع العدو تجاوز تبعاته، وحيث لا يمكن الادعاء بوجود اسلحة وسكاكين مع الاسرى او الادعاء بانهم يقودون سيارات للدهس، سيفقد هذا العدو مبررات اغتيالهم وتصفيتهم.

الجولة الاعلامية رسالة واضحة عن امتلاك المقاومة خارطة استعلامية كاملة عن اجراءات العدو

من جهة اخرى، تنظر "اسرائيل" بعين القلق لهذا التحول الاستراتيجي في قدرات حزب الله، لناحية الخبرات التكتيكية والميدانية التي اكتسبها من مواجهة جحافل التكفيريين الذين يمثلون دولاً كبيرة وقادرة ويستفيدون من دعمها، ولناحية امتلاك الحزب أسلحة وقدرات عسكرية، لا تعلم عنها "اسرائيل" الا انها فعالة وكاسرة للتوازن، وذلك استناداً الى معادلة التطور العسكري التي أثبتها حزب الله في مسار تصاعدي واضح، ظهر خلال كامل الحروب التي خاضها بمواجهة " اسرائيل".

مع هذا القلق من حزب الله، والذي يتجلى في مجمل التغييرات التي طاولت استراتيجية العدو، لناحية تغيير عقيدته من هجومية الى دفاعية وما تبعه ذلك من تحصين لجبهته الداخلية ومن تفعيل منظومات حماية اجوائه وكامل مناطق احتلاله من الصواريخ، ولناحية اقتناعه بان الحرب المقبلة لن تكون خارج الاراضي المحتلة فقط بل ستكون حتما داخلها، مع هذا القلق، جاءت الجولة الاعلامية التي نفذها حزب الله بالأمس لوسائل اعلام محلية واقليمية وغربية، والتي اضاء فيها على اجراءآت العدو الدفاعية على كامل حدود فلسطين المحتلة الشمالية، وأرسل من خلالها للعدو ولغيره رسالة واضحة عن امتلاكه خارطة استعلامية كاملة عن هذه الاجراءات على الحدود وفي العمق، وعن جهوزيته في اي حرب تفكر "اسرائيل" بشنها على لبنان، مع احتفاظه بمناورة الغموض التي يمارسها بمواجهة العدو، وعن اسلحته وعن اجراءاته في الدفاع او في الهجوم.

يربط العدو تزامن انتفاضة الاسرى وما يمكن ان ينتج عنها من تداعيات قد تؤسس لانتفاضة واسعة خارج السجون

من هنا، وفي معرض قيام العدو بربط تزامن انتفاضة الاسرى في سجونه، وما يمكن ان ينتج عنها من تداعيات قد تؤسس لانتفاضة واسعة خارج السجون وفي كامل الشارع الفلسطيني، والتي من المحتمل ان تترافق مع مناورة عسكرية، ميدانية او صاروخية تنفذها حركة حماس انطلاقا من قطاع غزة، مع ما برهنه ويبرهنه حزب الله من جهوزية كاملة، دفاعا عن الحدود مع فلسطين المحتلة، او هجوما الى ما وراءها جنوبا في الجليل وربما في العمق أكثر، يأتي الخوف والقلق لدى العدو الاسرائيلي .

وعليه ... تبقى التساؤلات التي تفرض نفسها في ظل هذا الغليان الذي يلف الوضع في المنطقة بشكل عام والتي يمكن ادراجها كالتالي:

- هل سيعمل العدو على احتواء انتفاضة الاسرى داخل سجونه من خلال تحقيق مطالبهم العادلة، والتي تضمنها اساسا القوانين الدولية وقوانين حقوق الانسان وحقوق الاسرى والمعتقلين بشكل عام؟

- هل سيعمل العدوعلى تخفيف التشنج الذي خلقه بمواجهة ايران ولبنان وحزب الله من خلال دعمه الفاضح والواضح للجماعات الارهابية في سوريا، ومن خلال تهديداته باستهداف المحور المذكور على خلفيات متعددة، منها اعادة اثارة موضوع الملف النووي الايراني وتسليط الضوء على حيازة حزب الله لاسلحة كاسرة للتوازن؟

- ام ان العدو سوف يذهب بعيدا في مواجهة انتفاضة الاسرى من خلال زيادة الضغوط عليهم وخنقهم اكثر في سجونهم وفي علاقتهم مع عائلاتهم؟

- وهل سيذهب العدو أبعد، مدعوما من ادارة اميركية تبدو الاكثر تهورا من بين كافة من سبقها من إدارات، باتجاه تصعيد عسكري واسع، يترجمه باعتداء في اكثر من اتجاه ويضع المنطقة والاقليم والعالم ربما على شفير حرب مدمرة؟

لا شك ان القادم من الأيام سوف يُظهر اياً من هذه التساؤلات سيكون له نصيب في التحقق .