الطريق من الرقة إلى الموصل ورسائل النفوذ التركية ..العبادي يتحمل المسؤولية !؟
هشام الهبيشان
أن ينفجر الموقف السياسي والعسكري بشكل مفاجئ بين الاتراك والعراقيين ،وان يتحول الوجود التركي في شمال العراق إلى أمر واقع يفرض بالقوة من الجانب التركي ،فهذا بمجموعه تتحمله الحكومة العراقية التي ارتكبت خطأ فادح عندما صمتت خلال العشرة اشهر الماضية على الانتهاكات التركية بشمال العراق ،فكان من الواجب على الحكومة العراقية أن تتخذ قرارآ عسكريآ فوريآ بالتصدي للعدوان التركي على الاراضي العراقية الذي كان تحت حجج محاربة حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش،أو على الآقل ان تتوجه إلى مجلس الامن والامم المتحدة لردع الاتراك عن هذا العدوان السافر على الاراضي العراقية ،ولكن اعتقد ان هذه المرة ستكون الامور مختلفة فاليوم هناك غزو مباشر وعلني بري وجوي للاراضي العراقية من قبل الدولة التركية ، وهناك حرب تصريحات شنها أردوغان وبعض المسؤولين الأتراك بشكل مباشر على شخص العبادي بالتحديد وعلى الكثير من القوى السياسية والعسكرية العراقية ،ومن هنا اعتقد ان القادم من الايام سيحمل الكثير من التطورات الدراماتيكية على صعيد الرد العراقي عسكريآ وسياسيآ وامميآ على العدوان التركي السافر على الاراضي العراقية ، وخصوصآ بعد توعد الحشد الشعبي في العراق تركيا برد مزلزل في الميدان.
وهنا،لايمكن أنكار حقيقة أن الاتراك حاولوا وما زالوا يحاولون المسّ بوحدة الجغرافيا والديمغرافيا للدولة العراقية من خلال السعي للسيطرة والنفوذ على مساحات جغرافية من شمال العراق ،فالنظام التركي أظهر منذ بداية الحدث العراقي رغبته الجامحة بسقوط شمال العراق خصوصآ والعراق كل العراق في أتون الفوضى، ودفع كثيراً باتجاه انهيار الدولة والنظام السياسي العراقي ،وهذا الامر ينطبق كذلك على اطماع الاتراك بالشمال السوري، فكانت لهم صولات وجولات في هذا السياق، ليس أولها فتح حدودهم بالكامل أمام السلاح والمسلحين العابر والعابرين للقارات من تركيا مرورآ بسورية وإلى العراق وليس آخرها ما جرى من أحداث مؤخرآ من غزو للاراضي العراقية،واعتقد ان الهدف الرئيسي للتدخل التركي هو الاستحواذ والسيطرة على جزء من الجغرافيا العراقية لتحقيق مطامع اقتصادية وسياسية تركية،فتركيا لم تأتي للعراق لمحاربة حزب العمال الكوردستاني أو لضرب تنظيم داعش الإرهابي والتي تعتبر من اهم داعميه ، و انما جاءت لغزو العراق بعد ان تيقنت بأن مساحة المناورة لها بسورية قد ضاقت بشكل كبير بعد التدخل الروسي ، ولهذا قررت التحرك بالعراق لإيجاد هامش واوراق مناورة جديدة لها بالاقليم ،وهنا لايمكن انكار حقيقة أن الغزو التركي للاراضي العراقية ما كان ليتم لولا التوافق والدعم لهذه الخطوة التركية من بعض الانظمة العربية والغربية وبعض القوى السياسية العراقية ببغداد واقليم كردستان .
بهذه المرحلة تحديدآ ،يمكن القول أن المرحلة المقبلة ستشهد حتمآ تغيرآ ملموسآ بقواعد الاشتباك بالاقليم ككل وعلى مستوى القوى العالمية الكبرى بعد الغزو التركي للاراضي العراقية ،فاليوم نرى ان هناك مباركة إلى حدما من بعض القوى العربية والمجاورة للعراق مثل السعودية وغيرها لهذه الخطوة التركية ،وهذا الامر ينطبق كذلك على الموقف الأمريكي المؤيد للخطوة التركية إلى حد ما ،بحين نرى ان إيران عارضت هذه الخطوة التركية ووقفت ضدها ،وهذا الامر ينطبق كذلك على الموقف الروسي ،وهذا الامر بحد ذاته وبهذه المرحلة بالتحديد ،يؤكد أن جميع المعطيات الإقليمية والدولية في هذه المرحلة، تشير إلى تصعيد واضح بين الفرقاء الإقليميين والدوليين، وهذا بدوره سيؤدي إلى المزيد من تدهور الوضع في العراق وتدهور أمن المنطقة ككل،كنتيجة لهذا الغزو التركي للاراضي العراقية.
بهذه المرحلة أيضآ ،قد يكون تمركز قوات الدفاع الشعبي الكردستاني في قضاء سنجار بعد تحريره من تنظيم داعش ،هو جزء من الأسباب للتدخل التركي،ولكن هنا لايمكن انكار حقيقة ان هناك بعض التنسيق بين الاتراك وبعض القوى الكردية الفاعلة باقليم كردستان ،وهنا يجب التأكيد على أن هذه المسألة بالتحديد وهي مسألة التدخل التركي والغزو للاراضي العراقية ،هي مسألة معقدة جدآ ،وليس من السهولة التنبؤ باسبابها غير المعلنة ،والقادم من الايام سيحمل مزيدآ من الاحداث التي ستكشف حتمآ الهدف الحقيقي للغزو التركي للاراضي العراقية.
هنا ،من الطبيعي ان يشكل الغزو التركي خطرآ كبيرآ على مستقبل الدولة العراقية سياسيآ وامنيآ وجغرافيآ وديمغرافيآ ،وخصوصآ بعد اتضاح حقيقة التعاون بين الاتراك وتنظيم داعش ،وهذا ما يؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد احداث دراماتيكية عسكرية وسياسية ضد هذا الغزو التركي للاراضي العراقية ،وهذا مايؤكد أن الدولة العراقية والجغرافيا السياسية العراقية قد دخلت بمرحلة اشتباك دولي واقليمي جديد ،وعلى ضوء نتائج هذا الاشتباك سترسم من جديد الخارطة السياسية والجغرافية للاقليم والمنطقة العربية ككل.
ختامآ ،من المؤكد أن الغزو التركي للاراضي العراقية يرتبط ارتباط وثيق بما يخطط له الأتراك من اقامة مناطق عازلة بالشمال السوري ،فمحاولة وصل منطقة نفوذ تركية تمتد من شمال شرق سورية إلى شمال غرب العراق هو مخطط تركي قديم، ولهذا هم يسعون للاحتفاظ بمنطقة نفوذ جديدة بشمال العراق وبالموصل بالتحديد لضمان فرض سيطرة تركية ومساحة نفوذ ومناورة تركية جديدة بالاقليم ،وهذه الخطوة سيكون لها تداعيات كارثية على أمن المنطقة والاقليم ككل.