الأقصى يقوض “إسرائيل”
سمير الحجاوي
في الوقت الذي يحتدم فيه القتال في العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال، يواصل العدو الإسرائيلي خطوات تهويد المسجد الأقصى وبيت المقدس بسرعة كبيرة، عبر سن قوانين واتخاذ إجراءات على الأرض لتغيير هوية المكان واحتلال الأرض وطرد السكان، وكان آخرها الاستيلاء على مبان وأراض في سلوان التي تعتبر جزءاً من امتداد القدس الجغرافي والديمغرافي.
ما يجري في القدس سياسة دولة وليس مجرد عصابة من المستوطنين اليهود المتعصبين الإرهابيين، وهي دولة خارجة على القانون على أية حال، تستغل الظروف الصعبة للشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية في تسريع تنفيذ مخططها التلمودي من أجل بناء أسطورة "الهيكل اليهودي المزعوم” على أنقاض المسجد الأقصى المبارك بعد هدمه، لتحويل الحلم اليهودي إلى حقيقة ماثلة للعيان، وإعادة إحياء الخرافات التوراتية المزيفة.
ما يقوم به الكيان الإسرائيلي الإرهابي في القدس والمسجد الأقصى المبارك تحت المجهر، وكثير من العرب والمسلمين يراقبون ما يجري هناك ويصبون اللعنات على "إسرائيل” ومن يدعمها ويتحالف معها من العرب والعجم، وهذه المراقبة يمكن اعتبارها بمثابة "تسخين” المحرك للحرب المقبلة بين الفلسطينيين والعرب والمسلمين من جهة الكيان الإسرائيلي واليهود وحلفائهم من جهة أخرى.
يختلف الحوثيون والقاعدة على كل شيء ويتقاتلون فيما بينهم إلا أنهم يتفقون على العداء ل”إسرائيل” ووجودها، ويكفي أن الشعار الأثير الذي يرفعه الحوثيون في كل الميادين " اللعنة على "إسرائيل”.. اللعنة على أمريكا.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام” وهي لافتة تجدها في كل الشوارع والميادين التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، و حتى حزب الله الذي يتحارب مع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، يعادي الكيان الإسرائيلي كما يعاديها تنظيم الدولة، وهي مفارقة ترعب الكيان الإسرائيلي وتؤرقه و”تطير النوم من عينه ".
صحيح أن الخلاف والشقاق بين السنة والشيعة في أوجه حالياً، لكن هذا لا ينفي أن الطرفين يكنان كراهية للكيان الإسرائيلي، ويعتبران وجودها "مرضاً” لا بد من الشفاء منه، وهو اتفاق "غريب عجيب” لكنه موجود ويصدح به ليل نهار. وهنا تكمن المفارقة الكبيرة، فالشعارات المعادية ل”إسرائيل” تبقى "حبراً على ورق” ومجرد شعارات جوفاء لا قيمة لها من الناحية العملية، لأن الطرفين مشغولان بقتال بعضهما البعض، الأمر الذي يفتح الأبواب أمام الكيان الإسرائيلي للاستفادة من هذه التناقضات والخلافات والاختلافات والنزاعات والصراعات والحروب، إلا أن هذا لا ينفي أن "الوعي الجمعي” للجميع من السنة والشيعة يعادي "إسرائيل” ووجودها ويعتبرانها "العدو الأساسي والرئيسي”، وكل من يحتاجه الطرفان للتوجه سوياً للقتال ضد "إسرائيل” هو "حدث كبير” وليس هناك من حدث أكبر من الاعتداء على المسجد الأقصى وتقسيمه وهدمه، وهو الحدث الذي يمكن أن يشكل رافعة لتحويل البنادق باتجاه "إسرائيل” أو على الأقل "تحويل جزء منها في هذا الاتجاه، وهذا سيجمع العرب وإيران وتركيا "رغم خلافاتهم” على قتال "إسرائيل”، والدليل على ذلك أن تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة يتقاتلان مع بعضهما البعض، لكنهما يقاتلان نظام الأسد في نفس الوقت، هذه الصورة يمكن أن تنتقل إلى فلسطين لتجمع كل "العرب والمسلمين” المتخاصمين لقتال العدو المشترك الذي يهدم المسجد الأقصى، وعندها سيكون للحرب طابع وهوية غير مسبوقة في التاريخ تتلخص بعبارة " تحالف الأخوة الأعداء ضد العدو الإسرائيلي”.
ما يقوم به الكيان الإسرائيلي في المسجد الأقصى المبارك اعتداءات وانتهاكات وتخريب وهدم وأنفاق، سيغير كل قواعد اللعبة وسيغير قواعد الحرب ومعايير الحب والكراهية، وسيكون الهدف.. إنقاذ المسجد الأقصى من الاحتلال اليهودي الإسرائيلي. وستكون "إسرائيل” في مواجهة عاصفة لا قبل لها بها، لا تنفع معها مفاوضات ولا مساومات ولا مؤامرات ولا تحالفات.