kayhan.ir

رمز الخبر: 9715
تأريخ النشر : 2014November07 - 19:55

كيـف أسقـط سماحـة السيـد إستراتيجيـة إسرائيـل الجديـدة؟..

أحمد الشرقاوي

بقراره الإطلالة على جمهوره ومناصريه ومحبيه ليلة العاشر من عاشوراء، وإصراره على الإطالة في إلقاء كلمته حول الوضع السياسي اللبناني والوضع الإقليمي مباشرة من ملعب الراية بالضاحية الجنوبية.. يكون سماحة السيد قد أسقط نظرية "إستهداف مسؤولي الحزب” لحسم الحرب اللبنانية الثالثة قبل أن تبدأ، والتي قال بها ضابط رفيع المستوى عضو أركان الجيش الصهيوني قبل ساعات قليلة.

واللافت في موقف سماحته، أنه تعمد هذه المرة أن يعطي لإسرائيل الوقت الكافي لتقرر إن كانت فعلا قادرة على تنفيذ إستراتيجيتها، بإصدار الأمر لقواتها الجوية القريبة من الضاحية الجنوبية بإستهداف سماحة السيد بلحمه وشحمه وليس أي قيادي آخر في الحزب..

الطعم كان كبيرا، مغريا، وغير متوقع بالمرة.. فمدة ساعة وعشر دقائق التي إستغرقها الخطاب، لم تترك للقيادة العسكرية الصهيونية مبررا لعدم تنفيذ ما أعلنته للشعب الصهيوني عن قدرتها حسم الحرب مع حزب الله بإستهداف قياداته بدل قصف المدنيين والبنية التحتية التي لا طائل منه، والذي أثبت فشله عام 2006 وفي حرب غزة الأخيرة، ما دامت قوة الحزب المرعبة توجد تحت الأرض، والتي علق أحد الصهاينة عليها بالقول: "يا ويلنا من صواريخ حزب الله وأنفاقه المرعبة”..

فجاءت إطلالة سماحة سيد المقاومة اليوم لتقول للإسرائيلي بالمرموز: "ها أنا كما ترون ويرى العالم، واقف تحت أنظاركم وقريب جدا منكم، فماذا تنتظرون لإستهدافي؟..

هناك من يعتقد أن هذا التحدي الكبير هو مغامرة خطيرة من قبل السيد نصر الله حفظه الله، خصوصا أنها جاءت في ذات اليوم الذي أعلن فيه الضابط الرفيع عن إستراتيجية القيادة العسكرية الجديدة.. لكن الحقيقة شيىء آخر، فسماحة السيد، هذا العقل الإستراتيجي الجبار لا يغامر ولا يقامر ولا يتصرف من باب العبث، وكل ما يقوله أو يقوم به أو يشير إليه يزنه بميزان الذهب فيصدق ويصيب دائما.. وهذا ما تدركه إسرائيل قبل غيرها..

كلام سماحته وإن بدى ظاهريا مفهوما للعامة، إلا أنه يحمل رسائل مبطنة قوية موجهة لمن يهمهم الأمر، حركاته أيضا، مواقفه، نبرات صوته، قسمات وجهه، إشارات يده، حركات أصبعه… كلها تقرأ في إسرائيل وأمريكا بمجهر النانوتكنولوجي، وتخضع للتفكيك والتحليل و الدراسة المعمقة.. وليس في هذا الكلام من مبالغة.

إسرائيل تدرك الآن، وبعد هذا التحدي الخطير، المفاجىء والصاعق، أن سماحة السيد ما كان ليستدعيها علنا لتنفيذ إستراتيجيتها باستهدافه، لو أنه لم يكن يملك الردع الحاسم لأي تحرك للطيران الصهيوني صوب ملعب الراية.. هذا يعني باللغة الأمنية والعسكرية أن الحزب يملك ما يقلب به معادلة القوة في المنطقة هذه المرة لو أقدمت إسرائيل على مثل هذه الحماقة.. فهل الأمر يتعلق بمنظومة الـ(إس 300) المرعبة؟.. الله أعلم.

