الأيام قبل الأخيرة
علي بدوان
مازالت استطلاعات الرأي في "إسرائيل” تتضارب في تقديراتها بشأن النتائج المُتوقعة لانتخابات الكنيست العشرين التي باتت على الأبواب، وهذا التضارب أمر مُتوقع في مُجتمعٍ مُتحرك، تجري فيه التحالفات والتحالفات المقابلة، وتتفكك فيه التحالفات كل ساعة، لتبرز تحالفات جديدة،.
حيث البراغماتيا السياسية النفعية والشخصانية طاغية على سلوك الأحزاب والأفراد في مُجتمعٍ تَتَعَدد فيه الأصول القومية وحتى الإثنية للسكان.
آخر نتائج استطلاعات الرأي تتنبأ بتعادل عدد مقاعد القطبين الرئيسيين: حزب (الليكود) والمعسكر الصهيوني الآخر (حزب العمل + حزب الحركة بقيادة تسيبي ليفني)، مع احتمال تفوق أحدهما على الآخر بمقعد أو اثنين فقط من مقاعد الكنيست المائة والعشرين.
مع توزع باقي المقاعد على عموم أحزاب اليمين الأصولي، وبعض القوى المحسوبة على "اليسار الصهيوني” كحزب (ميرتس)، فضلاً عن القائمة العربية الموحدة.
ويبدو أن النتيجة الانتخابية النهائية في السابع عشر من مارس القادم 2015 لن تبتعد عن التوقع الوارد أعلاه، إلا في حال حدوث مفاجآت كبيرة غير مُتوقعة، حيث يسود القلق في قيادة حزب الليكود من توزع المقاعد المُحتمل داخل المعسكر اليميني وداخل المعسكر الأصولي، فهو يخشى ان يكون عرضة لابتزاز كبير من قبل كل هذه الموزاييك الحزبية اليمينية واليمينية المُتطرفة التي سيضطر عندها لإرضائها في أي تشكيل حكومي ائتلافي معها، إذا ما رفض حزب العمل المشاركة في حكومة شراكة وطنية بزعامة بنيامين نتانياهو.
وما يقلق نتانياهو أيضاً وجود (حزب كحلون) وهو الحزب المُقدر له أن يكون الأكثر استمالةً لمصوتي حزب الليكود الذين قد تتأثر مواقفهم بفعل ما ينسب من مسؤوليات لنتانياهو عن الأزمة الاقتصادية في "إسرائيل” وعن تدهور العلاقات "الإسرائيلية” الرسمية مع واشنطن.
بالمقابل، يتوقع أن تزيد نسبة التصويت ولو بشكلٍ محدود لصالح حزب العمل، وهو الحزب التاريخي المؤسس للدولة العبرية الصهيونية، وهي زيادة قد تنتج على الأرجح من عودة بعض الأصوات الى الحزب، ومن تراجع حزب تومي لبيد (حزب يش عتيد/يوجد مستقبل) وتراجع حزب (ميرتس)، أي ان بعض ما يتوقع أن يكسبه حزب العمل ناتج عن حالة ظرفية للمشهد الحزبي "الإسرائيلي” الداخلي، ومنها أزمة العلاقة التي يواجهها نتانياهو مع البيت الأبيض، ووصول التسوية الى طريق مسدود، وازدياد عزلة "إسرائيل” زمن نتانياهو، وظهور شبه إجماع نخبوي وإعلامي وسياسي مؤثر في "إسرائيل” بات يتبنى شعار (كله إلا بيبي)، وبالتالي فإن تقدم حزب العمل المُتوقع ولو بشكلٍ محدود ليس نتاج سياسات قيادة الحزب ورئيسه إسحق هرتزوغ.
وبكل الحالات، لا يبدو ان حزب العمل سيكون بديلاً حقيقياً، فحتى حملته الانتخابية متواضعة في نفوذها بين الناس، وغالبية الأصوات اليهودية موجودة في يمين الخريطة الحزبية بكل تمزقاتها الحزبية الكبيرة والصغيرة، لذلك عمل حزب العمل خلال الأيام الأخيرة على ركوب موجة التطرف، بتكرار ممجوج لشعارات ومواقف حزب الليكود، وهذا ما أظهره برنامجه السياسي الذي نُشِرَ مؤخراً.