أوروبا وعرقلة الجهد الروسي
مهدي منصوري
من خلال تجربة عملية وواقعية ثبت للجميع ان واشنطن الذي ضم اكثر من 83 دولة لم يكن جديا في محاربة الارهاب، بل والعكس من ذلك فانه قد ساهم مساهمة فعالة في ديمومته واستمرار بقائه بل وتمدده في مناطق لم يكن يحلم بها سواء كان في العراق او سوريا، مما عكس للجميع ان هذا التحالف لم يأت لمحاربة الارهابيين بل لدعمهم وبصورة جديدة تختلف عن سابقاتها. ومن خلال الوقائع على الارض قد ظهرت عدة حالات اثبتت ان تحالف واشنطن قد قدم الدعم المباشر للارهابيين سواء كان من السلاح او المواد الغذائية فضلا من انه انقذ الكثير منهم عندما حاصرتهم القوات العراقية في بعض المناطق من خلال ارسال طائرات الهليكوبتر ونقلهم الى مواقع آمنة. اذن يمكن القول وكما اكدته اغلب المصادر السياسية والاعلامية الدولية والاقليمية ان الغرب لم يكن جديا في محاربة داعش.
واليوم ولما دخلت روسيا وبجدية في محاربة المجموعات الارهابية المدعومة من اميركا وحلفائها بحيث اصابتهم اصابت بليغه واضعفت قدراتهم مما اتاح للجيش السوري ان يتمدد ويحرر المدن والقصبات الواحدة بعد الاخرى ويسيطر على بعض المواقع المهمة التي كان يتركز فيها الارهابيون بحيث شكل لدى الغربيين حالة غير مرغوبة، بحيث دفعهم الامر بممارسة دورا تخريبيا ضد روسيا وذلك باصدار الاتهامات من ان الطائرات الروسية او تستهدف الارهابيين بل المعارضة المعتدلة التي لم يكن لها وجود على الارض، وختمتها بالايعاز لتركيا باسقاط الطائرة الحربية الروسية.
وبنفس الوقت وبعد ان تعرضت فرنسا لهجوم ارهابي لم يكشف عن تفاصيله لحد هذه اللحظة نجد انها شمرت سواعدها لان تحارب هذا التنظيم لانه وكما ادعت شكل تهديدا مباشرا لها ، الا ان ومن خلال الوقائع فان فرنسا تريد ان تستغل الظرف الراهن ليكون لها دور مستقبلي في المنطقة، وقد وجدت موضوع محاربة الارهاب خير وسيلة تتسلق من خلالها للوصول الى هذا الهدف رغم انها كانت عضوا في تحالف واشنطن ولكنها لم تفعل شيئا سوى انها تسعى لدى دول الخليج الفارسي مستغلة ظاهرة الارهاب لاجبارها على شراء السلاح الفرنسي.
واليوم وفي فذلكة معروفة خرج علينا وزير الخارجية الفرنسي بالقول ان فرنسا تريد التحالف مع موسكو في ضرب الارهاب وبنفس الوقت وضعت خطة لهذا الامر مفادها ان يقوم الجيش السوري وبالتنسيق مع المعارضة المزعومة والموهومة "الجيش الحر" في محاربة داعش على الارض وتتولى كل من فرنسا وروسيا الامر من الجو. وهو ما يعكس ان باريس تحاول جهد امكانها ان تجد مساحة للارهاب المدعوم اميركيا في عملية التسوية القادمة التي اتفق عليها العالم وذلك من خلال الادعاء بانها حاربت الارهاب ولو كان الامر صوريا.
لذلك جاء الرد الروسي الواضح من خلال تصريح الكرملين بالامس ان الغربيين غير جادين في محاربة الارهاب وهو ما سيشكل طعنه كبيرة للجهود الغربية التي تريد ومن خلال اعلانها التعاون مع الروس هو استعلال الوقت وتسويف الامر من اجل ان لا تستمر موسكو قوتها وقدرتها الفاعلة لضرب الارهاب، وكما افصحت عنه وكالة سبوتنيك عن بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية قوله للصحفيين..” إن الجانب الروسي أكد ومنذ البداية وبشكل عملي ان القوة الوحيدة القادرة على محاربة تنظيم داعش وجبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية الأخرى على الارض هي القوات المسلحة للجمهورية السورية”.
وأضاف بيسكوف أن أي عملية عسكرية جوية لا يمكن أن تحقق أهدافها دون دعم القوات العاملة على الأرض.
وتابع بيسكوف..”أن شركاءنا غير مستعدين لتشكيل تحالف واسع ضد تنظيم داعش الإرهابي ولكننا مستعدون للعمل بأي صيغة” مؤكدا أن العمليات العسكرية الروسية تتواصل دون أي قيد.
وفي نهاية المطاف لابد من الاشارة الى ان الجيش السوري وبما يملكه من الامكانيات قد اثبت انه قادر على دحر الارهاب واخراجه من المناطق التي كان يستقر بها. مما يفرض على كل على الغربيين الذين يدعون محاربة الارهاب وفيما اذا كانوا جادين في هذا الامرعليهم ان يقدموا الدعم الاستخباري او اللوجستي للجيش السوري، وهو يقوم بالمهة على أكمل وجه، كما فعلته موسكو عندما فتحت امامهم الافاق في ضرب قواعد الارهاب بحيث تمكنوا ان يهزموا الارهابيين وبصورة ملحوظة.