ضباع السياسة تلحس موائد اسيادها
بعد ان دخلت موسكو بقوة على خط الازمة السورية وفرضت نفسها على هذه الساحة كلاعب فاعل ومؤثر لم يكن امام الادارة الاميركية حيلة سوى مماشاة موسكو لادارة هذا الملف حفظا على مصالحها وكان من نتائج هذا التنسيق هو اسدال الستار على المجموعة الدولية المسماة ب"الدول الداعمة لسوريا" ان لم نقل قد صدر بحقها شهادة الوفاة لكننا نفاجأ بالامس الاول ان باريس تجمع عشرة ممثلين عن هذه الدول بحضور اطراف من المعارضة السورية لمناقشة الوضع في سوريا ودفع الامور باتجاه الحصول على ادانة دولية لدمشق واسترضاء السعودية بهدف الحصول على صفقة جديدة والاكثر من ذلك ان باريس ارادت من هذه الخطوة احياء دورها المهمش في القضية السورية بعد ان استلم ملفها الجانبين الروسي والاميركي.
لكن ما افشل المسعى الفرنسي في محاولته اليائسة لاستثمار هذا الاجتماع لاحياء دوره في الازمة السورية هو البيان المسبق للجانبين الاميركي الروسي بالدعوة لاستئناف الحوار بين الاطراف السورية في اقرب وقت ممكن وهذه انذار واضح للمعارضة السورية المحسوبة على الرياض والتي انسحبت من آخر اجتماع في جنيف العودة اليها دون تأخير.
اتفاق الوزيرين كيري ولافروف على ضرورة مواصلة المفاوضات بين جميع اطراف المعارضة والحكومة السورية وباشراف الامم المتحدة مع التزام بنظام وقف اطلاق النار من قبل الطرفين فوت الفرصة على باريس ووجه لها صفعة قوية وللذين جمعتهم لانهم يريدون وبشكل فظ وفاضح استخدام الارهاب كلاعب وشريك في الحوار من خلال تقديم الدعم السياسي للمجموعات الارهابية المدعومة من قبل السعودية وتركيا.
باريس التي اذعنت بشكل خجول بتعثر جهودها لاستعادة اي دور لها في جنيف قدمت من خلال وزير خارجيتها جان ماك اير ولت بيانا مقتضبا عقب انتهاء هذا الاجتاع لتغطي على فشلها بالقول ان وزيري الخارجية الاميركي والروسي قدما تصريحا يجب احترامه من قبل الجميع وتنفيذه في اقرب وقت ممكن. واستمرار لهذا الموقف سارعت معارضة الرياض الاستجابة فورا بالتاكيد بان "المعارضة تأمل العودة لمحادثات السلام في جنيف."
هذا التراجع اللافت في الموقفين الفرنسي والمعارضة السورية المأمورة بالوظيفة يؤكد بما لا يقبل ا لشك بانه لاسلام ولا استقرار ولا حل في سورية دون مشاركة فاعلة ومؤثرة من الحكومة السورية الحالية التي تحظى بالشرعية خاصة وانها تتحكم بالميدان وتدافع عن مؤسسات الدولة وشعبها امام مجموعات ارهابية لا تعرف سوى سفك الدم والتخريب والدمار وهذا ما فعلته على مرى ومسمع من العالم خلال الايام الماضية في حلب وروعت سكانها لا لشيء سوى ارضاء لنزواتها الشيطانية والدموية.
لكن ما كان هزيلا ومضحكا ومستهجنا من قبل الجميع هو خروج وزير خارجية مملكة آل سعود المدعو عادل جبير عقب اجتماع باريس الفاشل بالمطالبة بتنحي الرئيس الشرعي بشار الاسد في وقت يمثل هو نظاما قبليا ومستبدا وطاغيا تسلط على رقاب ابناء الجزيرة العربية بقوة الحديد والنار ولا يمتلك اية شرعية تخوله التحدث عن الاخرين او التدخل في شؤونهم وهذه من اقبح الامور المستنكرة التي يجب محاسبته عليها لانه يتطاول على ارادة شعب حر وبلد مستقل ذات سيادة يمتلك خياره وقراره الوطني في انتخاب نظامه ورئيسه.