kayhan.ir

رمز الخبر: 19272
تأريخ النشر : 2015May13 - 20:03

أردوغان وسلمان... الطريق إلى الهاوية‎

يقف وراء شن أي حرب أسباب متعددة، لكن أحد هذه الأسباب يتقدم على الأخرى بضعة خطوات، فيراه البعض الباعث الحقيقي لهذه الحرب، لكن الموضوعية تقتضي ذكر ما نعرفه من أسباب مع منح ذلك السبب الذي تقدم على غيره بضعة خطوات ما يستحق من إهتمام خاص. أنور السادات مثلاً، عندما قرر المضي قدماً بتنفيذ خطط حرب تشرين بالإشتراك مع سورية، كان يحاول تنفيذ عدة أهداف منها: الحصول على مشروعيّة لحكمه، وترسيخ موقعه على رأس مؤسسات الحكم، والتعامل –مجبراً- مع الإستعدادات الضخمة للمعركة التي أنجز الجزء الأكبر منها جمال عبد الناصر... والأهم توفير المنصة العسكرية لإنجاز الإتفاق السياسي الذي أبرمه أو كاد مع هنري كيسنجر، والذي كانت مؤشراته واضحة تماماً في البرقية التي أرسلها السادات لكيسنجر في اليوم الثاني للحرب 8/10، والتي تعهد فيها بعدم تقدم القوات المصرية خطوة واحدة! فهو يريد حرب تحريك لا حرب تحرير. وفعلا بقيت القوات المصرية في مواقعها حتى يوم 13/10، ليتحول أغلب جهد الآلة العسكرية الصهيونية إلى الجبهة السورية بغية حرف هدف الحرب كما خطط كيسنجر والسادات، وصولاً للهدف الذي يتقدم على غيره، تسليم قرار الحرب والسلم في المنطقة إلى واشنطن!. ألم يقل السادات بأن 99% من أوراق الحلّ في يد واشنطن؟ هذا هو السبب الأبرز للحرب، وهو الذي ما زال يرسم صورة مصر وأغلب المنطقة حتى اللحظة.

* 2015، عام "الإنقلابات”:

صار لأبناء نجد والحجاز موعداً دائماً مع غدر الفجر، للمرة الثانية يباغتهم سلمان بن عبد العزيز فجراً لينجز المرحلة الثانية من إنقلابه على إرث سلفه عبد الله بن عبد العزيز. أكمل سلمان بن عبد العزيز إنقلابه الذي بدأه مطلع هذا العام، لكن هذه المرة حسب الأجندة الأمريكية حرفيّاً ودون أدنى مراعاة للتوازنات داخل العائلة المالكة أو في المملكة... وهذا أحد أهم أهداف الحرب على اليمن في بعدها الداخلي للمملكة، إغتصاب مشروعية الإنقلاب على ما كان يوماً "شرعية” لحكم عائلة آل سعود، وذلك بقتل اليمنيين وسفك دمائهم. وأما البعد الخارجي فيمكن تلخيصه بما يلي: حلفاء واشنطن وأدواتها مثل تركيا والكيان الصهيوني... يستمدون شرعيتهم من إنتخابات أقرب ما تكون إلى المعادلات -كما يجري مع نتنياهو الذي فاز بالإنتخابات، ولكن واشنطن تمنعه من تشكيل الحكومة حتى اللحظة، لتصل معه أو مع غيره إلى تفاهمات تغطي خططها للمرحلة القادمة- قد تعيدهم إلى موقع السلطة ليكملوا المهام الموكولة إليهم، أو يُستبعدوا ليحل آخرون مكانهم، أكثر جدّة وإلتزاماً بالمهمة... وأما في حال محميات جزيرة العرب؛ حيث الشرعية تكتسب بالتناسل والمشروعية تأتي بقرار، فلا مكان للتغير إلا بالوفاة أو الإغتيال كما حصل مع عبد الله بن عبد العزيز أو بالإنقلاب كما حصل في البحرين وقطر... وهذا تحديداً ما يقوم به سلمان عاهل آل سعود؛ إعادة بناء السلطة وفق تعليمة أمريكية، إقصاء طاقم الحكم القديم وتسليمه إلى فئة أكثر "حداثة” وشباباً أولاً، وأكثر إلتزاماً بالتعليمات الأمريكية ثانياً، وليسوا من الفئة التي غرقت بالحقد والثأرية، وضربها طاعون الشخصنة والتطرف والتزمت للرأي... حتى بات مستحيلاً عليها تقبل التراجع أو المراجعة، وصارت عقدة كأداء غير قابلة للحل إلا بالإقصاء والعزل ثالثاً... وهذا ما يفسر إستبدال سعود الفيصل بوزير الخارجية الجديد والسفير السابق لدى واشنطن عادل الجبير. ولنتذكر أن الجزء الأول من إنقلاب سلمان بن عبد العزيز جاء قبيل زيارة أوباما للمملكة بساعات، وأما الجزء الثاني فقد أنجز قبل لقاء أوباما في كامب ديفيد بأسابيع تقريباً، وبعد أيام من تصريحه الشهير لصحيفة "نيويورك تايمز” 6/4/2015: "إن أكبر خطر يتهدد دول الخليج الفارسي ليس التعرّض لهجوم من إيران، وإنما السخط داخل بلادهم...”. لذلك برر سلمان سلسلة التغييرات التي أجراها بالحفاظ على "الوحدة”، وهذا يؤكد بأن ما قام به من تعيينات يرتبط بمطالب امريكية، وفي سياق التحضير للقاء إوباما. جاء الردّ الأمريكي سريعا على هذه التغييرات: إن واشنطن تشعر بارتياح لتصعيد وجوه شابة على سلّم الحكم في السعودية، وترقية عادل الجبير إلى منصب وزير الخارجية، لكنها لا تزال تعكف على تقييم التعديلات ولا سيما زيادة نفوذ الفرع السديري.

