هزيمة الارهاب تبدأ من الشام
محمد رفعت
لاشك أن الضربة العسكرية الروسية في سوريا قد نجحت بشكل كبير، في تحقيق عدة أهداف أولها تأكد جميع المتابعين للأزمة في سوريا، أن بداية نهاية الجماعات الإرهابية قد بدأت بالفعل يوم 29 سبتمبر الماضي، مع انطلاق أول الضربات الروسية تجاه الجماعات الإرهابية المرتزقة، وثاني الأهداف هو عودة التوازن للمنطقة، والتي ظنت واشنطن أنها قد دانت لها، فعاثت فيها فسادًا وراحت ترسم لها مستقبلها كما تشاء.
الضربة خلقت حالة من عدم الاستقرار والتوازن النفسي والعصبي في واشنطن وعواصم الدول الأوروبية التابعة للأمريكان، وكذلك العواصم العربية، التي توسمت في أمريكا أنها ستخلصها من بشار الأسد، إلا أنها كانت مراهنة خاسرة منذ البداية، فأمريكا التي سمحت لتنظيم "داعش” الإرهابي بالتوسع والتمدد في سوريا والعراق وغيرها من البلدان العربية، بل وقدمت له الدعم العسكري واللوجيستي سواء بشكل مباشر أو من خلال قطر وتركيا، لا يمكن أن تسمح بسقوطه بهذه السرعة، فهي تريد للمنطقة أن تبقى في هذا التوتر أطول فترة ممكنة.
وراح قادة أوروبا وأمريكا يهاجمون الضربات الروسية، ويتهمونها بأنها تقود حربًا ضد من يلقبونها بالمعارضة المعتدلة في سوريا، وراحوا يكيلون الاتهامات لموسكو وقادتها، ويبدو أن تحالف روسيا وإيران وسوريا والعراق، قد أثار أمريكا وأوروبا والتي تيقنت من هزيمة مليشياتها "الداعشية”، على يد التحالف الجديد، لذا تبذل كل محاولاتها لمحاولة وقف الحرب الروسية على الإرهاب، متحججة بأن الحرب تستهدف المعارضة وليس الإرهاب كما هي الحقيقة. ومن جانبها تبذل دول الخليج خاصة السعودية الكثير من الجهد لاستقطاب مصر لصفها في هذه الأزمة الجديدة، والتي وقعت فيها دول الخليج، حيث إن انتصار التحالف الجديد يشكل تهديدًا قويًا لمكانتها ونفوذها في المنطقة، لذا فإنها ترى في مصر الأمل الأخير، حيث إن حليفها الأكبر واشنطن لن تغامر بخوض حرب ضد روسيا في المنطقة، وسوف تلجأ للموائمات والتي قد تصل في النهاية لقبول واشنطن ببقاء الأسد، وهو ما تصر عليه روسيا.
إلا أن مصر ترى في الضربة الروسية تأييد لحربها على الإرهاب في سيناء، كما أنها تدرك أن السماح بسقوط الأسد يعني تدمير الجيش السوري، وكافة مؤسسات الدولة السورية، وهو ما ترفضه مصر جملة وتفصيلًا، لذا فإنها لن تعارض الضربة العسكرية التي تقودها روسيا التي تربطها بها علاقة صداقة متينة، والتي تأكدت عقب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لشئون الحكم في مصر، حيث إنها تأتي وفق ما تبني عليه مصر رؤيتها من الأزمة في سوريا، حيث ترفض مصر كسر الجيش السوري، والذي يمثله الرئيس بشار الأسد، وتدعو لحل الأزمة السياسية في البلاد بالمفاوضات، وبعيدًا عن الحلول العسكرية التي تكلف البلاد الكثير.
ومن هنا فإن القاهرة ستقف في نفس الموقف الذي وقفته من الحرب على اليمن، حيث رفضت كافة الضغوط التي مورست عليها من جانب الإدارة السعودية والإماراتية، للاشتراك في الحرب البرية على اليمن، ما قد يكون أثار غضب دول الخليج الفارسي والأمريكان، إلا أن السيسي كما يبدو لا يقبل الضغوط أيًا كانت وأيًا كان مصدرها، وكما رفض الانزلاق في الحرب باليمن، سيرفض الوقوف ضد التحالف الجديد بقيادة روسيا، حيث ترى مصر أنه يخوض معركة كل العرب للقضاء على التنظيمات الإرهابية المتطرفة. وتدرك مصر أن الإرهاب إذا ما انتصر في سوريا، فإنه لن يقف عند السيطرة على أرض الشام، بل إنه سيمتد ويتمدد في كافة الدول العربية، وهو ما لمسناه بالفعل خلال الأشهر الماضية، حيث أن استقرار الأوضاع للإرهابيين مكنهم من تنفيذ عمليات خارج الحدود في مصر وليبيا وتونس وغيرها من البلدان العربية.