حادثة إطلاق سراح الدبلوماسي الايراني في اليمن، وحادثة إطلاق سراح المختطفين المصريين في مطار لارنكا عام 1978.
آدم العربي
لو فتشنا بين التحف العالمية، أكيد سنجد هنالك سجاد ايراني بينهم، وكما هو شائع، أن السجاد الايراني، هو الاكثر: جودة، دقة، وجمالاً، والافضل والاطول عمراً بين كل السجاد العالمي. كما أن صناعة السجاد، تتطلب فنون عديدة، مثل: الرسم، خلط الالوان وتناسقها، فن الخط، والزخرفة، أيضا، تتطلب مهارات عديدة، مثل مهارة: غزل الخيوط بأنواعها، صبغ الخيوط، ومهارة الحياكة.
أيضاً، هذه الصناعة تتطلب طبائع نادرة، وليس سهلة الوجود عند البشر، مثل: الصبر، الجد، الإصرار، المثابرة، الدقة، القناعة، والكرم! والغريب، أن هذه الصناعة تمارس من قبل شريحة واسعة من الشعب الايراني، في: البيوت، القرى، والمدن، ولا تستغرب حين تدخل الى إحدى الشقق، في طهران، وتجد فيها غرفة خاصة لحياكة السجاد، اعتزلتها الاسرة لهذا الغرض! ومن هنا، انعكست هذه الصناعة على شخصية الفرد الايراني، ولا غرابة في ذلك، حيث أن معظم الحلاقين في العالم يتشابهون في الطباع، أغلبهم ثرثار، ولبق، بحكم طبيعة عملهم، أيضا المزارعون في العالم يتصفون بصفات مشتركة، والكلام يطول لو أردت أن أذكر بقية الامثلة.
الخلاصة، أن حرف صناعة السجاد، جعلت الفرد الايراني، يتصف بما يلي: صبور، جدّي، دؤوب، مثابر، دقيق، قنوع، محب للعلم، وكل الفنون، وخاصة الشعر، الخط، الزخرفة، والرسم، أيضاً،يجيد فن استخدام الوقت، ويجيد التعامل مع المال، ويعرف قدره، لانه كسبه بعرق جبينه، وهنالك صفات أخرى يضيق المجال في حصرها هنا، انهي هذه المقدمة بقول نبي الامة محمد (ص):
"لو كان العلم في الثريا، لناله قوم من فارس”.
من خلال المقدمة، أستنتج، أن عقلية هذا الشعب، تميل الى العقل لا العاطفة، في معالجة أموره الحياتية، بينما نحن العرب، تطغى في عقليتنا، العاطفة على العقل في ذلك! أستدل على ما قلت، بهذين الحدثين: الاول معالجة الحكومة المصرية بقيادة الرئيس الراحل أنور السادات، لموضوع اطلاق سراح المختطفين المصريين من قبل "جماعة صبري البنّا” المدعومة من قبل صدام آنذاك، في مطار لارنكا بتاريخ 29-02-1978، والحدث الثاني، معالجة الحكومة الإيرانية بقيادة ولي الفقيه، الامام الخامنئي، لموضوع إطلاق سراح الدبلوماسي الايراني نور أحمد نيكبخت، بعد حوالي ثمانية عشر شهراً من أحتجازه، على يد ارهابيي القاعدة المتشددين في اليمن. سأتكلم بأختصار هنا، لضيق المجال، والذي يريد تفاصيل أكثر، عليه بمراجعة الحاج كوكل.
في 18 فبراير من عام 1978 تم أغتيال وزير الثقافة والاعلام المصري، يوسف السباعي، في نيقوسيا/ قبرص، حيث كان مشارك في مؤتمر هناك، على يد "مجموعة صبري البنا” الفلسطينية، والمدعومة عراقياً، التي تعرف بمجموعة "ابو نضال” ثم تابعوا عمليتهم بأحتجاز عدد من المصريين والعرب الحاضرين في ذلك المؤتمر، وهددوا بقتلهم، ان لم تزودهم الحكومة القبرصية بطائرة تقلهم خارج قبرص، استجابت لهم الحكومة القبرصية، بقيادة رئيسها "سبيروس كبريانو” وزودتهم بطائرة، وطاروا بها الى دول عديدةمن الدول العربية، إلا أن جلها رفضت استقبالهم، اضطروا وعادوا الى مطار لارنكا القريب من العاصمة القبرصية نيقوسيا.
"السادات” إتصل بنظيره القبرصي "سبيروس كبريانو” وطلب منه حماية الرهائن، وتسليم المُختَطِفِين، استجاب الى طلبه الرئيس القبرصي، لكن مساعيه باءت بالفشل، على اثر ذلك أرسل السادات رسالة مقتضبة لنظيره القبرصي، مفادها سأبعث الرجال ليقوموا بالواجب، دون تفاصيل!. وفي يوم 29 فبراير 1978، ارسل السادات الوحدة "777 قتال” بقيادة "العقيد مصطفى الشناوي” على متن طائرة عسكرية ضخمة من نوع "C-130″ دون استئذان السلطات القبرصية! وبمجرد وصولها الى مطار لارنكا بادروا بمهاجمة طائرة الرهائن! إلا أن قوات الامن القبرصية منعتهم، على اعتبار هذا اعتداء على سيادة قبرص، لكنهم لم يذعنوا، وحدث قتال بينهم اسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى وتدمير الطائرة المصرية، وقتل طاقمها! تصرف عجيب وغريب، الحماقة واضحة جداً فيه.
أما موضوع الدبلوماسي الإيراني الذي أختطف في 21 يوليو 2013، من قبل أعضاء في القاعدة، لم تتعاون في حينها حكومة صنعاء على اطلاق سراحه، فالتجأت الحكومة الايرانية على الفور في تشكيل لجان خاصة من وزارة الخارجية، ووزارة الامن لمتابعة قضيته، والمحافظة على حياته. ظلت هذه اللجان تعمل بهدوء، وصبر، الى أن حررته في 26، فبراير، 2015، ونقلته سالماً على متن طائرة ايرانية خاصة الى طهران.
يقول نائب وزير الخارجية الايرانية، أمير عبد اللهيان: إن العملية تمت بنجاح تام، بعد سلسلة من العمليات الصعبة، والمعقدة، من قبل وحدة من قوات الامن الايرانية، ودون أن ندفع أي فدية للارهابيين.
إن عدم تقديم إيران تفاصيل واضحة عن هذه العملية، جعلت القضية، مثاراً للجدل، المهم حرروا رهينتهم دون طنة ورنين، ودون خسائر تذكر، معتمدين على عقلية صانع السجاد، التي تعتمد على العقل، والصبر، والحلم، والعلم، والارادة، والمثابرة.