بعد فشل العدوان..’القاعدة’ تحارب اليمن بدعم جوي ومالي من آل سعود
شارل أبي نادر
عندما بدأت "عاصفة الحزم” أو الحملة الجوّيّة على اليمن منذ ما يتعدى الشهر، كانت أهدافها المُعلنة، إعادة الرئيس الفار عبد هادي منصور لاستلام الحُكم واستسلام أنصار الله(الحوثيّين) والجيش اليمني بأغلب وحداته المُتحالفة معهم وإبعاد النّفوذ الإيراني عن اليمن، وقد ترافقت هذه الحملة الجوّيّة مع حملة إعلاميّة واسعة تخلّلتها ضغوطات سياسيّة ودبلوماسيّة وتهديدات باجتياح برّي وتدخُّل عسكريّ مُباشر لتحالف واسع من أكثر من دولة عربيّة وإسلاميّة.
اليوم وحسب المُتحدّث العسكريّ باسم العدوان : ( إنّ المرحلة الأولى انتهت مع اعلان انتهاء”عاصفة الحزم”، وبدات مرحلة جديدة باسم "عملية اعادة الامل " ، وقد نُفّذ خلال المرحلة الاولى 2300 طلعة جوّيّة تمكنت من تحييد حوالي 95% من الدّفاعات الجوّيّة التي استولى عليها الحوثيون، ولكن هذا المُتحدّث لم يجد هدفاً عسكريّاً آخر غير ذلك ليعلن عن تحقيقه في المرحلة الأولى، ويتابع قائلا : "إنّ أهداف المرحلة المُقبلة هي أوّلاً منع تحرك القوى على الأرض عملانيّاً”، ولكنّه لم يذكر أنّ الجيش واللّجان الشعبيّة في اليمن قد سيطرت على أغلب المُحافظات والمُدن الرئيسيّة اليمنيّة، وإنّها تنتشر في صنعاء بالكامل وفي أغلب مناطق ونواحي عَدَنْ وفي مُحافظات ذمّار والحديدة وحجة وعمران وصعدة وتعز وتسيطر على أجزاء واسعة من شبوة والبيضاء والجوف وإب والضالع ولحج، كما ويُتابع المُتحدّث العسكريّ قائلاً: "إنّ الهدف الثاني للمرحلة المُقبِلة هو حماية المدنيّين واستمرار دعم وتسهيل عمليّات الإجلاء والعمليّات الإنسانيّة والإغاثة”، ولكنّه لم يُشر إلى أن غارات الطيران السعوديّ لم تحقّق إلّا أهدافاً ضدّ المدنيّين العزل، حيث ارتُكِبت المجازر بحقّهم في مختلف المدن والأحياء الشعبيّة، ولم يُذكر أنّ هذه الغارات دمّرت البُنى التحتيّة وطُرق المواصلات والتي هي أصلاً دون المُستوى المطلوب ولم يتطرّق إلى ان هذه الغارات حققت أهدافها في المناطق الأثريّة وفي المنشآت الرياضيّة فدمّرتْها وأزالتها من الوجود وأكملت على مخازن الأسلحة الاستراتيجيّة للجيش اليمنيّ (صواريخ سكود) فقدّمت لإسرائيل هديّة قيّمة في تدمير قسم مهم منها.
العدوان السعودي على اليمن
بعد أن حيّدت باكستان نفسها (جيشاً وحكومة ومجلس نوّاب) عن مُشاركة السعوديّة في الحملة البرّيّة لفرض أهداف التحالف المذكورة، وبعد أن ظهر التردّد والخوف المصري واضحين في الاشتراك مع "خَدَمْة الحرمين الشريفين” في ذبح الشعب اليمنيّ وفرض القهر السياسيّ والاجتماعيّ عليه بالقوّة، وبعد أن استحقَّ السعوديّون رهبة وصعوبة قيامهم بالتدخّل البرّيّ والذي لم يفكّروا به أصلاً منفردين ولن يجرأوا عليه، خصوصاً عندما لمسوا التّماسك المُلْفت للشعب اليمنيّ جيشاً ولِجاناً شعبيّة، وعندما تأكّدوا من شَراسة وإصرار وتصميم "أنصار الله” في دفاعهم عن حقوقهم المُقدّسة وتاريخهم المُتجذّر في أرض اليمن،عدلوا عن عدوانهم ظاهريا وانتقلوا إلى الخطّة البديلة في مُناورتهم وهي الاستعانة بتنظيم القاعدة، هذا التنظيم الذي هم رُعاته وداعموه، هذا التنظيم الذي يدفعون الكثير في سبيل تجهيزه عقائِديّاً مِنْ خلال مدارسهم وجمعيّاتهم الدّينيّة المُتطرّفة وعسكريّاً من خلال مُساعدات ومُوازنات سرّيّة ضخمة، فحرّكوا كوادره وعناصره واعتبروه القوّة البرّيّة الرّديفة في حملتهم على اليمن.
