الصحف الاجنبية: تفاؤل حول الحل السوري..وتخوف من العلاقات الايرانية الروسية
تحدثت الصحف الغربية عن إمكانية حصول تحول جوهري في المنطقة على ضوء تعزيز العلاقات بين موسكو وطهران، فيما وجهت الدعوات لواشنطن تطالب بالاستفادة من التخوف الروسي من داعش بغية هزيمة التنظيم الارهابي.
هذا واعتبر صحفيون اميركيون معروفون ان موافقة واشنطن على مشاركة ايران في المحادثات حول سوريا انما هو مؤشر على امكانية حصول تقدم ايجابي في الازمة السورية.
تعزيز العلاقات الروسية الايرانية
نشر موقع "ناشيونال انترست" مقالة اعتبرت ان "الحملة المنسقة بين روسيا و ايران" دعماً للرئيس السوري بشار الاسد قد تمثل تحول جوهري في الخارطة الجيوسياسية في المنطقة. ورأت المقالة انه يجب النظر الى التنسيق الروسي الايراني في سوريا ضمن اطار تحول اكبر في استراتيجية طهران تجاه موسكو.
المقالة تحدثت عن تعاون روسي ايراني في المجال الدفاعي يتخطى العمليات في سوريا، خاصة مع اعلان قائد القوة البحرية الايرانية الاميرال حبيب الله سياري في شهر تموز /يوليو الماضي مسودة اتفاق بحر قزوين، اضافة الى وصول اسطول بحري ايراني الى مقر الاسطول الروسي في بحر قزوين على سواحل مدينة استرخان. ووجدت ان ذلك يأتي في اطار تعزيز العلاقات الدفاعية بين البلدين على صعيد اوسع.
ولفتت المقالة الى وجود تنسيق في قضايا الامن الداخلي، حيث زار مسؤول امني ايراني موسكو الصيف الماضي،كما ابرمت العديد من الاتفاقيات الدفاعية و الامنية خلال الاشهر الماضية. وتحدثت ايضاً عن اهتمام الشركات الروسية باستيراد التكنولوجيا الايرانية في مجال صنع الطائرات من دون طيار.
المقالة تطرقت كذلك الى اعلان ايران خطط بناء الشركات الروسية مفاعلين لانتاج الطاقة النووية في الساحل الجنوبي الايراني، و الى مساعي ادارة الرئيس الشيخ حسن روحاني لتعزيز التبادل التجاري مع موسكو. ولفتت الى الزيارة التي قام بها مؤخراً نائب وزير الطاقة الروسي الى ايران، حيث افادت التقارير ان طهران سلمت 121 مشروعاً للوفد الروسي الزائر، و بالتالي تم ابرام اتفاقيات استثمارية بقيمة تتراوح بين 35 و 40 مليار دولار. و في نفس الاطار تحدثت عن خطط انشاء "بنك تعاون ايراني روسي" وايضاً عن خطط انضمام ايران الى "بنك التنمية اليوروآسيوي" الذي قامت روسيا بتأسيسه.
وحسب المقالة، فان ايران ستعطي دوراً لروسيا في مرحلة تنفيذ خطة العمل المشتركة حول برنامج ايران النووي،حيث اكد رئيس منظمة الطاقة الذرية في ايران علي اكبر صالحي مؤخراً ان ايران سترسل مخزونها من اليورانيوم المخصب الى روسيا، على ان تستلم منها اليورانيوم الطبيعي في المقابل. كما اشارت الى ارجحية مشاركة موسكو في توفير الوقود النووي للمفاعل الموجودة و الى تصريحات صالحي حول خطط مساهمة روسيا بتطوير تصاميم اجهزة الطرد المركزي في ايران.
وفي الختام حثت المقالة الولايات المتحدة على العمل على منع "محور موسكو طهران جديد" من احباط تنفيذ الاتفاق النووي وكذلك من تحدي مصالح الغرب وحلفائها في الشرق الاوسط.
التدخل الروسي في سوريا
من ناحية ثانية، كتب المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "بول بيلر" مقالة نشرت ايضاً على موقع ناشيونال انترست، و ذلك بعنوان "الاستفادة من خوف روسيا من داعش". و شدد الكاتب على ان روسيا تعتبر داعش تهديدا كبيرا لها، مضيفاً ان ذلك يعود جزئياً الى ان التنظيم يمثل "مصدر الالهام" الاساس لمن اسماهم "الراديكاليين المسلمين" خاصة في شمال القوقاز. واكد على ان الخوف الروسي ينبع مما قد يحصل عند عودة الراديكاليين الروس الذين يقاتلون في سوريا الى بلادهم.
الكاتب رأى ان التهديد الذي يشكله تنظيم داعش لروسيا هو من اهم الاسباب التي دفعت موسكو الى التحرك (في سوريا). و لفت الى ان هذا الخوف يأتي على خلفية العديد من الهجمات الارهابية الكبيرة التي وقعت خلال الاعوام الخمسة عشر الماضية داخل روسيا على ايدي الراديكاليين من القوقاز، والتي وقع البعض منها في العاصمة موسكو.