لكن ما علاقة ذلك بسورية؟.

* فرضية:

شهران -أيار وحزيران- ويتم التوقيع على الإتفاق النووي الإيراني الذي أنجزت جُلّ تفاصيله منذ أشهر، وخلال هذه المدة سيتم التفاوض على الكثير من القضايا العالقة والمستجدة، والتي لم يتوقف التفاوض حولها أبداً خلال الفترة السابقة. لنأخذ الحرب السعودية على اليمن مثالاً، لقد أعلن المبعوث الأممي قبل أيام، أن الإتفاق بين القوى والأحزاب اليمنية كان وشيكاً قبل أن تخلط "عاصفة الحزم” الأوراق، أي أن الحرب جاءت مفاجئة وخارج سياق العملية السياسية، ولكن هذا الإتفاق سيبقى أساساً للمفاوضات القادمة.

تقول الفرضية، وعلى لسان واشنطن:(لقد عملنا على تغيير الخرائط في المنطقة كي نُرسي نظاماً إقليميّاً يسمح بإستمرار واشنطن كقوة عظمى تتفرد بإدارة العالم، ويسمح لحلفائنا في منطقة الشرق الأوسط بإقامة تحالف قائد وقوي، مكون من "إسرائيل” وقوى "الإعتدال العربي”... يُدير المنطقة، ويحفظ أمنها، لنتفرغ نحن لصراع المستقبل في آسيا... لكننا فشلنا... وبتنا مجبرين على التفاوض مع القوى التي حاربناها بالأمس تحت غطاء الملف النووي الإيراني... وهذا يتطلب منكم، حلفائنا في المنطقة، إعادة ترتيب أوضاعكم الداخلية وفق مقتظيات هذا العنوان، وسنمنحكم فسحة من الزمن –شهران- لتعديل موازين القوى على الأرض وشروط التفاوض... ولكن لا تنتظروا منّا الكثير من العون، عليكم الإعتماد على أنفسكم، وعلى تحالفات أنتم من سيعمل على إنشائها. إذا نجحتم أجلنا الإتفاق النووي، ومضينا في مشروعنا، وإذا فشلتم عليكم التهيوء للإستدارة الكبيرة في المنطقة).

