العراق لا يقبل القسمة الاميركية
مهدي منصوري
بدأت المشاريع التي تسعى لتقسيم منطقة الشرق الاوسط تظهر بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 والتي ابتدأها بوش بغزوتين ظالمتين على العراق وافغانستان لتكون الخطوة الاولى للسيطرة على هذين البلدين ومن ثم العمل على البداية بتنفيذ المشروع الاميركي والتي عبرت عنه وزير الخارجية آنذاك كوندليزا رايس بالشرق الاوسط الكبير.
ومنذ تلك اللحظة وليومنا هذا عمقت واشنطن وبالتعاون مع ذيولها في المنطقة على توفير الاجواء نحو هذا التقسيم والذي لايقوم على ما قامت عليه معاهدة سايكس بيغو المشؤومة بتوزيع اراضي البلدان وضمها الى بعضها البعض الاخر. بل ان الامر قد تعدى ذلك الى ما هو اخطر واعمق وهو ان يقوم تقسيم الدول على اساس مذهبي وهو ما نلاحظه اليوم من تعميق هذا التصور لدى الشارع الاسلامي من خلال الفضائيات المتنوعة والتي تعتمد التأليب على مذاهب المسلمين بذريعة انها تريد ان يطلع ابناء المسلمين على ما تحمله هذه المذاهب من افكار او ما يسمى بتنوير الرأي العام الاسلامي، ولكنها وبنفس الوقت تزرع روح الحقد والكراهية سواء كان بين ابناء المذهب الواحد والمذاهب الاسلامية الاخرى.
وبطبيعة الحال فان هذا الامر قد زرع بذرة الشقاق والافتراق بين المسلمين بحيث يدفع كل طرف ان يتمسك بموقفه الى حد ان التعايش بينهما قد يكون من المستحيل،مما جعل واشنطن الاستفادة من هذا الخلل باللجوء الى ايجاد كيانات في البلدان التي فيها تعدد مذهبي اي ما يمكن ان يقال القيام بالتقسيم الطائفي وهو مانراه واضحا في العراق وسوريا.
ولابد من الاشارة الى ان هذا لاامر لم يكن وليد الصدفة كما اسلفنا بل قد خطط له وبدقة متناهية بحيث نعيد الذاكرة على ما صرح به مدير الاستخبارات الفرنسية باجوليه قبل اكثر من عام وفي مؤتمر صحفي جمعه في واشنطن مع مدير وكالة الاستخبارات الاميركية برينان بقوله "ان الشرق الاوسط الذي نعرفه انتهى الى غير رجعة".
وكذلك الى التصريح الاخير الذي صدر عن احد رجال الاستخبارات الاميركية اخيرا والذي قال فيه "لايوجد هناك عراق موحد، وان هذا العراق قد انتهى" اي مما يعكس ان الادارة الاميركية قد وضعت في حسبانها ان لايعود العراق الى سابق عهده ، ولذلك فهي تبذل قصارى جهدها من اجل الوصول الى هدفها المشؤوم، وقد يكون العراق هي البداية والخطوة الاولى للتقسيم لكي تليه بلدان اخرى في المنطقة قد وضعت على هذه الطاولة وقد تكون السعودية واليمن ومصر من هذه الدول.
ولكن ونظرا لما يجري على الارض يؤكد ان واشنطن ستفشل في مشروعها التقسيمي الجديد لانه واجه رفضا قاطعا وكبيرا من الشعوب. ولابد من الاشارة الى ان واشنطن قد استعانت وبشكل فاضح على المجاميع الارهابية التي عملت على تدريبها وتمويلها وخاصة "داعش" من اجل تحقيق هذا الهدف الا ان المواجهة الشاملة والقوية التي تمارسها القوات العراقية مدعومة بابناء الحشد الشعبي والتي وضعت الارهابيين في وضع مأساوي بحيث انهم ينتظرون الموت او اذا تمكنوا الفرار.
وقد اثبتت الانتصارات الاخيرة دحر هؤلاء القتلة وطردهم من المدن التي كانوا يحتلونها، وهذا دليل قاطع على ان العراقيين لايريدون تقسيم بلدهم وسيقطعون اليد التي تريد لهم ذلك وسيفشلون المشروع الاميركي وسيبقى العراق ذلك البلد الموحد ارضا وشعبا وبذلك تسقط نظرية سايكس بيكو الجديدة.