جيش البحرين ، ذاك الجيش من ذاك الملك .
أحمد الحباسى
لنبدأ بالسؤال التالي : هل يحمى الجيش البحريني الشرعية ؟ …طبعا هناك جواب واحد ، الجيش البحريني يحمى النظام البحريني و لكنه لا يحمى الشرعية ، الجماهير الكبيرة التي تقف في الشارع منذ سنوات و الإعدامات الكثيرة للسياسيين و الناشطين في كل المجالات و تكميم الإعلام و التعتيم على الإخبار و الاعتقالات و التعذيب ، هذه ليست مقبولة من الحكومات الشرعية و الأنظمة الشرعية ، في الغرب مجرد مقال يتيم يسقط نظاما مهما كانت قوته ، لكم في فضيحة واترغيت الشهيرة ، حين تم إسقاط الرئيس نيكسون المثال و العنوان الأبرز ،بهذا التحليل نصل إلى قناعة منطقية ثابتة بأن جيش البحرين ليس جيشا شرعيا و أنه يسهر على حماية حاكم غير شرعي و أن هذا الجيش ما هو إلا مجموعة مرتزقة و قوات حماية خاصة مثله مثل عصابات المرتزق الفرنسي المعروف بوب دينار .
المظاهرات الشعبية حق دستوري ،و حتى و لئن لم يكن في البحرين دستور ، أو هناك دستور على مقاس رغبات الملك ، فان الشعب لا يحتاج إذنا للنزول للشارع بحكم أنه مصدر كل السلطات و هو الدستور المتحرك الذي لا يعارضه دستور الملك ، فهل فهم الجيش البحريني و بوليس نظام البحرين أنه بتنفيذ تعليمات الملك ضد المتظاهرين فانه يخرق الدستور الشعبي الذي هو أعلى سلطة من هذا الملك ، و الاعتقالات و التعذيب هي من جرائم الأنظمة الاستبدادية الشمولية و من ينفذها فهو ينفذ قرارا جائرا من ملك جائر ، من المهم أن نقول اليوم ، أن جيش البحرين هو جزء من منظومة فساد كاملة و أن قيادات الجيش لا يمكنها أن تكون وطنية وهى تضع نفسها تحت إمراة عميل صهيوني للخارج بحجة حماية ” الشرعية ” ، و أن المتظاهرين في تونس قد حماهم جيش الشعب باعتبارهم السلطة الشرعية قبل سلطة الرئيس المخلوع زين العابدين بن على ، و علينا هنا أن نتساءل ،ما أهمية قسم الولاء للملك إذا لم يكن ذلك الملك حاصلا على الشرعية الشعبية أو محل غضب الشارع ، و ما حاجة الشعب لجيش منزوع الدسم و الشرف يحمى الاستبداد و لا يحمى الشرعية الشعبية .
في كل جيوش العالم يحمى الجيش الشرعية الشعبية قبل الشرعية الملكية، و في كل جيوش العالم تحدث انشقاقات و اشتباكات بين مؤيدي الشرعية الشعبية و بين مؤيدي الشركة الملكية ، و في الحالة البحرينية فقد تم الالتجاء لقوات استعمارية أجنبية لحماية نظام عميل للأمريكان و الصهاينة و لضرب الشرعية الشعبية مما يؤكد أن النظام العميل لم يكن واثقا كليا في ولاء الجيش البحريني نفسه ، و من استعراض ما حدث طيلة سنوات الجمر نتأكد أن الجيش البحريني كغيره من جيوش الأنظمة الشمولية العميلة الفاسدة في الخليج الفارسي حصرا قد وقف مع الطاغية ليؤبد الاستبداد ضد الشعب و يقف حائلا دون حصول التغيير الديمقراطي المطلوب ، و قد استطاع نظام الفساد في البحرين توظيف هذا الجيش باستعمال أساليب المال القذرة معتبرا إياه مجموعة من المرتزقة لا غير .
يقال دائما أن الجيش هو ابن الشعب ، هكذا يقال عادة ، لكن من الظاهر أن الجيش البحريني لا يملك مثل هذا الإحساس ، فالجيش الذي يرضى بمثل الممارسات القمعية الوحشية التي يمارسها النظام و التي نددت بها و أدانتها كل الضمائر العالمية الحية مطعون في عقيدته و في شرفه و في انتسابه للشعب ، و نحن نفهم أن يكون القادة الكبار في هذا الجيش على قلب هذا النظام الوحشي الدموي بعد أن تخرجوا من الكليات الغربية الاستعمارية لكن ما لا نستسيغه طبعا كيف يسكت الضباط الأقل درجة و الجنود على هذه المذابح و الانتهاكات تحت حجة الانضباط و مسايرة الشرعية الملكية ، لذلك من السائغ اليوم أن نتحدث عن جيش دموي مشارك بنفس القدر من النظام في انتهاك حقوق الإنسان و التعذيب و القتل و انتهاك الحرمات و الاعتداء على الممتلكات ، و من السائغ أن نتحدث عن جيش يشبه جيوش بعض جيوش أمريكا اللاتينية التي استغلتها قيادات الانقلاب لتنكل بالشعوب و تحكم بالحديد و النار كل ذلك باسم ” التغيير ” لصالح الشعب .
يصادر ملك البحرين الأنفاس و الحريات و المطالب ، و هو يسيطر على كل مقاليد الحكم في البلاد باسم شرعية موهومة ، و حكم الملك هكذا يشبه الدول التي تحكم بواسطة المؤسسة العسكرية إذ لا مكان لتداول السلطة و اختيار الشعب و السلطة لمن يملك القوة و القدرة على ضرب المعارضة ، و لا أحد يصدق أن الجيش هو حامى الشرعية في البحرين بل هو جزء من منظومة الفساد و الاستبداد و هدر حقوق الشعب البحريني ، و حين تنعدم الحريات و تعدم المطالب الشعبية على قارعة الطريق فالجيش يصبح شريكا و أداة في هذه المؤامرة الملكية لضرب الشعب ، لان المؤسسات التي لا تحمى الشعب من جبروت الطغاة هي مؤسسات هجينة لا تستحق هذا الاسم ، لذلك يطرح السؤال ، كيف أن الجيش لم ينحز لحد الآن إلى جانب الشعب و كيف أنه لم يلتحق بالثورة و لماذا لم تلح بوادر هذا الانحياز رغم ما حصل من تهديد للحريات و اعتداء دموي على المتظاهرين من السلطة و من الجيش الاستعماري السعودي ، فهل سيصدق المثل القائل ، أن تأتى متأخرا خير من لا تأتى أبدا أم سيبقى الجيش أسيرا لمنظومة الاستبداد الملكية و يقال ذاك الجيش من ذاك الملك .