واشنطن وبعد ان انكسرت الجرة
منذ اللحظات الاولى التي انحرفت فيها الازمة السورية عن حالتها من سلمية المطالبات الى تحولها وبصورة غير متوقعة الى المواجهة المسلحة، وهي لم تزل بعد في بدايتها، انطلقت الدعوات من الاطراف الاقليمية التي رأت انذاك ان هذا التطور يشكل منحا خطيرا قد يكون له أول وليس له اخر، ولذلك لابد من تطويق الامر وان يبقى في اطار الحوار الوطني بين المعارضة السورية والحكومة للوصول الى اتفاق يجنب سوريا والمنطقة تداعيات الاحداث القادمة.
الا اننا وللاسف الشديد نجد ان هناك طرف اقليمي مدعوما بتأييد دولي ومن دون الاعتناء للنداءات التي تريد تطويق الامر وبتصور خاطئ اخذ يقدم الدعم اللازم من أجل ان تشتعل نيران الحرب ظنا منهم انها لن تدوم سوى ايام وعندها تضع الحرب اوزارها ويتحقق من ذلك اهدافها التي رسمتها في دوائرها المظلمة، ولكن لم تحسب لردود الفعل الذي سيترتب عليها هذا العمل الاحمق، ولذاك وكما قيل ان "الفأس وقع في الرأس" وسارت الاوضاع بالاتجاه الخطأ بحيث وبعد مرور اربع سنوات على الازمة السورية والتي كلفت المزيد من الخسائر في الارواح والاموال والبنى التحية، وكذلك التداعيات السلبية التي رافقت هذه والتي خلفت المزيد من الماسي والعقد لدى الذين طالتهم هذه الحرب والتي غيرت من مجرى حياتهم.
واليوم وبعد كل الماسي التي عاشتها المنطقة والعالم بحيث استفحلت فيه روائح الموت والقتل واصبحت ظاهرة يومية نعيش ماساتها في اكثر من دولة وبلد لابسبب، سوى ان الذين يمارسون القتل قد جندوا من أجل هذه المهمة وحسب، فلذلك فانك لن تسمع اوتجد صوتا ينطلق من دعاة الموت وهي المجموعات الارهابية التي صرفت عليها من الاموال لو انها صرفت على محاربة الفقر والجوع في العالم لاحدثت تحولا كبيرا في هذا المجال، بالحديث عن حوار ولقاء لايقاف هذه الحالة الشاذة، وكذلك من اللافت ايضا ان الدول التي دعمت هذه المجموعات الارهابية وعملت على تقويتها اصبحت اليوم عاجزة عن كبح جماحها وايقافها عند حدها، لانها قد خرجت عن الطوق بما استطاعت فيه من الاعتماد على بعض امكانياتها في الاستمرار في جرائمها.
وفي ظل هذه الاجواء القاتمة تخرج علينا بعض التقارير ومن الدوائر التي كانت لها اليد الطولى في تمدد وتوسيع ظاهرة الارهاب الدولي، لتطلق رأيا او فكرة او نظرة ليست جديدة فقط ، بل كان ان يؤخد بها منذ البداية كما اسلفنا، وقد جاءت هذه الفكرة الجديدة بناء على المعطيات على الارض اذ وجدوا انه وبعد مرور اربعة سنوات على الحرب على سوريا لم يتمكنوا ان يسقطوا النظام السوري بسبب قوة وصلابة ووحدة الجيش مع الشعب السوري بحيث اخذت الانتصارات تتوالى ضد المجموعات الارهابية والتي بدأت حالة انهيارها في الافق القريب.
ولكن وللاسف الشديد ان التصور الاميركي الجديد جاء بعد فوات الاوان وبعد ان انكسرت الجرة على رؤوسهم ورؤوس الذين دفعوهم، لذلك من خلال مااعترفت الاستخبارات الاميركية بالامس من ان "القيادة السورية لن تسقط وانهم خسروا الرهان من خلال صمود هذه القيادة وتمكنها من الصمود امام المعارضة المسلحة المدعومة عسكريا وماديا من قبل الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وغيرها من الدول" .
والسؤال المهم اليوم، ما جدوى هذا الاعتراف من قبل واشنطن؟ وهل يساهم في تغيير الاسلوب والمنهج الاميركي والدول الداعمة للارهاب تجاه ما يجري ؟ وطبيعي ان الجواب سيكون واضحا وهو وبعد هذا الاعتراف ينبغي ان تبذل جهودا كبيرة وعلى مستوى دولي من اجل مواجهة الارهاب وبصورة حقيقية وواقعية وغير مجزأة، وهو ما دعت اليه اغلب الدول التي رفضت هذا الاسلوب الهمجي خاصة الجمهورية الاسلامية والتي هي اليوم على ابواب عقد مؤتمر دولي لمناقشة الاساليب اوالطرق التي يجب اتباعها في ايقاف حالات القتل والرعب التي تمارسها المجموعات الارهابية، وبذلك يمكن وضع الخطط اللازمة والعمل على تنفيذها وعلى مستوى دولي وبصورة مشتركة وعندها يمكن ان نقضي على هذه الظاهرة المرفوضة من قبل الجميع ونخلص العالم من شرورها .