قينان الغامدي وسيف الغباء
محمد محمود مرتضى
إن الحديث عن الغباء هنا لا يتعلق بكون الكاتب السعودي قينان الغامدي، الذي يكتب لصحيفة الوطن السعودية، يكتب كمعادٍ لايران وحزب الله وسوريا ولكل خط المقاومة والممانعة، وليس لكونه تعاقب على مبايعة "ولاة امر” كادوا ان يكونوا أمّيين، بل لكونه جزءا من منظومة ابواق سعودية تطلق الكذبة وتصدقها، بل تتعامل معها تعامل المسلمات، فتدخل في منظومة "المعطيات” البديهية.
في مقالة للكاتب بعنوان " إيران لن تتغير ما دامت في قبضة التنظيم: (الولي الفقيه) خرافة لا بد من دفنها” يجيب عن سؤال يتعلق بإمكانية ان تتغير ايران بالقول: "لن تتغير!! ليس لأن دستورها ينص على تصدير الثورة فقط، وليس لأنها دولة!!- مع تحفظي على إطلاق مصطلح دولة عليها- مارقة مجرمة”. يتحفظ الغامدي على كلمة صفة دولة بحق ايران حتى يخال للمرء انه ينتسب الى دولة عريقة بالعمل والممارسة الديمقراطية، ولعل العذر الوحيد الذي يمكن ان نعذره عليه ان الغامدي لم يعش طوال حياته في "دولة” فلا يعرف معناها ولا يفقه مغزاها ولا اختبر ممارستها. معذور الغامدي فالانسان عدو ما يجهل وهو ولد وعاش وسيموت في بقعة جغرافية في شبه الجزيرة العربية اطلق عليها مغتصبوها اسم "المملكة العربية السعودية”. اذن عاش الغامدي في مملكة، دستورها عبارة عن نظام عائلي صاغه آل سعود ويبدأ بعبارة: "بعون الله تعالى: نحن فهد بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية أمرنا بما هو آت: أولاً – إصدار النظام الأساسي للحكم بالصيغة المرفقة”. اذن هذا الدستور هو أمر من "ولي الامر” لا اتفاق وشراكة كما ينبغي وكما هو عليه حال الدساتير في العالم. فمن الطبيعي والحال هذا ان يعتبر الغامدي ان ايران ليست "دولة” فانه لم يعتد ولم يألف الا النظام الملكي المطلق، حيث العائلة المالكة هي الخصم والحكم، بيدها كل مقاليد الامور، تجب طاعتها والا فالحكم على من يخالفها بالقتل لأنه خرج عن طاعة الولي.
لكن الغباء الغامدي لم يقتصر على هذا الامر بل تعداه الى كذبة اخرى عندما قال ان "الخلاف بين المملكة وإيران ليس مذهبيا مطلقا، بل هو خلاف سياسي بسبب النوايا والأفعال التوسعية التي وجه التنظيم إيران لممارستها" نعم، ربما يمتلك الحق بجزء من كلامه، إنه ليس صراعا طائفيا من جهة ايران، لكنه ليس كذلك من جهة ال سعود والوهابية البغيضة، لذلك كانت المملكة على وئام مع شرطي الخليج الايراني في عهد الشاه المخلوع، ولم تظهر المملكة كل هذه البغضاء الا بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران، فشنت الحرب عليها عن طريق صدام حسين، فاذا كانت الخلفية التي تحرك المملكة ليست الخلفية المذهبية فلماذا كل هذه المصطلحات الطائفية التي تحشدها ضدها من قبيل: الدولة الصفوية والمجوسية والرافضية.. الخ فهل هذه المصطلحات ذات بعد سياسي ام طائفي بغيض؟!!.
لكن أكثر أكاذيب الغامدي وقاحة تلك التي أطلقها بقوله: "والمملكة مدت يد التعاون والأخوة مع إيران”. ربما يعتبر الغامدي ان دعم صدام حسين بالاموال في حربه على ايران وفتح خزائن المملكة له هو من قبيل "يد الاخوة”! وربما ايضا يعتبر الغامدي ان تفجير بئر العبد عام 1985 الذي وقف وراءه بندر بن سلطان هو ايضا محاولة سعودية لتعميد الاخوة بالدم! شلت يد الاخوة اذا ما كانت على هذه الشاكلة. فيد التعاون والاخوة السعودية والوهابية لم تمد الا الى الصهيونية واسرائيل، اما عربيا فان يد المملكة مدعومة باموالها لم تمد الا لزرع الفتن والشقاق في صفوف الامة، واجهاض كل محاولات الوحدة.
على أن "داء الغباء” لا يقتصر على الغامدي بل انتقلت عدواه الى معظم الصحف داخل المملكة وتلك التي تعتاش على اموالها خارجها.
يقول سعيد بن عطية ابو عالي في مقالة له بعنوان "نحن وإيران” في صحيفة اليوم السعودية: "تأتي إيران في مقدمة الدول التي سعينا للتفاهم معها مباشرة... ودأبت إيران على سياسة المنابذة للعرب (وأقول العرب) من خلال إحياء النزعة الفارسية العدوانية، ...وقامت الثورة الإيرانية ضد الحكم الشاهنشاهي (الملكي) عام 1979م واستبشرنا بذلك سيما وأنَّ الثوار أطلقوا على بلادهم مسمى (الجمهورية الإسلامية الإيرانية) وأنها تسعى لتحقيق العدالة والمساواة”.
ان اكثر ما يلفت الانتباه هي عبارة "واستبشرنا” فضلا عن كلمة "سعينا للتفاهم معها”. لا اعلم في أي كتاب تاريخ يقرأ سعيد، لكن المقطوع به انه "سعيد” جدا بهذا الغباء. فان صدام حسين شن حربه على ايران بعد سنة واحدة من الثورة التي استبشر بها هذا "السعيد”.
"غبي” آخر يشترك مع سابقه "بالسعادة” اسمه "محمد السعيدي” يكتب في صحيفة الوطن تحت عنوان "ماذا فعل داعش” فيقفز فوق كل الحقائق، ويتجاوز كل الوقائع، فعنده ان داعش وتنظيم القاعدة صنيعة ايرانية لاحداث الفوضى.
حسنا، ان كانت داعش والقاعدة صنيعة ايرانية فليتبرأ الكاتب ومعه آل سعود من كل ما يمت الى داعش والقاعدة بصلة، فليتبرأوا من كل ما يستند اليه هؤلاء في فكرهم وتكفيرهم واجرامهم وارهابهم، فلتكن لكم ﴿أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ ﴾ وليقولوها بالفم الملآن: اننا بُرَآءُ من ابن تيمية وافكاره التكفيرية الاجرامية، ومن عقيدة ابن عبد الوهاب!!
فليترك قينان الغامدي سيف الغباء في غمده، فان الامة العربية والاسلامية يكفيها سيف الارهاب الذي شحذته مملكة آل سعود وسلطته على رؤوس العباد.