ماذا وراء إقالة رجل الجزائر القوي؟
روعة قاسم
أثارت إقالة رئيس جهاز المخابرات في الجزائر محمد مدين المعروف بإسم الجنرال "توفيق" الكثير من الجدل والتاويل. فـ"التوفيق" يصفه البعض على أنه أقوى رجال الجزائر على الإطلاق وهو الذي عاصر خمسة رؤساء بالتمام والكمال حكموا وغادروا مواقعهم فيما هو ثابت لا يتزحزح من على رأس واحد من أقوى أجهزة الدولة الجزائرية.
وقد بقي الغموض يلف هذه الشخصية المثيرة للجدل التي أثارت رعب الكثيرين ولم يعرف عن حياته الشيء الكثير. فصور الرجل غائبة تماما عن وسائل الإعلام رغم أهمية موقعه في دولة للمؤسسة فيها نفوذ قوي فاق في كثير من المراحل سلطة السياسيين الذين كان دائما لهذه المؤسسة رأي في عملية تنصيبهم على رأس الدولة أو في شتى المواقع الهامة.
اختلاف التقييمات
واختلفت التقييمات حول شخصية رجل الجزائر القوي، فالبعض يعتبره المنقذ الذي حارب الإرهاب وأنقذ الجزائر من عشريتها السوداء بعد أن تغلغلت عناصر جهازه الإستخباراتي في هذه الجماعات وأصابتها في مقتل. فيما يرى فيه آخرون مجرم حرب وجبت محاكمته عن أعمال ارتكبها جهازه خلال تلك العشرية الدموية لعقد التسعينيات التي كادت تندثر فيها الجزائر كدولة.
محمد مدين
لكن ما يتفق حوله الجميع أن "التوفيق" شخصية غامضة لا يعرف عنها الكثير صنعت حولها هالة أسطورية وقصصا خارقة بعضها وهمي وبعضها حقيقي. فقد علق بعض الإعلاميين على حدث الإقالة بالقول بأنه ثبت أن الجنرال توفيق بشر مثلنا بالإمكان إقالته من منصبه مثله مثل سائر جنرالات الجزائر والرؤساء الذين تداولوا على حكم البلاد منذ استقلالها.
تغيير في السياسات
ويرى بعض المحللين بأن سبب الإقالة هو تغيير في السياسات الجزائرية المتعلقة بالمرحلة القادمة حيث أن الجزائر كدولة مستهدفة بمؤامرات خارجية تقتضي إعادة ترتيب البيت وضخ دماء شبابية في أجهزة الدولة للصمود بوجه المخططات التآمرية. فتصريحات الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي التي قال فيها بأن مستقبل الجزائر يجب أن يناقش في الإتحاد من أجل المتوسط لم تمر مرور الكرام في بلد المليون شهيد وكذا استهداف الأنظمة العربية غير الملكية بما يسمى "الربيع العربي" الذي يعتبره البعض مشروع الفوضى الذي تحدثت عنه كوندوليزا رايس والمحافظون الجدد في وقت سابق.
فيما يرى آخرون أن سبب الإقالة هو تقدم "التوفيق" في السن ووصوله إلى سن التقاعد الذي يستوجب تعيين خليفة له وقد وقع الإختيار على الجنرال عثمان طرطاق المعروف بـ"الجنرال بشير" المقرب من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والذي كان يشغل خطة مستشاره الأمني. والحقيقة أن جل المسؤولين الكبار في الدولة الجزائرية وكبار جنرالات المؤسسة العسكرية يحملون أسماء أخرى غير أسمائهم يعرفون بها لدى عموم الناس وذلك منذ أيام الكفاح ضد الإستعمار الفرنسي ضمن جيش التحرير الجزائري وذلك إخفاء لاسمائهم الحقيقية حتى يصعب تعقبهم من السلطات الإستعمارية، فالرئيس عبد العزيز بوتفليقة مثلا كان يعرف بكنية "سي عبد القادر" والرئيس الراحل الهواري بومدين إسمه الحقيقي محمد بوخروبة وصار الكنية هي تسميته الرسمية..