kayhan.ir

رمز الخبر: 29616
تأريخ النشر : 2015November18 - 20:37

السعودية ، على ماذا ستتفاوض ؟.

أحمد الحباسى

بالرغم من الشائعات و حرب التضليل الصهيونية الخليجية و القيل و القال و كثرة التصريحات المضادة فالظاهر للمتابعين أن كل هذه المناورات و الاجتماعات و الخطب التي نسمعها هي عنوان من عناوين التحول الجدي في الموقف الأمريكي و عنوان من عناوين الانتصار السوري و الفشل الخليجي ، و لعل السؤال المركزي الذي يطرحه المهتمون بالشأن السوري خصوصا يتعلق بمصير الرئيس بشار الأسد و هل أن الطبخة الروسية الأمريكية ستفضي حتما إلى إقصاء الرئيس من الحل السياسي للازمة أم أن روسيا ستتمكن في نهاية المطاف و لو بتقديم بعض التنازلات الشكلية من فرض بقاء الرئيس كجزء من الحل حتى لا يتحول إقصاؤه جزءا من المشكلة ، هؤلاء المتسائلون يدركون طبعا أن الرئيس الأسد لن يتنحى و لن يكون الحل السوري بدون وجود الرئيس على رأس النظام و أن التضحيات السورية لن تكون نتيجتها المحتومة رحيل الرئيس .

لقد كان معروضا على الرئيس الأسد من البداية أن يتنحى و أن يختار مكان "التقاعد المبكر” المفروض عليه من المنظومة الصهيونية ، هذا الخيار كان متاحا بأقل التكاليف الممكنة و لم يكن الرئيس يحتاج إلى ما يناهز الخمسة سنوات من الحرب الدموية المكلفة و من التضحيات الجسام على كل المستويات ليصل إلى قناعة بالرحيل بعد أن بانت للجميع بشائر النصر و كشفت العملية الإرهابية الأخيرة في قلب باريس صواب الخطاب السياسي السوري ، و الرئيس الذي قبل التفويض الشعبي في الانتخابات الرئاسية الفارطة عليه مسؤولية أخلاقية بالدرجة الأولى و هي العودة لهذا الشعب لإسقاط هذا التوكيل و رفعه عنه و ليس من الوارد إذن أن يقبل بالشروط الصهيونية الخليجية و أن يتغاضى عن الإرادة الشعبية ، هذا من جهة و من جهة أخرى فليس من المنطقي أن تقوم روسيا بكل هذه الجهود السياسية التاريخية خاصة في علاقة بمواقفها في مجلس الأمن أو ما تلاها من معارضة قوية و تأتى الآن للتخلي عن الرئيس الأسد و هو الأمر الذي كان معروضا عليها منذ بداية الأزمة على الأقل من الجانب السعودي مقابل مغريات مالية و اقتصادية كثيرة .

وزير الخارجية السعودي عادل جبير يظن أن لبلاده وزنا مهما في القرار الدولي الاستراتيجي لذلك انبرى يهدد و يتوعد سوريا ، هذه مجرد ظنون و أوهام تباع في وسائل الإعلام السعودية ، السعودية وزنها الوحيد يأتي من تمويل الإرهاب و خيانة القضايا العربية ، تمويل الإرهاب بقدر ما يستنزف القدرات المالية السعودية الضخمة بقدر ما يترتب عنه حالة متصاعدة و رصيد ضخم من الكراهية للنظام و للسعودية عموما من جميع الدول العربية و بالذات الدول العربية المستهدفة مباشرة بهذا التمويل الإرهابي ، و حين نجد هذا الوزير أو ملك عائلة المافيا السعودية في إحدى المحافل الدولية ذات العلاقة بالملف السوري فهذا ليس أمرا مهما أو نتيجة للوزن السعودي ، بالعكس فالولايات المتحدة ذاتها تأخذ النظام رهينة لديها كورقة تفاوض حتى توحي للعالم بان هناك معارضة عربية للنظام السوري بخلاف المعارضة الكرتونية السورية العميلة ، و ليس ممكنا للنظام السعودي أن يعارض الخط المسطر من الإدارة الأمريكية و لذلك فمن العيب أن تتحدث وسائل الإعلام السعودية بأن النظام ” يشارك” في محادثات فيبنا أو في محادثات روسيا أو أي مكان في العالم

لنفترض مثلا أن أمريكا لا تريد رحيل الأسد فهل أنه بإمكان "صديقنا” جبير أن يضرب على الطاولة ليفرض العكس ؟ لنفترض أن ” الائتلاف السوري المعارض يقبل ببقاء الرئيس الأسد هل يمكن للسعودية أن تفرض العكس ؟ لنفترض أن الكبار يتفقان على بقاء الأسد و مطالبة دول الخليج بإيقاف تمويل الإرهاب و سحب الجماعات الإرهابية هل يمكن للسعودية رفض هذا القرار و إعلان العصيان ؟ لنفترض أن أمريكا و روسيا يقرران استبعاد السعودية من المحادثات هل بإمكان السعودية الدخول إلى قاعة الاجتماعات ؟ لنفترض أن تقرر أمريكا في لحظة معينة الدخول في مفاوضات مباشرة مع الرئيس الأسد فهل بإمكان السعودية الاعتراض ؟ …. من هذه المنطلقات نحن نتساءل فعلا عن ماهية الدور السعودية و عن هذا الغلو السعودي في الإيحاء بوجود هذا الدور و بان للنظام السعودي دورا في إيقاف أو مواصلة الحرب في سوريا ، فهل أن نظاما بمثل هذه ” المواصفات” بإمكانه أن يتحدث عن كونه الرقم الصعب في معادلة اختبار القوة بين العملاقين .

لا تملك السعودية أية نفوذ أو سياسة فاعلة في المنطقة العربية ، قطر استطاعت في وقت وجيز أن تتحرك في المنطقة و تفرض وجودها و فاعليتها الإرهابية ، و لولا رعونة الإخوان السياسية و الإستراتيجية في إدارة الحكم في مصر و تونس و ليبيا لكان الوضع مختلفا كثيرا في المنطقة العربية ، في لبنان لم تستطع السعودية فرض انتخاب رئيس منذ أشهر كما كان الحال يتم في عهد ما يسمى نفاقا ” بالوصاية ” السورية في لبنان إلى حدود الانسحاب سنة 2005 ، في العراق ، لم تستطع السعودية فرض نظام موال و لم تقدر على فرض صلح بين الأطراف المتنازعة يحمى المصالح السعودية ، في اليمن هناك فشل ذريع و سقوط أخلاقي لم يسبق له مثيل ، في مصر لم يستطع النظام السعودي تدجين السلطة المصرية الحاكمة أو تقديم حلول تؤدى إلى الانفراج ، في المغرب العربي هناك حالة غير مسبوقة من الكراهية للنظام السعودي خاصة بعد وقوف النظام إلى جانب إسرائيل و أمريكا في حربها على سوريا و العراق ، على الجانب الإيراني استطاعت السعودية برعونتها السياسية أن تخسر أوراقا سياسية مهمة في صراعها ضد الوجود الإيراني في المنطقة ، مع ذلك يصر وزير خارجية السعودية الغبي على مشية الطاووس دون أن ينتبه إلى انه مجرد دجاجة