ما من شك، أن إسرائيل أصبحت متأكدة الآن، أن قوتها الجوية التي كانت تعربد بها في سماء المنطقة قد تم تحييدها من معادلة القوة.. وهي بهذا لن تنام الليلة، وسيتساءل خبراؤها ومحللوها عن هذا المستجد الذي يمثل إنقلابا خطيرا في موازين القوة ومعادلات الأمن التي طالما تبجح الصهاينة بتفوقهم في هذا المجال، وركبوا في الأعراب عقدة نفسية وهمية، حتى أصبحوا يقولون علنا أن "إسرائيل” قوة لا تقهر في المنطقة وعلينا عقد السلام معها.. هذه الأسطورة إنتهت في 2006، لكن اليوم، وبهذا التحدي غير المسبوق، وضعها سماحة السيد في العراء مكشوفة للجميع، وهو يقول: إنظروا كم هو ضعيف هذا الكيان المجرم وكم هو فاشل..

هذه لغة جديدة لم يعودنا سماحة السيد عليها.. لكنها بقدر ما تبدو مرعبة للصهاينة إلا أنها مفرحة بشكل كبير لشرفاء الأمة.. وأعترف بالمناسبة، أنني وأنا أتابع خطاب سماحته على قناة المنار، كنت أرتعش من الخوف عليه، كنت أستحضر كلام الضابط الصهيوني الرفيع وأتسائل، هل قرر سماحة السيد الإلتحاق بالحسين عليه السلام وتركنا نغرق في ضعفنا وظلام أيامنا وليالينا، ونحن الذين راهنا عليه ليخرجنا من ذلنا وبايعناه بالدم والله شاهد علينا؟..

فجأة.. تفلتت من إستبداد الرعب الذي تملكني، وبقدرة قادر بدت لي الصورة كما أحاول أن أقدمها للقارىء الكريم من خلال هذه السطور السريعة، واضحة جلية ليس بيني وبينها حجاب..

لكن الأخطر من هذا، أن الأمر لم يكن مجرد رسالة، لأن ظهور سماحة السيد بهذا الشكل سيفهمه الصهاينة على أنه تحدي مباشر وإستدعاء من قبل الحزب للحرب.. إنه بالفعل فخ أراد سماحة السيد أن تسقط فيه إسرائيل فيكون المدخل لإحراقها وتغيير معادلة الصراع في المنطقة.. وهذه قمة القوة الحقيقية والخفية، التي لا يمكن أن ترى إلا من خلال تفكيك شيفرة الرسالة المخيفة التي وجهها سماحة السيد للصهاينة من دون أن ينبش ببنت شفة

ماذا سيقول المسؤولون الصهاينة الأغبياء لشعبهم المغفل؟.. كيف سيفسرون ما حصل؟.. وهل سيبحثون عن إستراتيجية جديدة أخرى؟..

هذه المرة سيجدون أنفسهم أمام فضيحة بحجم الكارثة.. وسيقول الشعب الصهيوني.. يا ويلنا من حزب الله، حكومتنا تكذب علينا وجيشنا جبان وقيادته أعجز من أن تنفذ تهديدها، ولا حل لنا إلا بالرحيل قبل أن تحل الكارثة "يــوم الأمــر” كما سماه وزير الدفاع الإسرائيلي اليوم، في إشارة لقرب إنطلاق حرب لبنان الثالثة، والتي يقولون أنها ستكون قبل الإنتخابات القادمة.

لكن قبل ذلك، هناك حرب إعلامية كبيرة ستنطلق منذ الآن في "إسرائيل” بين الصهاينة، نوع من الفتنة اليهودية اليهودية التي فجرها اليوم سماحة السيد بذكاء خطير.. فلنتابع ونستمتع، ونضحك على غباء الصهاينة..

إنها حقا صفعة قوية وجهها سماحة السيد نصره الله وحفظه لهذا العدو الغبي.. وأتمنى أن لا أكون مخطئا..