kayhan.ir

رمز الخبر: 45079
تأريخ النشر : 2016September14 - 19:40

مؤتمر غروزني: يوم أقصت الوهابية نفسها


محمد محمود مرتضى

كتب تركي الصهيل في صحيفة "مكة" السعودية بتاريخ 5/8/2016 الخبر التالي: "وجه مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ انتقادات لاذعة للنظام الإيراني ومرشده الأعلى علي خامنئي، واصفا إياهما بأنهما أعداء الإسلام والعقيدة".

واعتبر آل الشيخ في اتصال هاتفي أجرته معه "مكة" أن تهجم خامنئي على السعودية وطعنه في إجراءاتها الخاصة بموسم الحج "أمر غير مستغرب" على هؤلاء، مضيفا بقوله "يجب أن نفهم أن هؤلاء ليسوا مسلمين، فهم أبناء المجوس، وعداؤهم مع المسلمين أمر قديم وتحديدا مع أهل السنة والجماعة".

وأكد ثقته بأن "من يحاول التشويش على خدمة السعودية للحج والحجيج وقاصدي الحرمين الشريفين لن ينالوا مرادهم، وذلك لأن المسلمين كلهم ثقة بما تقوم به حكومة هذه البلاد من خدمة للحرمين بناء وتشييدا وتوسعة".

ربما يمثل هذا الخبر، وما فيه من تكفير، الطريقة الفضلى لمقاربة مؤتمر "من هم أهل السنة والجماعة" والذي عقد في العاصمة الشيشانية غروزني. ذلك المؤتمر الذي اثار غضب المملكة العربية السعودية بسبب عدم دعوتها من قبل المنظمين له، اضافة الى ما تضمنه من كلمات لا سيما كلمة شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب. فضلا عن التوصيات الختامية التي خرج بها من اعتبار "اهل السنة والجماعة" من الناحية العقيدية هما الاشاعرة والماتريدية فيما المذاهب الاربعة المشهورة يمثلون السنة والجماعة من الناحية الفقهية، وأهل التصوف الصافي علما وأخلاقا وتزكية على طريقة سيد الطائفة الإمام الجنيد ومن سار على نهجه من أئمة الهدى. بحسب ما جاء في التوصيات الختامية للمؤتمر.

مؤتمر غروزني : الوهابية تقصي نفسها

من وجهة نظر عقائدية وهابية فان العقيدة الاشعرية والماتريدية عقائد منحرفة فيما التصوف عندهم اهل بدع وخرافة، اما المذاهب الفقهية فقد تعامل معها الوهابيون باستهتار، ضاربين بعرض الحائط كل رأي يعارض رأي ابن تيمية.

هذا في الفضاء السني، اما خارجه فان التكفير والتضليل والزندقة والرافضية والمجوسية وغيرها هي الاتهامات التي تكيلها الوهابية .

منذ صعودها، فان الوهابية لم تعترف بصحة عقيدة ولا شرعية تعبد بأي رأي يخالف رأيها، فأفتت بكفر او ضلال كل من عداها، وصرفت الاموال الطائلة في سبيل ذلك، لكن الاخطر من ذلك كله انها سطت على مفهوم «السلفية» و«اهل السنة والجماعة» وجعلته حكرا لها.

والواقع ان مؤتمر غروزني لم يقصِ الوهابية عن الاسلام ولم يكفرها كما فعلت هي مع باقي المذاهب، بل ان شيخ الازهر عندما تحدث عن اهل السنة والجماعة فانه قد عدّ أهل الحديث منهم، ومن ناحية منهجية فان الوهابية تُحسب على اهل الحديث، ورغم ذلك فان المملكة شنت عبر مفتيها ومشايخها ودعاتها وصحافتها حملة كبيرة على المؤتمر وعلى الأزهر وشيخه. وفي ردودها هذه ما يؤكد المنهجية الاقصائية للوهابية منها على سبيل المثال التقليل من اهمية المؤتمر لأنه عقد في بلاد (القوقاز) التي « تعاني منذ زمن من تمكن أهل الخرافة فيه»( اشارة الى الصوفية) بحسب ما نقلت «هوفينغتون بوست» عن الشيخ «سعود بن علي الحنان» إمام وخطيب جامع النفيسة بالرياض.

لم تتحمل المملكة اقصاءً من مؤتمر، لا من دين، وهي التي اقصت المسلمين جميعا من الاسلام. ولعل السبب الحقيقي الذي اغضب المملكة والوهابية ان عدم دعوتها يعتبر بمثابة ضربة قوية لمحاولاتها الحثيثة منذ عقود على تقديم نفسها على انها تمثل قائدة للعالم السني سياسيا، وتقديم الوهابية نفسها دينيا على انها وحدها تمثل الاسلام "الصحيح".

وفي الواقع، فان من اقصى المملكة والوهابية عن المؤتمر هي المملكة والوهابية نفسها، وان هذا المؤتمر وهذه الأصوات التي ارتفعت الآن كان ينبغي لها ان ترتفع منذ زمن بعيد.