kayhan.ir

رمز الخبر: 30192
تأريخ النشر : 2015November29 - 20:56

الحكومة التركيّة تُشعل حرب “الأشقّاء”

ثريا عاصي

أتبع رئيس الوزراء التركي السيد داود أوغلو القولَ بالفعل، فلقد نسبت إليه وسائل الإعلام في الأيام القليلة الماضية، تصريحات، مفادها أنّ حكومته لن تبقى مكتوفة الأيدي، إذا تعرّضت المناطق التي يسكنها التركمان السوريون للقصف. كأنّ الأخيرين بحسب مفهوم السيد أوغلو، هم تركمان قبل أن يكونوا سوريّين، بمعنى أنّ العلاقة التي تربطهم بتركيا هي أقوى من انتمائهم إلى الوطن السوري. هكذا، اعترضت الطائرات الحربية التركية طائرة قاذفة روسية انتقاماً أو تضامناً مع "الأشقاء التركمان” بحسب الرئيس التركي!

من الطبيعي أن نتذكّر، بالمناسبة، ما قاله منذ وقت قريب، وزير قطري عن عزم بلاده دخول الحرب مباشرة في سوريا إذا اقتضى الأمر، إلى جانب آل سعود والحكومة التركية. ولا شكّ في أنّنا جميعاً حفظنا، عن ظهر قلب، تصريح وزير سعودي عن "إرادة” بلاده عزل الرئيس السوري عن منصبه، فهذا الوزير يكرّر نفس التصريح كمثل الببغاء، كلّما شاهد صحافياً! السؤال الذي ينهض هنا هو هل أنّ تركيا وآل سعود وآل ثاني في قطر توكّلوا بغزو سوريا، قبل حادثة إسقاط الطائرة الروسية وقبل هجمات "داعش” الإرهابية في 13 تشرين الثاني 2015، في باريس؟!

مهما يكن فإنّ المواظب على متابعة ما يجري منذ خمس سنوات، في سوريا، يكاد أن يكون على موعد في كل صباح مع خبر يُفيد بأنّ معطيات الأمس تبدّلت اليوم، أو أنّ حرب اليوم هي غير حرب البارحة. ذلك استناداً إلى ظهور تفاصيل جديدة، وإلى اكتشاف حقائق ووقائع كانت طيّ الكتمان، وإلى تسريبات عن لقاءات تحدث وخططٍ تـُرسم في أمكنة سريّة ما يجعل المرء في حيرة من أمره، عاجزاً عن الإمساك بخيوط المنطق الذي يحكم سير التطورات في بلاد كانت تُعرف بالعربية، وصارت بلا اسم وبلا هوية وبلا عقيدة، وبلا عقل.

خُذْ إليك مثل العراق، حيث وُلدت "داعش” من رحم " القاعدة”، وليس من رحم "الثورة” كما في سوريا. ليست "الثورة” شرطاً ضرورياً ولازماً لنشوء "داعش”، فكم من "داعش” خلقت الولايات المتحدة الأميركية!

من المعروف أنّ الحكومة العراقية وقّعت اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة الأميركية. الغريب أنّ هذه الاتفاقية لم تمنع "داعش” من احتلال مساحات كبيرة من العراق، وكادت أن تحتلّ العاصمة بغداد كما أنّها هددت مدينة أربيل عاصمة السيد البرزاني. المعروف أنّ الأخير على علاقة جيدة مع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإسرائيل وتركيا! لماذا طبّقت في العراق، أثناء الاحتلال الأميركي وبعده، نفس السياسة التي هشّمت الدولة والمجتمع العراقيين؟

سُئل الأمير الأردني حسن بن طلال، عن الدول التي تدعم "داعش” فأجاب بما معناه، إذا لم يأتِ الدعم إلى "داعش” من دول النفط الخليجية فمن أين تريده أن يأتي؟ لا أظنّ بأنّ مراقباً يتّصف بشيء من الجدية يُنكر أنّ الحكومة التركية تعاونت إلى أبعد الحدود مع جماعات "داعش”، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. أضف إلى أنّ الدول الغربية التي تتدخّل بصورة فاضحة في الشأن السوري، والتي أقامت معسكرات تدريب "للمجاهدين” على الأراضي التركية والأردنية واللبنانية، لا تجهل وجود العلاقة التي تربط بين الحكومة التركية، وبين "داعش” . وأخيراً ألا يحقّ للسوريين أن يعلموا أنّ في شمال سوريا، جيشاً من التركمان المحليين والقوقازيين يمثل رأس حربة للجيش التركي في سوريا؟ من المرجّح أنّ السيد رجب طيب أردوغان يريد أن يحتفظ هذا الجيش التركماني بالمواقع التي يحتلها، وأن يقود تحالفاً على نسق تحالف آل سعود في اليمن، يتسلّم الأراضي التي تقع تحت سيطرة "داعش” في سوريا.

مقايضة "داعش” بجيش "الأشقّاء” التركمان!