روسيا ايران سوريا..ماذا بعد الحلف المتين؟
رفعت البدوي
لم يكد دخان صواريخ التوماهوك الامريكية ينقشع جراء انطلاقها من البارجة الامريكية على مطار الشعيرات السوري حتى أعطي الإذن لطائرة وزير خارجية امريكا ريكس تيليرسون بالهبوط في مطار موسكو، في محاولة لاحتواء تداعيات الاعتداء الامريكي السافر على سوريا، خصوصاً بعد بيان وزارة الدفاع الروسية القاضي بوقف كل أشكال التعاون مع امريكا فيما خص الملف السوري.
صحيح ان زيارة تيليرسون كانت مقررة من قبل، لكن المؤكد أن مفاعيل الاعتداء الامريكي على سوريا كانت حاضرة وبقوة في اللقاء، مصحوبة بمحاولة امريكية لشرح الموقف الامريكي ممزوجاً مع عروض ووعود امريكية سخية لتأمين المصالح الروسية في المنطقة وذلك بهدف اغراء روسيا لتغيير موقفها من دعم سوريا.
لقاء الرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين مع تيليرسون لم يكن مقرراً من قبل حسب جدول تيليرسون الذي كشف عنه في البيان الرسمي للخارجية الامريكية، لكن لم تكد تنتهي المباحثات بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وبين تيليرسون حتى تم تحديد موعد له للقاء الرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين..
على الأثر، صرح تيليرسون انه تم عرض المواقف آملاً في اعادة صيغة التعاون بين امريكا وروسيا بالملف السوري ما اعتبر أنه ينم عن تبدل جوهري في الموقف الامريكي مستجيباً لروسيا بعدم تجاوز الخطوط الحمراء الروسية المرسومة في سوريا.
ما ان غادرت طائرة تيليرسون مطار موسكو حتى تداعى وزراء خارجية كل من روسيا وايران وسوريا للاجتماع في موسكو بهدف التباحث ورسم خارطة التنسيق بين الحلف الروسي السوري الايراني المتين عسكريا وسياسيا.
في اجتماع الحلفاء، قدم الوفد السوري عرضاً وافياً يدحض كل الادعاءات والافتراءات الامريكية المفبركة على سوريا باستعمالها السلاح الكيميائي في منطقة خان شيخون، خصوصاً بعد تصريحات امريكية ايجابية سبقت الاعتداء الامريكي بساعات قليلة عبرت فيها بصراحة عن امكانية التعاون مع الرئيس السوري بشار الاسد في محاربة الارهاب.
سيرغي لافروف قدم من جهته عرضاً وافياً لنتائج مباحثات تيليرسون في روسيا، معلناً وبوضوح تام رفض روسيا لاي اعتداء امريكي على سوريا مضيفاً ان روسيا انتزعت وعداً من امريكا بعدم تكرار اي عمل عسكري في سوري، وهذا ما عبرت عنه الدكتورة بثينه شعبان المستشارة الاعلامية والسياسية للرئاسة السورية.
اللافت في البيان الختامي للاجتماع الثلاثي هو اللاءات الثلاثة التي اتُّفق عليها بين الحلف المتين..
لا للاعتداء الامريكي مجدداً على سوريا
لا للمس بالقيادة والرئيس بشار الاسد
لا لرسم معادلات سياسية أو عسكرية جديدة في سوريا
لعله من الخطأ الركون والاطمئنان لمجرد وعود امريكية أثبت التاريخ الامريكي عدم جدواها أو الإيفاء بأي منها..
فها هي امريكا تقتل الابرياء المدنيين في الموصل في مجزرة موصوفة بحجة ضرب "داعش" دون حسيب ولا رقيب، وها هي امريكا تعلن انها استعملت "أم القنابل" في افغانستان بحجة ضرب انفاق الارهابيين في ذاك البلد، في محاولة لعرض عضلاتها وإخافة دول الممانعة في المنطقة، وها هي امريكا تنفذ انزالا عسكرياً في الشمال السوري على الحدود مع العراق في محاولة لتنفيذ فصل جغرافي بين العراق وسوريا، وها هي امريكا تنفذ غارة على جبل الثردة ضد قوات الجيش العربي السوري ادعت انها نتيجة خطأ عسكري لكن الهدف الحقيقي من الغارة كان لمنع الجيش العربي السوري من استكمال تقدمه وتحرير المزيد من المناطق الشمالية في سوريا، وها هي امريكا تحرك قطعاً من اسطولها البحري الى البحر الابيض المتوسط وتفرغ حمولتها اللوجيستية والعسكرية في الاردن في اكبر حشد عسكري امريكي منذ اندلاع الاحداث في سوريا؛ في محاولة لاختراق جبهة الجنوب السوري وفصل الشرق السوري عن شماله مع العراق.
الخطاب الامريكي تبدل بين ليلة وضحاها وعادت سيمفونية تنحي الرئيس بشار الاسد للتداول اضافة لمزاعم الادارة الامريكية عبر وزير دفاعها جيمس ماتيس ووزير خارجيتها ريكس تيليرسون والناطق الرسمي باسم البيت الابيض، نضيف اليهم الملك الاردني عبدالله الثاني ودول الخليج البترولية بالاشتراك مع "اسرائيل" وتركيا اردوغان، وذلك عبر حملة اعلامية مبرمجة مفبركة تدعي وجود نوايا ودور إيراني داعم للارهاب في المنطقة.
واذا ما اخذنا قيام الرئيس الامريكي دونالد ترامب بتوجيه من الكونغرس الامريكي بإعادة النظر بالاتفاق النووي الايراني والبحث عن ثغرات فيه نرى ان هناك نوايا امريكية بالاشتراك مع حلفائها في قيادة حملة جديدة سياسية دبلوماسية عنوانها الفبركة وامتهان الكذب والافتراء من اجل امتلاك مبررات تؤدي الى غطاء شرعي مزيف للقيام باعمال عسكرية بهدف إعادة عجلة الامور الى نقطة انطلاق جديدة تعيد امريكا الى قيادة المنطقة.
الحلف الروسي الايراني السوري
يبقى السؤال.. نحن في محور المقاومة هل نبقى بموقع رد الاعتداء ولعب دور المدافع؟ وهل نكتفي بالاعلان عن قيام الحلف المتين، ام ماذا بعد الحلف المتين؟
ان الهجمة الشرسة التي تقودها امريكا وحلفاؤها تحتم علينا عدم الاكتفاء باللاءات الروسية الثلاثة او الاعلان عن الحلف المتين في مواجهة الهجمة الامريكية بل وجب علينا الاعتراف اننا اضحينا امام صراع محاور متقابلة كما يستلزم الامر منا اعداد الخطط السياسية والدبلوماسية وحتى العسكرية لمواجهة الافتراءات وخطط امريكا العسكرية وبشكل يُفهِم امريكا وحلفاءها من هواة التقسيم لمنطقتنا العربية واللعب بمصير شعبنا والتفريط بفلسطين ان بعد اجتماع الحلف المتين في موسكو ليس كما قبله وان خطط اعداء الحلف المتين ستواجه بقوة وبحزم وان العواقب لن تقتصر نتائجها على جغرافيا وشعب دول الحلف المتين او دول الممانعه فقط بل انها ستطال جغراقيا الدول المتآمره برمتها وفي مقدمتها الكيان الصهيوني.