الهند تسعى لكسر الجليد في علاقاتها مع ايران عبر مشروع ميناء جابهار الاستراتيجي
نضال حمادة
في سعيها لكسر الجمود السائد في علاقاتها مع ايران منذ عدة سنوات بسبب العلاقات التي تجمعها مع "إسرائيل” وبسبب تخلفها سابقا عن دفع مستحقات النفط الإيراني الذي تستورده ، تسعى الهند لإعادة التواصل مع ايران بعد التغيرات التي تحصل في منطقة الخليج وخصوصا في اليمن والتي تهم الهند بسبب السعي السعودي لتوريط باكستان في الحرب على اليمن وبسبب الصين أيضا التي ضغطت على اسلام آباد لانجاز خط سكك طريق الحرير وخط انابيب غاز الطريق نفسه والذي يصل ايران بالصين عبر باكستان.
وفي مساعي الهند هذه قام وزير النقل الهندي نيتين غادكاري بزيارة لطهران قبل عدة أيام للبحث في استعداد الهند لتمويل بناء ميناء شاباهار في شرق ايران.
وتعتبر الهند مشروع ميناء شاباهار موضوع استراتيجيا حيويا لها وتعود الهند عبر هذا المشروع للتواصل مع ايران والذي يضم الميناء البحري والخط السريع مشروع الذي يصل هذه المنطقة بأفغانستان وشاباها هي منطقة في ايران تقع على الحدود مع باكستان.
وتشير المعلومات ان المسعى الهندي هذا وان كان يتم حول مشروع يمر في باكستان لكن ليس له اية علاقة بمحاولة هندية لتحسين العلاقات الهندية الباكستانية التي لن تتحسن قريبا ويعود السبب الاستراتيجي الذي دفع الهند الى التواصل مع ايران وعرض خدماتها في مشروع الميناء والطريق السريع في شاباهار للقلق الهندي من ازدياد التواجد الصيني بشكل كبير في ميناء غوادار الباكستاني المجاور.
وتشير المعلومات أيضا ان الهند علمت بخيارات إيرانية أخرى في هذا المجال خصوصا عرض تقدمت به الصين عبر شركة هاربور انجينيرينغ لتنفيذ هذا المشروع ما دفع الوزير الهندي الذي يعتبر مسؤولا من الدرجة الأولى في الهند الى زيارة ايران وتوقيع بروتوكل اتفاق مبدئي لتنفيذ المشروع. كما وتسعى الهند أيضا لاستباق المفاوضات بين ايران والغرب خصوصا انها مقتنعة بحصول اتفاق بحلول نهاية حزيران القادم.
بالنسبة للصين يعتبر مشروع شاباهار منطقيا بسبب قربه من ميناء غوادار الباكستاني ويعتبر المشروع الإيراني بمثابة حزام للطريق الذي يعمل لانشائه والذي سوف يوصل الخليج بافغانستان وباسيا الوسطى والأسواق الاسيوية كما انه يعطي إمكانية للوصول الى مقاطعات في الصين عبر طرق أخرى.
وتعتبر ايران ان توقيع البروتوكول الاولي مع الهند سوف يدفع الصين الى محاولة الدخول في المشروع وعندها يمكن ان تقرر طهران كيفية إدارة الملف حسب مصلحتها.
في نفس السياق تعتقد الهند التي كانت تعتبر نفسها حليفة ايران في أفغانستان انها ما زالت على سياستها التقليدية في اسيا الوسطى وفي أفغانستان بينما الوقائع الاستراتيجية والجيوسياسية للمنطقة تغيرت منذ زمن بعيد، فبينما تسعى الهند للتعامل بسياسة براغماتية مع ايران في الملفات الإقليمية وضعت أيضا اوراقها القوية عند الأمريكي خلال السنوات العشر الماضية بينما كانت طهران ترفض التواجد العسكري الأمريكي في أفغانستان وتحاربه و في نفس الوقت تريد ايران تقوية علاقاتها مع باكستان التي تسعى معها لتمديد خط غاز طريق الحرير الذي يصل ايران بالصين والذي يؤمن تصدير كميات كبيرة من الغاز الى الصين على المدى الطويل.
وهنا تتساءل طهران حول عقلانية السماح لشركات هندية بالتواجد و اسثمار مرفأ جابهار على بعد 70 كلم من ميناء غوادار حيث تسعى كل من الصين وباكستان لتطوير ميناء تجاري وقاعدة بحرية كبيرة. وتشير المصادر ان العقل الاستراتيجي الإيراني يعمل من مبدأ أقامة العلاقات على المدى الطويل ومن هنا تبدو العلاقات الهندية مع كل من "إسرائيل” وواشنطن عقبة في وجه أي تعاون اسيتراتيجي بين طهران ونيودلهي رغم السياسة الإيرانية البراغماتية التي تسعى لتطوير العلاقات مع الهند ، وعلى اية حال يأتي مشروع شاباهار في ايران ليغير المعطيات التاريخية في اسيا الوسطى فهل تطور الهند سياستها اتجاه طهران وبذلك تحمي سياستها في المنطقة على المدى البعيد ام تبقى رهينة علاقاتها مع أمريكا و”اسرائيل”؟