وقال الكاتب ان من مصلحة الولايات المتحدة ان يتحمل طرف آخر، مثل روسيا، المزيد من المخاطر و الاثمان في تحقيق الهدف المشترك المتمثل بدحر داعش، ورأى ان على واشنطن ان تدرك وان تستفيد من كون داعش يشكل تهديداً لروسيا اكثر مما يشكل للولايات المتحدة. واضاف ان ذلك يعود جزئياً الى القرب الجغرافي، فضلا عن كون داعش يختلف ايديولوجياً عن القاعدة التي تستند عقيدتها على ضرب العدو البعيد المتمثل بالغرب، وخاصة الولايات المتحدة. كما شدد على ان واشنطن لا تواجه بالمطلق الخطر الذي تواجهه موسكو لجهة وجود سكان مسلمين غاضبين داخل روسيا.
في السياق ذاته، نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالة اعتبرت ان لا حل سياسي للازمة السورية، حيث توقعت فشل المساعي الروسية بعقد المحادثات مع كافة الجماعات المتمردة في سوريا بسبب وجود متطرفين اسلاميين من بين هذه الجماعات، اضافة الى وجود تنظيم داعش. ورأت ان في ظل غياب حل سياسي، فان استعادة المناطق التي يسيطر عليها المتمردون ستتطلب معركة طويلة "حتى الموت".و قالت ان الاسد و ما وصفته بوكلاء ايران، و كذلك الروس، باتوا عالقين في هذه المعركة.
المقالة اشارت الى ان "جر روسيا الى المستنقع السوري" يشكل افضل فرصة لادارة اوباما منذ اشهر من اجل اضعاف بوتين، مضيفة ان بوتين سينجر اكثر فاكثر الى داخل المستنقع في حال كثف دعمه للاسد، وان هذا السيناريو ليس سيئاً اذا كان المراد إضعاف روسيا.
وحثت المقالة ادارة اوباما على اعتبار التدخل الروسي في سوريا فرصة لزيادة التورط الروسي قدر الامكان في سوريا، بدلاً من انتقاد الرئيس الروسي. و بالتالي دعت الرئيس باراك اوباما الى اغتنام الفرصة من اجل رسم استراتيجية سياسية حقيقية، التي تستند على ربط اي ضربات عسكرية اميركية باهداف محددة، مثل عمليات مكافحة الارهاب للدفاع عن المصالح الاميركية ومنع داعش من التخطيط لشن هجمات داخل العراق.
المحادثات الدولية حول سوريا
بدوره، كتب الصحفي الاميركي "روبرت باري" مقالة نشرت على موقع "كونسورتيوم نيوز" اعرب فيها عن تفاؤله الحذر ازاء الموافقة الاميركية على مشاركة ايران في المحادثات حول سوريا.
ورأى الكاتب ان اوباما لطالما كانت جزءا من المشكلة، حيث رضخ لمطالب تغيير النظام (في سوريا) التي اطلقها المحافظون الجدد ومن يسمى "بالليبراليين". و بحسب "باري" قام اوباما بتدريب وتسليح بعض الجماعات المتمردة بشكل سري من اجل ارضاء هذه الاطراف، على الرغم من ان وجود قوة معتدلة هو موضوع خيالي بنسبة كبيرة، حيث انضم العديد ممن قامت بتدريبهم وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الى الجماعات المتطرفة و سلمتها الاسلحة الاميركية.
كما اعتبر الكاتب ان كيفية تعريف المسؤولين الاميركيين للاعتدال هو ايضاً موضع تساؤل، حيث نقل عن مصدر مضطلع بان وكالة الاستخبارات المركزية زودت احرار الشام بخمس مائة صاروخ من طراز "تاو" المضادة للدبابات، مشيراً في نفس الوقت الى ان محاربين قدماء من تنظيم القاعدة ساهموا بتأسيس احرار الشام التي تنسق مع جبهة النصرة التابعة للقاعدة.
ورأى أن الدعم الاميركي لما يسمى المعارضة المعتدلة ادى الى تقوية القاعدة عسكريا. كما حذر "باري" من خطر اتباع الولايات المتحدة استراتيجية تقوم على اجبار حكومة الاسد على مغادرة السلطة دون انهيار حكومته، حيث اعتبر ان ذلك يعزز امكانية تفتت الجيش السوري و فتح الطريق امام القاعدة او داعش للاستيلاء على دمشق و "رفع الرايا السوداء فوق مدينة كبرى في الشرق الاوسط". وتوقع ان يعقب ذلك مطالب يطلقها داعمو "تغيير الانظمة" في واشنطن باجتياح عسكري واحتلال اميركي لسوريا.
وقال الكاتب ان الحملة غير الفاعلة ضد داعش و"النتائج المحرجة" لبرنامج اوباما بتدريب ما يسمى المعارضة المعتدلة في سوريا ساهمت في اقناع بوتين بضرورة اتخاذ اجراءات اقوى لمنع انهيار الجيش السوري وانتصار القاعدة وداعش.
الكاتب رأى ان اوباما ربما بات يدرك ان الحل الوحيد في سوريا يتمثل بتسوية سياسية تقوم على تقديم التنازلات من قبل كافة الاطراف. غير انه اكد في الوقت نفسه ان التسوية ستتطلب من كيري الضغط على ما يسمى المعتدلين السوريين الذين تمولهم واشنطن و كذلك من اسماهم القوى السنية في المنطقة، وذلك من اجل دفعها الى وقف الدعم "السري" "للجهاديين السنة" داخل سوريا.
في الختام، شدد باري على ضرورة ان يتصدى اوباما للمحافظين الجدد و غيرهم في الداخل الاميركي الذين سيواصلون التركيز على تغيير النظام بدلاً من المساعي البراغماتية لوقف المذابح.