موسكو وملفات المنطقة
مثلما دخل اللاعب الروسي بقوة لحل الازمة السورية نتيجة لخصوصيته ودوره في هذا الملف وبالذات حياديته حين يلتقي جميع الاطراف السورية من معارضة وموالاة فيما يفتقد الاخرين لهذا الدور نراها اليوم ايضا طرقت الازمة اليمنية بقوة وها هو سفيرها في اليمن يتحرك برحلاته المكوكية بين صنعاء والرياض لتقريب وجهات النظر خاصة وانه طرق باب التفاؤل لحل المشكلة في وقت بغير الطويل لوقف الخسائر هذه الحرب الكارثية ولاننسى ان روسيا تستثمر وجودها وهي ترأس الدورة الحالية لمجلس الامن لدفع الامور بالاتجاه الايجابي، وفي الوقت نفسه وجهت المتحدثة باسم الخارجية الروسية دعوة الى طرفي النزاع في اليمن الى وقف الاعمال القتالية والجلوس الى طاولة المفاوضات.
وما دفع بالولايات المتحدة الاميركية والسعودية القبول بالدور الروسي ولو على مضض هو اخفاقهما في الميدان وعدم تحقيق اي انجاز سياسي يستثمرانهما لصالحهما في سوريا واليمن لذلك لا حيلة لهما سوى القبول بالدور الروسي بتصور خاطئ وواهي بان هذا الدور سيحد من النفوذ الايراني في سوريا واليمن وربما ينقلب الى منافسة بين الجانبين الايراني و الروسي يستغلاه لايجاد شرخ بينهما متغافلين عن وجود علاقات استراتيجية وتنسيق مسبق ومدروس بين الطرفين لحل الازمتين.
هذه التطورات اللافتة في الساحة السياسية لم تكن عفوية بل هي انعكاس لتطورات الميدان التي باتت تقلق جميع الاطراف الدولية والاقليمية المتآمرة عل سوريا واليمن والعراق ايضا. لان زمام المبادرة قد خرجت من ايدي التحالف العربي العدواني على اليمن اولا ومن ثم التكفيريين وداعش في العراق وسوريا ثانيا.
هذه الامور لم تكن خفية بل اصبحت واضحة وضوح الشمس فانحسار القوى التكفيرية وانكفائها لا يحتاج الى نقاش اما الصدمة الكبرى التي واجهت التحالف العدواني في اليمن عندما اخفق عن تحقيق اي انجاز ملموس على الساحة اليمنية رغم مضي اكثر ستة اشهر على عدوانه الغادر وامتلاكه لترسانة متطورة من السلاح والطيران وفلول المرتزقة على الارض واذا به يواجه الفشل تلو الفشل ومثال ذلك الضربة النوعية القاصمة التي تلقاها في معسكري صافر وصحن الجن واليوم في محافظة مأرب التي اصبحت مقبرة لدباباته وآلياته ومدرعاته وقواته الغازية.
فالوضع الميداني السيء بالنسبة للتحالف العربي في اليمن بات مراقبا وعن كثب من قبل الولايات المتحدة الاميركية لما تحس من خطورة على مصالحها جراء احتمال الانهيار المفاجئ للتحالف العربي والحؤول قدر الامكان التخفيف من تداعياتها المستقبلية وما اعلنه البيت الابيض خلال الايام الاخيرة عن اتصال هاتفي بين الرئيس اوباما والعاهل السعودي الملك سلمان هو انعكاس للقلق المتبادل بينهما لفشل الحل العسكري الذي لازالت اطراف في السعودية تراهن عليه دون جدوى وهذا ما دفع بالطرفين الاتفاق على تسوية الازمة اليمنية وتحت رعاية اممية باسرع وقت ودون شروط وكذلك العمل فورا لفتح الموانئ اليمنية وايصال المساعدات الانسانية والغذائية لاكثر من 20 مليون يمني يتضورون جوعا ونقصا في الدواء والغذاء.
ولا ننسى ان نشيرالى ان التهديدات الاستراتيجية التي اطلقها انصار الله في احداث مفاجئات في الميدان قد تركت بصماتها على مجمل هذه التحولات والمستقبل القريب كفيل بكشف الحقائق حيث هدد (ابو مالك) احد قياديي انصار الله بان قادم الايام سيشهد تحولات كبرى ستذهل العالم" وهذا هو الهاجس الاكبر لاميركا ومن يدور في فلكها لذلك استبقت الامور للتاكيد على الحل السلمي وتشجيع الامم المتحدة وموسكو على ذلك بعد ان راهنت عبثا على ما قالته السعودية بانها ستحسم الموقف عسكريا في اليمن في فترة لا تتجاوز العشرة ايام حسب ما صرح به وزير خارجية اميركا الاسبق كالن باول بعد بدء العدوان بفترة.