التطاول السخيف
اذعن الكثير من المتابعين لتصريحات وزير الخارجية السعودي الجبير منذ توليه المنصب بدلا من سعود الفيصل ان تعيينه لم يكن لخبرته او لفهمه بل كان مشروطا، لانه وفي كل مؤتمر صحفي لابد ان ينال من ايران بمناسبة وبدون مناسبة بحيث يخرج وفي اغلب الاحيان عن ابسط قواعد الاعراف الدبلوماسية التي لابد ان يتمتع بها أي وزير خارجية.
وكذلك من الملاحظ ايضا انه يتعامل مع ردود الافعال من دون الالتفات الى ماستؤول اليه الامور جراء تصريحاته التي لا يرعوى فيها ولا يحسب حسابها والتي تأتي ضمن الافكار المعلبة التي غرزت في ذهنه بحيث لا يستطيع الخروج منها.
ولذا فان منذ تولي الجبير وزارة الخارجية ولحد الان لم تحظى السعودية بأي بروز على الساحة السياسية الاقليمية والدولية، بل انها دخلت في حال الانزواء القاتل وابتعدت وبصورة جلية وواضحة بل ان تأثيرها قد اخذ بالافول شيئا فشيئا.
والمضحك المبكي في الامر ان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ومن خلال ما صرح ويصرح به يكشف انه يفقد الكثير من الاساليب الدبلوماسية التي لابد ان يتمتع بها وكما اسلفنا، لانه يتصور ان بلده هي الوحيدة في المنطقة وهي الرائدة والقائدة، ولذلك فعلى الاخرين ان يستمعوا ويطيعوا، مما يعكس انه اما ان يكون غائب عما يجري او يتغابى او انه يلفه الجهل المطيق. والا ماذا يعني في تصريحه الذي جمعه بوزير الخارجية الالماني بالامس وتطاوله السخيف على ايران حيث يدعوها للانسحاب من سوريا اذا ارادت ان تكون جزءا من الحل.
ولا ندري هل ان الجبير لديه علم بما فعله اسياده من حكام آل سعود بالبلاد والعباد. وهل يدري ان جل الارهابيين الذين يقتلون الابرياء ويدمرون المدن ويهدمون كل معالم الحضارة في سوريا والعراق انهم سعوديون وهل يدري ان الطائرات السعودية تقصف الابرياء من النساء والاطفال وترمي بصواريخها واسلحتها المحرمة دوليا على رؤوسهم من دون أي سبب يذكر. وهل يدري ان بلاده وكما صدرت التصريحات من قبل حتى المسؤولين الاميركان الحلفاء الاستراتيجيين للسعودية من انها مركز لتصدير الارهاب هي بلاده. الا يعد في عرف الجبير كل هذا تدخل سافر وفاضح في شؤون الدول الاخرى وتأزيم الاوضاع فيما من اجل ان تدفع السعودية عنها شرارة الارهاب الذي لابد ان يصل اليها يوما ما.
الا يفقه الجبير ولو قليلا من الفهم السياسي ان ارسال التهديدات امر يحتاج الى واقعية حقيقية؟. والا يرى ان بلاده ورغم كل ضراوة عدوانها على اليمن واستخدامها للطيران وبصورة يومية لم تستطع ان تحقق شيئا على الارض، بل انها تمنى بالهزيمة الواحدة تلو الاخرى، وهي اليوم تبحث عن حل للخروج من هذا الوحل او المأزق الذي أخذ يستنزف ثروات البلد بحيث امتدت ايادي حكومته الا الاحتياطي؟.
اذن كيف يجرأ ان يرسل التهديدات وهو يعيش في أزمة خانقة ولمن؟ لايران، يالها من مهزلة او سخافة تعيشها الدبلوماسية السعودية في الوقت الحاضر.
الجبير ومن وراءه او يدعمه وهم اسياده الاميركان يدركون جيدا ان ايران الاسلام تسعى وعلى مدى اكثر من عقد من الزمان على استتباب الامن المستديم في المنطقة. وقد اكد ذلك الكثير من زعماء بعض دول الخليج الفارسي من خلال الزيارات التي قام بها وزير الخارجية الايراني. وكذلك فانها تسعى وبكل ما لديها من جهد لحل كل الازمات القائمة وبالطرق السلمية من دون اللجوء الى السلاح. الا ان تصريحات الجبير قد اظهرت مدى حالة الخوف والهلع الذي ينتاب بلاده التي تتوسل بالسلاح لحل الازمات. وما ارسال الارهابيين والعدوان على اليمن الا دليل قاطع على ذلك.
اذن فعلى الجبير ان يفكر قليلا قبل ان يطلق تصريحاته التي ستضع بلاده في مأزق آخر هي غنية عنه، ومن اجل ان لايضع بلاده تحت طائلة المسائلة القانونية الاقليمية والدولية.