المساعي الحميدة لطهران
وبعد الهجمة الشرسة للارهاب المنظم والمدعوم على العراق وجدت اميركا فرصتها في تحقيق اهدافها وقد اشارت اوساط اعلامية وسياسية عراقية ان تلكؤ اميركا في تقديم الدعم المباشر للعراقيين من اجل ايقاف هذا الهجوم الارهابي وصده او تحديد حركته، وكذلك استغلال الوضع من قبل الاكراد لاحتلال بعض المناطق التي تدعي عائديتها لاقليم كردستان بالقوة، مع اصدار التصريحات من قبل بارزاني بالدعوة الى الاستقلال، مما أكدت ان هذا الموضوع لم يأت عفويا بل وفي الواقع انه قد خطط له في واشنطن وتم تنفيذه في وقت كان فيه العراق على ابواب بناء عملية سياسية جديدة.
لذلك ان هذه الخطوات قد شكلت قلقا كبيرا ليس فقط للعراقيين بل لكل دول المنطقة لان خطوة بارزاني لو كتب لها النجاح فانها ستكون فاتحة شر على المنطقة وهذا ما حذر منه الرئيس المصري السيسي امس معتبرا ان الامر سيكون كارثيا على كل المنطقة ولذلك طالب بمواجهتها باي حال من الاحوال، ولم يقف الامر عند مصر بل ان اغلب دول المنطقة خاصة المجاورة للعراق حذرت من هذه الخطوة لان تبعاتها السلبية ستنعكس على الجميع.
لذلك وانطلاقا وحرصا من طهران على ان يبقى العراق موحدا ارضا وشعبا وان لايكون نقطة انطلاق لتنفيذ المشروع الاميركي المدمر للمنطقة لذلك بادرت الى خطوة مهمة وهي فتح باب الحوار مع بعض دول منطقة الخليج الفارسي من اجل الوقوف على تداعيات الاوضاع في العراق، ولذلك بادرت بارسال وفدها الى كل من دول الكويت والامارات وعمان لوضعها في الصورة التي هي عليها المنطقة للخروج بوجهة نظر واحدة لايقاف مزيد من التداعيات التي سيتركها الوضع العراقي ان استمر على ما هو عليه.
والموقف الايراني هذا جاء استمرارا لمواقفها السابقة التي تمكنت فيه من استخدام نفوذها وقدرتها لان لا تقع المنطقة في اتون مشاحنات او نزاعات لاطائل من تحتها وذلك ببذل مساعيها الحميدة في كل من سوريا وغيرها من دول المنطقة والتي حفظت لهذه البلدان استقرارها وامنها المستديم.
ولايمكن ان نخفي في هذا المجال ان دول المنطقة اليوم تعيش حالة من القلق من تمدد الارهاب الذي ان لم يقف في وجهه قد يؤثر وبصورة مباشرة على امن واستقرار شعوبها ، خاصة وان بعض الحواضن الكامنة في هذه الدول والتي كان لها دور فاعل في دوام استمراره من خلال الدعم المادي والتي كشفتها بعض الاوساط الحكومية في دول الخليج الفارسي .
اذن فان أمن المنطقة اليوم لايقع على دولها منفردة بل يتطلب جهودا مشتركة و تنسيقا في هذا المجال من اجل ان لايجد هذا الارهاب ثغرة يمكن ان يدخل منها ويزعزع استقرار المنطقة.
وكذلك والامر المهم الاخر وهو انه ومن المتفق عليه ان الارهاب لايمكن القضاء عليه ان لم يتم تجفيف منابعه ومن أي جهة كانت، ولايمكن ان يتم هذا الامر الا من خلال وضع النقاط على الحروف بين دول المنطقة وتوحيد جهودها في هذا المجال، وبذلك يمكن ان تدفع عنها خطرا داهما وكارثيا لاسمح الله ان هي تماهلت او انصاعت للارادات والادعاءات الاميركية في حمايتها والتي ثبت زيفها في اكثر من موقف وكان اخرها مع العراق عندما نكثت عهدها مع الحكومة العراقية بتلكؤها عن تقديم الدعم السريع واللازم لمواجهة الازمة التي يعيشها اليوم.
اذن وانطلاقا من مفهوم ان امن المنطقة هو من اختصاص دوله يستدعي ان تقوم الدول بحماية امنها وامن شعوبها لانها هي التي تعرف مكامن الخطر وتستطيع ان تقضي عليه وبصورة دائمة .