kayhan.ir

رمز الخبر: 46309
تأريخ النشر : 2016October08 - 20:03

أردوغان والفتنة المذهبية


حميدي العبدالله

إذا كانت التنظيمات المتشدّدة مثل داعش وجبهة النصرة وكثير من التنظيمات السلفية، تكفّر المسلمين من أتباع المذاهب الأخرى، سواء كانوا من الشيعة أو العلويين أو الدروز، أو السنة الذين لا يتبعون المذهب الوهابي، ويحللون دمهم ويدعون إلى أولوية مقاتلتهم، وبذلك يشعلون نار الفتنة المذهبية على امتداد العالم الإسلامي، ولا سيما في الوطن العربي، ويحجمون فعلياً عن مقاتلة الكيان الصهيوني، ويتحالفون ويتعاونون مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة، فإنّ سلوك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يختلف عن سلوك هذه التنظيمات التكفيرية، مع فارق أنّ تكفير أتباع المذاهب الذي يختلفون مع داعش والنصرة والتنظيمات السلفية الأخرى يعتمد أحياناً على ادّعاءات فقهية، في حين أنّ ما يعتمده أردوغان يعتمد على المصالح السياسية. عندما يصرّح أردوغان علناً أنه بعد تحرّر الموصل لن يسمح بأن يتواجد فيها غير السنة العرب والسنة التركمان، فإنه بذلك لا يقترف فقط جريمة التدخل في الشأن الداخلي لدولة ذات سيادة معترف بها من قبل تركيا ومن قبل الأمم المتحدة ومن قبل منظمة التعاون الإسلامي، بل إنه يرتكب جريمة التمييز المذهبي والطائفي، إذ من المعروف أنّ مدينة الموصل والمناطق المحيطة فيها، يقطنها مسيحيون وشيعة وسنة، وبالتالي فإنّ الدعوة إلى عدم السماح لسكانها من كلّ الأطياف العراقية التي تقطن منذ آلاف السنين بالعودة إلى هذه المدينة، هو شكل من أشكال التكفير المذهبي – السياسي الذي يقود إلى ضرب وحدة الشعب العراقي وزرع الفرقة بين أبنائه.

لا شك أنّ هذه المفاهيم التي يتبناها أردوغان، إذا كانت تشكل خطراًً على سورية والعراق ومصر، فإنّ هذا الخطر لن يوفر تركيا بالذات.

داخل تركيا ثمة مذاهب إسلامية أخرى مثل العلويين والشيعة، وبديهي أنّ من يفرّق بين المسلمين في العراق وسورية، فإنه سيقع في براثن هذه السياسة في بلده، وسيقود ذلك إلى تمزيق وحدة الشعب التركي.

إنّ مفاهيم أردوغان لم تعد خطراً على شعوب دول المنطقة الإسلامية والعربية، بل إنها تمثل أيضاً خطراً على تركيا، والشعب التركي مثله مثل الشعب السوري والعراقي له مصلحة في مقاومة هذه السياسة التدميرية والخطيرة، التي تقود إلى زرع الفتن وإثارة الحروب الداخلية.

شعوب المنطقة وفي طليعتها الشعب التركي له مصلحة حيوية في التصدّي لسياسات من نوع السياسات التي يتبناها أردوغان، ولا يجب أن يقتصر الردّ على هذه السياسات على ردّ الخارجية العراقية التي أدانت تصريحات أردوغان حول المواصل.