بعد الضربة القاسية التي تلقتها القوات الإماراتية المشاركة في الائتلاف العربي بقيادة السعودية في الحرب ضد اليمن، الجمعة الماضية ، قد دخلت هذه الحرب مرحلة جديدة من التطورات، وعلي ما يبدو فاننا مقبلون على الكثير من المفاجئات ضد الائتلاف من قبل حرکة انصارالله والجيش اليمني خلال الايام القادمة.

وقبل هذا الرد الاليم من قبل الجيش اليمني وحرکة أنصار الله ضد القوات الغازية، استخفت السعودية وحلفاؤها بالخيارات الإستراتيجية التي وعد بها السيد "عبدالملك الحوثي” زعيم حركة أنصارالله، لكن يبدو ان الحرب وخاصة الحرب البرية سوف لم تكن فيما بعد نزهة بالنسبة للائتلاف السعودي، وأن هذه الحرب تختلف بالكامل عن الحرب الجوية التي خاضها الائتلاف خلال الأشهر الماضية.

فالسؤال بات اليوم هو: ماذا ينتظر الدول المشاركة في الحرب على اليمن بعد أن ورطتها السعودية في هذه الحرب؟ وهل أن دولاً مثل الإمارات مستعدة لدفع ثمن باهض آخر بعد مقتل ٤٥ من جنودها أم أنها ودول اخري ستترك السعودية لوحدها في مستنقع اليمن؟

إذن اعترفت الإمارات بشكل رسمي أن ٤٥ جنديا من قواتها لقوا حتفهم أول أمس بعد ما أصاب صاروخ تجمعا لهذه القوات وفق ما اعلنت حركة أنصارالله، وفي رواية اخري فان الجنود قتلوا اثر اصابة أحد الصواريخ، مستودعاً للذخيرة في معسكر صافر في مأرب وسط اليمن وفق الرواية الإماراتية. هذا العدد الكبير من القتلي في صفوف القوات الإماراتية تعتبر أكبر خسارة بشرية تتكبدها هذه الدولة الخليجية بعد تأسيسها في سبعينيات القرن الماضي.

ولا شك أن هذه الضربة القاسية ستجعل الإمارات تعيد النظر في حساباتها حول استمرار مشاركتها في الحرب السعودية ضد اليمن، بالرغم من تصريحات عدد من القادة الإماراتيين بان قواتهم ستستمر بالمشاركة في حرب اليمن. حيث قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي "أنور قرقاش” ان "أداء قواتنا المسلحة مستمر” في اشارة منه إلى بقاء القوات الإماراتية في اليمن.

وفي هذا السياق صرح ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلي للقوات المسلحة في الإمارات، أن بلاده تعتز بوقفتها التاريخية مع السعودية في الحرب ضد اليمن. وبالاضافة الى مقتل الجنود الإماراتيين، قتل ٥ جنود بحرينيين بالاضافة الى ثلاثة جنود سعوديين، أول أمس، فضلا عن اعطاب مروحيات أباتشي والعديد من الاليات المدرعة للائتلاف السعودي.

من الواضح أن مثل هذه التصريحات من قبل القادة الإماراتيين تاتي للتغطية على الخسارة الجسيمة والاليمة التي تلقتها الإمارات أول أمس، لكن من المؤكد أن الشعب الإماراتي بعد مقتل العشرات من الجنود الإماراتيين سيصبح يتسآءل عن جدوي مشاركة الإمارات في حرب اليمن، وفي الوقت الذي خشيت العديد من الدول مثل مصر وباكستان أن ترسل قواتها البرية للمشاركة في هذه الحرب، زجّت اُسرة آل نهيان بالجنود الإماراتيين في حرب لا ناقة لهم فيها ولاجمل. فالإمارات ومنذ عدة عقود كانت قوة اقتصادية مهمة في المنطقة، ومن المحتمل أن مشاركتها في الحرب ضد اليمن ستلقي بظلالها على الوضع الإقتصادي في هذه الدولة، ومن الوارد جداً أنها ستجلب خسائر فادحة لاسواق المال الإماراتية، كما حصل ذلك قبل أسابيع في أسواق البورصة السعودية.

وفي هذه الأثناء زعمت الإمارات أن جنودها الـ ٤٥ قتلوا اثر اصابة أحد الصواريخ، أحد مستودعات الذخيرة في مأرب، لكن في المقابل أكدت مصادر اخري مطلعة أن هذه العملية نفذت من قبل حركة أنصارالله بناءً على المعلومات الإستخباراتية الدقيقة التي كانت تمتلكها حول تحركات قوات الائتلاف السعودي، حيث تم استهداف هذه القوات بصاروخ، مما ادي الى اصابة الجنود الإماراتيين بشكل مباشر، وادي ايضاً الى وقوع هذه الاعداد الهائلة من القتلى بين القوات الإماراتية. حيث لا يمكن وقوع هذه الاعداد الكبيرة من القتلي في صفوف الجنود، ومن خلال صاروخ واحد لا أكثر، ان لم يكن استهداف هؤلاء الجنود، جري وفق معلومات استخباراتية فائقة الدقة.

و حيث اوضح القيادي في حركة انصارالله "علي القحوم” في حوار صحفي لوكالة الأنباء الألمانية أنه تم استهداف تجمع لقوات الائتلاف السعودي في منطقة صافر في مأرب من خلال اطلاق صاروخ "توشكا” على هذه القوات، ما ادي الى مقتل القوات الإماراتية بهذه الأعداد الكبيرة.

وفي هذه الاثناء لازال مبكرا أن نقول إن الامارات دفعت ثمن مشاركتها في العدوان السعودي على اليمن بالکامل، بل لازال الکثير على الإمارات أن تدفعه في هذا السياق، لانها ارتكبت الكثير من المجازر بحق الاطفال والنساء عبر قصف طائراتها والحصار الذي تفرضه على اليمن، كما هي الحال بالنسبة للسعودية، ولهذا السبب يصبح من حق الشعب اليمني أن يفرح بمقتل هذا العدد من الجنود الإماراتيين.

بالاضافة الى ذلك، اعترفت البحرين ايضا بان خمسة من جنودها قتلوا أول امس في اليمن. وبناء على هذا فان جميع الدول المشاركة في الائتلاف السعودي ضد اليمن باتت اليوم أكثر متوجسة من المشاركة في اي حرب برية ضد الشعب اليمني، ولهذا يمكن القول إن هذه الدول خسرت الحرب البرية قبل أن تبدأ.

اذن ان الجيش اليمني وحركة أنصارالله، يؤکدان أن ما أصاب الجنود الإماراتيين والسعوديين والبحرينيين الجمعة الماضية ، ما هو إلاّ القليل مما ينتظرهم وهو أول الغيث وما خفي أعظم بكثير، فما بقي أمام الغزاة إلاّ لملمة معداتهم العسكرية والرحيل عن اليمن، قبل أن تحل بهم الكارثة، وذلك إذاما نفذت القوات اليمنية خياراتها الإستراتيجية، التي وعد بها السيد "عبدالملك الحوثي” زعيم حركة أنصارالله، وما نحن إلاّ قاب قوسين او أدني من ذلك، في حال استمر العدوان السعودي على اليمن.

*موقع حصاداليوم