فرنسا والتغريد خارج السرب
مهدي منصوري
من الملاحظ ان مواقف فرنسا خاصة بعد مجيء هولاند على سدة الرئاسة فيها بدا عليها حالة من التذبذب وعدم الالتزام، ولم تملك الوضوح الكافي ليس فقط لمشاكل المنطقة فحسب، بل للعالم اجمع. ففي الوقت الذي ترسل قواتها الى مالي من اجل محاربة المتمردين حسبما تدعي لكنها وفي الوقت نفسها تبذل اقصى جهدها وتقدم الدعم اللازم والمطلوب خاصة التسليحي للارهابيين في كل من سوريا والعراق، وذلك عن طريق مماشاة السعودية والامارات في سياستهما من خلال بيع السلاح لهاتين الدولتين لكي يصل الى المجاميع الارهابية وبصورة مباشرة وغير مباشرة.
هذا من جانب ومن جانب آخر ايضا والذي يؤخذ فيه على السياسة الفرنسية انها اصبحت تابعة وذيلية وغير مستقلة اذ انها وضعت بيضها في سلة السعودية، لذلك فهي تقف امام اي مشروع اقليمي كان او دولي من اجل انهاء الازمة السورية بالطرق السلمية وانهاء حالة الاقتتال التي اخذت ماخذها من الشعب السوري.
وواضح ان الموقف الفرنسي هذا والذي عدته اوساط سياسية او اعلامية انه تغريد خارج السرب ولم ينسجم مع التوجه القائم اليوم اقليميا ودوليا وعزت هذه الاوساط اسباب الموقف الفرنسي الى انها تعد وفي حالة انهاء الازمة السورية قد تفقد السوق التسليحية للسعودية والامارات.لذلك فهي تحاول ان تكون عصا معرقلة في عجلة التسوية السلمية للازمة السورية ،وذلك بوضع بعض الشروط التي لم تعد ذات اعتبار لدى الاطراف التي اخذت على عاتقها حل هذه الازمة خاصة روسيا.
وكذلك والذي لابد من الاشارة اليه هو ان فرنسا تدرك جيدا ان انهاء الازمة السورية وبالصورة المطروحة اليوم والتي تاخذ طريقها للتطبيق ستشكل وبصورة لاتقبل النقاش هزيمة كبرى للمشروع الصهيوني في المنطقة القاضي بالقضاء على المقاومة اولا، والدول الداعمة لها ثانيا، ولذلك فهي تجند كل طاقاتها من اجل ان لا يتحقق هذا الامر على ارض الواقع.
ولكن غاب عن الرئيس الفرنسي ورئيس وزرائه ان الوقائع على الارض خاصة في سوريا قد اثبتت ان الارهابيين الذين تلقوا ويتلقون الدعم اللامحدود قد وصلوا الى طريق مسدود وانهم ليس لديهم القدرة بعد اليوم ان يحققوا انتصارات تذكر وان هزائمهم المنكرة والتي جعلت منهم زرافات ووحدانا بحيث جعلتهم في حالة من العجز عن الاستمرار والديمومة في مواصلة المعركة وذلك بسبب الضربات المتلاحقة والقوية التي تلقتها من قبل الجيش السوري والقوات المتحالفة معها خاصة ابناء مقاومة حزب الله الابطال. بحيث فرضت هذه الاوضاع ظروفا جديدة على الرأي العام الدولي والاقليمي دعتها للذهاب الى الحل السياسي ومن دون شروط. وما صرح به فابيوس لايمكن ان يجد من يصغي او يستمع اليه لان الشعب السوري هو الوحيد الذي يقرر من يقوده ويدير شؤونه لا املاءات فرنسا وغيرها الذين يرون في استمرار الازمة السورية مع ما هي عليه اليوم خير سوق يعتاشون عليها من خلال بيع السلاح للدول الداعمة للارهاب كالسعودية والامارات.