kayhan.ir

رمز الخبر: 40265
تأريخ النشر : 2016June17 - 18:01

إشعال الحرائق .. مقدمات للحرب !

تعالوا نستذكر الأوضاع التي كانت سائدة في جنوب لبنان … أثناء السنتين الأخيرتين اللتين سبقتا الغزو الإسرائيلي في حزيران 1982 … أعتقد ان بإمكاننا أن ننعت المشهد الذي كان ماثلاً آنذاك بالصراع بين ثلاثة أطراف تتفاوت حجماً وقوة . الرأي عندي ان السمة الرئيسية التي طبعت تلك المرحلة هي صيرورة نحو الإهتراء والعفن.

كانت الغاية هي تصفية الحركة الوطنية اللبنانية، ليس لما تمثله من قدرة مادية على إعاقة أنشطة الأطراف الأخرى على الأرض، ولكن لخنق «الروح أو النفس» الوطنية. بمعنى آخر من أجل إفراغ المكان من الأحزاب والحركات الوطنية، أو بالأحرى إخلائه من جميع التراكمات التي تكونت بعد هزيمة حزيران 1967 من نوع : حرب الشعب التحريرية !

بكلام آخر كان العمل جارياً على إرجاع المجتمع في جنوب لبنان، الى ما قبل هزيمة 1967، بل إلى ما قبل سنة 1943 تاريخ إستقلال البلاد. تجسد ذلك بتمذهب الساحة الجنوبية إلى حد فرض الإنتماء المذهبي فرضاً، وبعزل ونبذ جميع الذين رفضوا أو ترددوا فلم ينضووا في هذا التيار الذي بدت عليه جميع صفات الفاشية !

أما الطرف الثالث فهو الفصائل الفلسطينية، التي كانت تصرفاتها تعبر من وجهة نظري عن حالة متقدمة من القلق والضياع، إذ كان واضحاً أنها فقدت جميع حلفائها الوطنيين والقوميين ليس في لبنان وحسب وإنما في الفضاء العربي .من البديهي أن عناصر هذه المشهدية المحزنة والمؤلمة كانت تتحرك آنذاك بواسطة خيوط كانت الأيدي التي تمسك بها تظهر أحياناً بوضوح. ولكن إيفاء هذا الموضوع يتطلب تفاصيل لا يتسع لها المجال هنا.

ما حملني على أن أضع هذه التوطئة هو ما يتناهى في هذه الأيام إلى العلم عن الأوضاع السائدة في ضاحية بيروت الجنوبية، بالتلازم مع تصعيد الضغوط الأميركية على المؤسسات اللبنانية، واستجابة هذه الأخيرة، بقصد عزل حزب المقاومة وفصله عن الدولة، تطبيقاً للحكم الذي تولى آل سعود تنفيذه « في مجلس التعاون « ثم في «جامعة الدول العربية» بتوصيف هذا الحزب «بالإرهابي» الخارج عن القانون .

بتعبير آخر نحن حيال سيرورة غايتها قلب مفاهيمنا واستبدالها. فإذا كان الذين تصدوا لمقاومة المستعمرين الإسرائيليين الذين احتلوا أرضنا وقتلوا أهلنا وهدموا منازلنا إرهابيين، ذلك يعني أن المستعمرين الإسرائيليين ليسوا إرهابيين!

ما أود قوله هو ان ما يجري في الضاحية الجنوبية لبيروت يشبه ما جرى في جنوب لبنان في الفترة التي سبقت الغزو الإسرائيلي. آنذاك كان المطلوب هو تصفية الحركة الوطنية اللبنانية ومحو القضية الفلسطينية في لبنان. أما الآن فإن الغاية التي لا جدال حولها هي تصفية حزب المقاومة (حزب الله). أي بكلام صريح وواضح، إن العصابات التي تعيث فساداً الآن، في الضاحية الجنوبية لبيروت، وفي البقاع والجنوب أيضاً، إنما هي أدوات تستخدم من أجل إضعاف المقاومة وإرباكها، وجرها إلى الوقوع في حبائل أعدائها .

هل يعني هذا أن على المقاومة أن تتوقع قريباً بدء حرب جديدة ضدها؟ من البديهي القول أن الإجراءات المصرفية التي اتخذت في لبنان تطبيقاً للقرار الأميركي القاضي بمقاطعة حزب المقاومة تزيد من خطورة الوضع في لبنان بدرجة أعلى بكثير مما نتج في 7 أيار 2008 من قرارات السيدين فؤاد السنيورة ووليد جنبلاط بخصوص شبكة الإتصالات الأرضية .

ما يهم في الراهن، من وجهة نظري طبعاً، هو الإعتراف بأن العصابات التي تعمل في الضاحية الجنوبية لبيروت، تتحرك بواسطة خيوط يمسك بها أعداء حزب المقاومة . الإعتراف أساس المعالجة. ينبني عليه أن العصابة أو «الشلة» التي تحرق بناية بسبب خلاف شخصي وتلك التي تتسبب بانقطاع الكهرباء وبانفجار أنابيب مياه الشفة، من أجل رواج تجارة كهرباء المولدات ومياه الآبار الإرتوازية .. هذه العصابات هي أدوات لفتح ثغرا في تحصينات المقاومة في لبنان ! مجمل القول ان الذي يحرق بناية في ضاحية بيروت الجنوبية هو كمثل الذي يفجّر سيارة في وسط الجموع .