بدايةً استفادت القاعدة من سحب القوّات
الأميركيّة الخاصّة من اليمن والتي كانت تقوم بعمليّات سرّيّة في مُلاحقة عناصر هذا
التنظيم بالإضافة إلى التخفيف وحتى الإلغاء بالكامل لعمليّات مُلاحقة
كوادر وقيادات التنظيم بِطائرات "درون” دون طيّار، ثُمّ قدّم لها التحالف
الجويّ أو طائرات "عاصفة الحزم” دعماً جويّاً فعّالاً بطريقة غير مُباشرة إذ
وحسب صحيفة "نيويورك تايمز” نقلاً عن جمال بن عمر المبعوث الأممي السّابق
في اليمن: "فإنّ السعوديّة دعمت بشكل غير مباشر القاعدة حيث أنّ قصف
التحالف ترك فراغاً هائلاً في اليمن استغلّه التنظيم، ويقول أيضاً "ستيفن
سيش” السفير الأميركي السّابق في اليمن: "لقد أصبح للتنظيم في شبه الجزيرة
العربيّة مساحة واسعة للتحرُّك، ولهم قدرة على تجنيد أتباع على خلفية أو
بهدف (مواجهة المشروع الرّافضيّ الفارسيّ في اليمن)، حسب ما ذُكر حرفيّاً،
وهكذا فقد سيطرت القاعدة على أجزاء واسعة جنوباً في مدينة المكلا
عاصمة حضرموت وعلى مدينتي الشحر والضّبة الساحلتين جنوبا وأحكمت سيطرتها على
المنطقة العسكريّة الأوّلى الواقعة في مدينة "سيئون” في حضرموت وعلى
أجزاء واسعة من مُحافظتي شبوة ومأرب ومنها مُعسكريْ نخلا والسحيل واللذان
يُعتبران من أهمّ معاقل القاعدة في مأرب.
قاد الجيش اليمنيّ واللّجان الشعبيّة اليمنيّة
مُواجهة واسعة ضدّ طائرات التحالف الذي تقوده السعوديّة وضدّ عملائه في
الدّاخل وقد سيطر مع حلفائه على أغلب المواقع التّابعة للرئيس عبد ربّه منصور
ويعْمَل على تطهير عدن بالكامل وضواحيها ومنها: "التواحي” و "المنصورة”
وغيرها...
وقد تم اكتشاف خلايا تجسّس تابعة لحزب الإصلاح عملت على زرع شرائح إلكترونيّة مكنت الطيران من تحديد إحداثيّات المواقع المُستهدفة، وهو الان يقود مُواجهة شرِسة ضدّ قوّات برّيّة سعوديّة المنشأ والهوى (عناصر تنظيم القاعدة) في مناطق عدة وأهمّها في شرق اليمن وفي الجنوب الشرقيّ منه، إذ يُنفّذ مُناوراته العسكريّة على الأرض ضدّ هذا التنظيم المدعوم جوّيّاً من طائرات التحالف السعودي بالكامل، ويعمل أيضاً على فصل أماكن سيطرة القاعدة في أكثر من منطقة ومنها في شبوة بين مديريّة "عزّان” ومديريّة "عتق” وقد سيطر على منطقة "المشجع” في مأرب وهي تفصل بين مُعسكريّ القاعدة في "نخلا” وفي "السحيل”، كما ونجَحَ في التقدُّم في أجزاء من مُحافظة أبين تجاه ميناء "شُقرة” على السّاحل الجنوبي بين مدينتي عدن والمكلا وهو يتقدّم من "صراوح” شرق صنعاء باتجاه مدينة "مأرب” (أكبر مُعسكر للقاعدة) حيثُ حقّق إصابات موجعة في صفوفها في "كو ل” بمأرب.
وهكذا فالحرب البرّيّة على اليمن تُشنْ حاليّاُ بواسِطة تنظيم القاعدة وتحت غطاء ناري سعودي جوي وبحري كبير وبإشراف مُباشر من تحالف واسع من الدّول العربيّة وبعناية الولايات المُتّحدة الأميركيّة وتحت نظر المُجتمع الدّولي.