* أحداث وتفسيرات:

1- خلال جولة له في أميركا اللاتينية، يستقيل مدير مخابراته، وصندوق أسراره، وعراب الجماعات الإرهابية في المنطقة، حقان فيدان، يعود أردوغان مسرعاً إلى بلده ليتدارك الموقف... حقان فيدان هو البديل الحقيقي لأردوغان. يستمهل واشنطن حتى توقيع الإتفاق النووي، ويتعهد لها بتحقيق إنجاز كبير في شمال سورية.

2- أردوغان يطلب من سلمان إعادة ترتيب أوراقه بما يتناسب مع المرحلة الجديدة، ويطلب منه تحصين بيته الداخلي، نحن مستعدون لضمان أمنكم ضد أي عدوان خارجي، لكن عليكم أنتم ترتيب أمنكم الداخلي. يتعهد سلمان بإجراء تعديلات تمكنه من الإمساك بقوة بالمملكة، وبالتعاون مع أردوغان لإحداث خرق في الشمال السوري، وتحديداً حلب.

3- إستباقاً لأي خرق في اليمن يقوم آل سعود بغزو اليمن، وإحداث خرق في سورية عبر السيطرة على معبر نصيب، للتعمية على الهدف الرئيس، إسقاط حلب.

4- 6/4/2015، ولي ولي العهد ووزير داخلية آل سعود محمد بن نايف يصل إلى العاصمة التركية أنقرة قبل يوم واحد من زيارة أردوغان لإيران، ويجتمع بأردوغان لساعتين تقريباً.... كان المخطط يقضي بوصل ريفي ادلب وحماة وصولاً إلى الريف الشمالي والشرقي لحمص وحتى ريف الرقة وذلك لتحقيق عدة أهداف دفعة واحدة، منها:

-تمكين النصرة وبقية الفصائل الإرهابية المتحالفة معها من تشكيل "دولة” على غرار داعش.

-إرباك القيادتين السوريتين العسكرية والسياسية بتهديد الساحل السوري إذا ما قرر الجيش العربي السوري التحرك.

-قطع طرق الإمداد عن حلب –الهدف الرئيسي وراء الغزو التركي لإدلب.

# توفير الملاذ الآمن لإرهابيي داعش في حال تم طردهم من العراق ليذوبوا في الجيب الإرهابي الذي تحاول تركيا صناعته في وسط وشمال سورية تمهيداً لمعركة حلب الكبرى.

-ملاقاة المشروع الأمريكي في العراق بإنشاء جيب سني غرب العراق بجيب آخر شمال-شرق سورية.

* كلمة أخيرة:

أردوغان، تستيطع شن عدوان، لكنك لن تستيطع إعادة الأمور إلى ما قبل زمن العدوان، وعليك تحمل تبعات ما إقترفت يداك؛ إن لم تسقط، ستكون مضطراً للقيام بإنقلاب على طريقة سلمان، ألم يقل أردوغان قبل أيام: تركيا لم تعد قادرة على مواصلة الطريق بعربة مهترئة بات وقودها موشكًا على النفاد؟ وعندها ستسقط أيضاً. الجيش العربي السوري أعاد فتح الطريق من سهل الغاب بريف حماه إلى‫ ‏أريحا والمسطومة بريف إدلب، وبالتالي سقط مخطط أردوغان بخلق إتصال بين أرياف ادلب واللاذقية وحماه عبر أدواته الإرهابية... الآن، معظم أدواته معزولة عن بعضها البعض، وجاهزة للسحق. الإستعدادت القائمة لمعركة على مستوى الإقليم، وليس فقط لتطهير محافظة إدلب. هم يرون ما تُعده سورية وحلفائها، وما تحركه من أسلحة إستراتجية من أجل هذه المعركة. العماد فريج قال في طهران جملة غفل عنها الكثيرون:”إن معركتنا واحدة في القضاء على الإرهابيين المجرمين التكفيريين والقتلة فى كل مكان في سورية، وحتى سنساعد أيضاً فى خارج سورية”. كبيرة جداً هذه الجملة، إنتظروا ترجمتها ميدانيّاً.

سمير الفءاع