’داعش’ بعيون علماء الأزهر والتيار السلفي: غزاة جدد وأداة بيد الأميركيين
إسلام عبد الظاهر
أما زعماء التيار السلفي فتراوحت مواقفهم بين التحفظ والرفض، إلا أنه كان هناك إجماع على أن إعلان الخلافة هو خطة مشبوهة لتحقيق الأهداف الاميركية من أجل تمزيق وتشتيت الأمة عبر مفاهيم خاطئة، وخاصة أن الأصول الشرعية التي استندت إليها "داعش” مشكوك في صحتها.
تعليقاً على إعلان ما يسمى بـ”الخلافة الإسلامية”، يقول أحمد السايح أستاذ الفلسفة والعقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر، "داعش تستغل الدين لتوظيفه ومن لف لفهم لارتكاب المجازر وتبرير إرهابهم الدموي الذي طال دولاً عربية وإسلامية تحت مسمى الجهاد”، مذكّراً بأن إعلان خلافتهم المزعومة أتى بالتزامن مع جرائمهم في سوريا والعراق، في صورة بعيدة كل البعد عن ما تمثله قيم الإسلام وما تمثله الخلافه كوسيلة للدعوة وليس للحكم، ويلفت إلى أن بشائر هذا التنظيم كانت عبارة عن المذابح والدمار.
يؤكد السايح أن إعلان الخلافة الاسلامية باطل من الناحية الفقهية، فمفهوم الخلافة في الإسلام شوه دنيويا بسبب مطامع الحكم، فكثيرا من خلفاء بني أمية والعباسيين انتحلوا احاديث عن النبي (ص) لتثبيت ملكهم، وجزم بأن دعوة داعش وإعلانها للخلافة هو خروج عن سياق الدين وسنة التاريخ.
بدوره، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر علوي أمين، يفند مزاعم "داعش” بأن الخلافة فريضة أهملها المسلمون قائلاً: الخلافة بشكلها الأول عقب وفاة الرسول (ص) كانت فريضة بلا شك على المسلمين، لأن وظيفتها آنذاك حماية الدين الجديد والدعوة إليه ونشره، وليس لغرض الحكم أما الخلافة بعد ذلك في عهد الأمويين والعباسيين وأخيراً العثمانيين، فهي مُلك عضوض، كما قال عنها الرسول (ص)، وهي بذلك تجربة تاريخية عن شكل من أشكال الحكم”.
ويشدد أمين على أن إعلان "داعش” للخلافة لا يمت للدين بصلة، بل هو أمر شاذ عن التاريخ، مضيفا "مخطئ من يحاول إلباس خلافة "داعش” ثوب الدين، وخاصة أن من وراء إعلانها أيادي ملطخة بدماء الابرياء من المسلمين وغير المسلمين، فضلاً عن منهجهم وفكرهم الهمجي الذي لا يتعلق بالإسلام”.
"الخلافة الاسلامية” تدليس على الدين وفرائضه
من جانبه، يؤكد محمد متولي منصور نائب الاتحاد العالمي للصوفية والأستاذ بكلية اصول الدين جامعة الأزهر، أن داعش هم الغزاة الجدد وإعلانهم الخلافة تدليس على الدين وفرائضه، وذلك لتحقيق اهداف سياسية تخدم هذا الطرف أو ذاك، مذكّراً بالكثيرين الذين ادعوا الجهاد في سبيل الله”.
ويسأل منصور، كيف يكون الجهاد بقتل المسلم؟ وكيف تكون الدعوة لدين الله بالترهيب والتهديد بقطع الرقاب؟ فهؤلاء يدعون المسلمين في كافة بلاد العالم للهجرة إلى المناطق التي يسيطرون عليها بادعاء أنها دولة الإسلام وهو ما يجعل كل البلاد الإسلامية ديار كُفر.
كما يشدد على أن همّ "داعش” الأساسي إثارة الفتن المذهبية والطائفية بين المسلمين وترويع الآمنين من الديانات الأخرى، لافتاً إلى أن الاسلام دعا لحماية أصحاب الاديان الاخرى ومراعاتهم وليس قتلهم وتشريدهم كما يفعل خوارج العصر من جرائم الإفساد في الأرض، ويرى أن أولياء الأمر وحدهم لهم صلاحية الدعوة والتبليغ على خلاف ما يجري اليوم.
التيار السلفي: خلافة "البغدادي” وليست الخلافة الإسلامية
على الرغم من أن الجهاد في سبيل إقامة الخلافة الإسلامية أمر ملزم في الاسلام عند المنتمين للتيار السلفي بثنائيته الدعوِية والجهادية، إلا أن معظم منظري التيار رفضوا الخلافة الداعشية، حيث يصرّ هؤلاء على تحجيم واحتواء دعوى "الدولة الإسلامية” وصدها في أوساط السلفيين، مؤكدين أنها تسمى بخلافة البغدادي وليس الخلافة الاسلامية.
فعلى سبيل المثال يهاجم زعماء التيار السلفي الجهادي، وعلى رأسهم أبو قتادة الأردني وأبو محمد المقدسي هذه الخلافة، معتبرين أنها فتنة تقسم التيار الجهادي، وشككوا في الجذور الفقهية والعقائدية التي استندت لها "الدولة الإسلامية” في إعلانها للخلافة، وهو ما فتح الباب لتقليص شعبية "داعش” في أوساط السلفيين، والجهاديين منهم على وجه الخصوص.
"الدولة الاسلامية” تخدم الأهداف الأمريكية
وفي هذا السياق، يقول عضو حركة الجهاد المصرية سابقاً، صبره القواسمي، إن اعلان الخلافة من جانب داعش لا يخدم سوى الأهداف الأمريكية، فواشنطن تريد حجة للعودة مرة أخرى إلى العراق، فدعمت داعش بشكل مباشر وغير مباشر في سوريا والآن في العراق، وصمتت فترة طويلة عن تدفق الأموال إلى هذا التنظيم الإرهابي الذي لا يرى غضاضة فيما يفعله الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، ويهاجم المسلمين الآمنين بدعوى الجهاد، لتحقيق أهداف الأمريكيين بزرع الفتنة وتصوير المشهد على أنه خلاف طائفي. فالذين يرون في فلسطين وتحريرها أمرا ثانويا ويدعون أنفسهم بالمجاهدين هم بلا شك دمية في يد أطراف أخرى يستخدمون لتحقيق أهداف سياسية”.