حركة النهضة بين مطرقة المشاركة في الحكم وسندان خسارة المناصرين
روعة قاسم
عاد الإحتقان ليطغى على المشهد السياسي التونسي بعد أكثر من سنة على انتهاء الأزمة مع انطلاق الحوار الوطني. فهناك أياد خفية تحرض أهل الجنوب التونسي وتحاول أن تربط بينهم وبين تصريحات قائد السبسي التي جاء فيها أن الإرهابيين هم الذين صوتوا للمرزوقي في الدور الأول للإنتخابات الرئاسية.
ذلك أن أغلب من صوت للمرزوقي هم أبناء الجنوب التونسي حيث القاعدة الجماهيرية لحركة النهضة وبالتالي فمن يلعب على هذا الوتر الجهوي يؤكد للجنوبيين أنهم المقصودون بتصريحات قائد السبسي. وتؤكد مصادر في حركة نداء تونس أن رئيس الحركة سيتوجه قريبا بكلمة إلى الشعب التونسي يوضح فيها موقفه مما يتم الترويج له.
مساومات
ويرى أغلب الخبراء والمحللين أن قائد السبسي هو الأوفر حظا للفوز في الدور الثاني بعد أن أعلن حزب آفاق تونس الحائز المركز الخامس في الإنتخابات النيابية منذ الدور الأول. كما عبر الأمين العام للإتحاد الوطني الحر الحائز المركز الثالث في الإنتخابات النيابية ضمنيا عن إمكانية دعم قائد السبسي في الرئاسيات إذا قدم لحزبه ما يرضيه من حقائب في الإئتلاف الحكومي القادم.
وتبدو الجبهة الشعبية الحاصلة على المركز الثالث في الإنتخابات النيابية أقرب لدعم قائد السبسي أو الحياد في كل الحالات. فكثير من قادة الجبهة يتهمون المرزوقي بفتح أبواب قصر قرطاج لتكفيريين لديهم مسؤولية في العنف المستشري في البلاد والذي أوصل إلى اغتيال ابني الجبهة شكري بلعيد ومحمد البراهمي، كما لم تغفر الأحزاب القومية في الجبهة للمرزوقي إقدامه على قطع العلاقات مع سوريا واحتضانه لما سمي "مؤتمر أصدقاء سوريا”.
دعم نهضوي
ويجمع جل الخبراء على أن حركة النهضة التي دعمت المرزوقي في الدور الأول، وبفضل أصوات جمهورها احتل المركز الثاني، لن تتخلى عنه وستواصل دعمه في الدور الثاني بخلاف تصريحات راشد الغنوشي التي حث فيها أنصاره على ملازمة الحياد. فحزب المرزوقي وبدون دعم حركة النهضة مني بهزيمة مدوية في الإنتخابات النيابية وما كان ليبلغ الدور الثاني لو كان للحركة مرشح من أبنائها.
كما يدعم المرزوقي مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي الذي لم يحصل حزبه على أي مقعد في الإنتخابات النيابية الأخيرة وبعض الأحزاب الصغيرة القريبة من حركة النهضة. وتدعمه أيضا رابطات حماية الثورة المتورطة في أعمال عنف وقتل وسحل أحد القادة الجهويين لحركة نداء تونس التي يرأسها الباجي قائد السبسي.
رئاسة البرلمان
وتداولت مواقع التواصل الإجتماعي وبعض وسائل الإعلام خبرا مفاده أن نداء تونس قرر منح رئاسة البرلمان لزياد الأخضر القيادي في الجبهة الشعبية الذي خلف الشهيد شكري بلعيد على رأس حزب الوطنيين الديمقراطيين. وإذا صح هذا الخبر فإن حركة نداء تونس تكون قد قطعت الطريق أمام حركة النهضة التي ترغب في رئاسة المجلس النيابي حتى أن البعض رشح الشيخ عبد الفتاح مورو لهذا المنصب.
لكن أطرافا عديدة تؤكد أن الخبر مجرد بالون اختبار وهو من تسريبات الندائيين للضغط على حركة النهضة لتكف عن دعم المرزوقي ضمنيا في الدور الثاني من الإنتخابات الرئاسية. فالحركة الإخوانية وضعت في موقف لا تحسد عليه، فإما دعم قائد السبسي لنيل نصيبها من "كعكة الحكم” وخسارة جانب هام من قواعدها المصرة على دعم المرزوقي، وإما الإصرار على دعم المرزوقي والحفاظ على ولاء القواعد بالاستجابة لمطلبهم وعدم المشاركة في الحكم والانتقال نهائيا إلى صف المعارضة.
ويطالب قائد السبسي حركة النهضة بتوضيح موقفها ملوحا بورقة الحكومة ويدرك أن قادة الحركة لديهم رغبة البقاء في السلطة.