kayhan.ir

رمز الخبر: 3239
تأريخ النشر : 2014July05 - 19:43

لبنان, عقد اجتماعي جديد

ميلاد عمر المزوغي

اقتطاعه من سوريا الكبرى لم يكن عبثا ,بل لغاية في نفس المستعمر,جميع الطوائف في لبنان تكاد تكون موجودة في سوريا,السوريون بمختلف اطيافهم يعيشون في ظل نظام علماني لا يفرق بين متتبعي المعتقدات المختلفة,فلماذا اقتطاع الجزء الغربي واعتباره دولة مستقلة ذات سيادة؟ لقد شهد لبنان منذ استقلاله احداث عنف بين مكوناته بسبب التدخلات من كل الدول,لم يهنأ يوما,اراده الجميع بان يكون ساحة لصراعاتهم ,البلد سياسيا وثقافيا لا يزال يدين بالولاء لفرنسا,يذهب اليها كل من يشعر بالغبن سواء من جانب اخوته في المعتقد ام من اولئك المتعصبون لدياناتهم ولا يرضون للآخرين بالتواجد بينهم,احداث دامية مر بها لبنان,ولعل اشنعها الحرب الاهلية حيث الاقتتال بين الطوائف بل وصل الامر الى الاقتتال بين افراد الطائفة الواحدة,نزاعات مذهبية تغذيها اطراف خارجية,

قيل عنه (كنظام سياسي)سويسرا الشرق ولكنه في الواقع اسفين في ظهر الامة العربية,لم يذق لبنان طعم الاستقلال,تتجاذب زعاماته دول اقليمية وعالمية,ان اوشك الوضع على الانفجار,يسارعون الى لملمة الامور والوصول الى حلول تلفيقية,مؤتمر الطائف,بدا ظاهريا بأنه سوّى بين مسلميه ومسيحييه بعد ان كانت الغلبة للمسيحيين ,الذين غادروا لبنان بفعل الحرب الاهلية غالبيتهم مسيحيون,لم يعط المسيحيين حقهم ,بل ضحك عليهم بشعار المثالثة,قد يكونوا مجبرين بالقبول بها في تلك الفترة ولكن السكوت عليها الى الان جرم ارتكبه الساسة المسيحيون بحق انفسهم,العديد من النواب المسيحيون يأتون بأصوات سنية او شيعية,بمعنى ان اولئك النواب وان كانوا مسيحيين فان ولاءهم لمن انتخبهم, من هنا نجد ان المسيحيون هم الاكثر انقساما على انفسهم ومن الصعب التوفيق بينهم,يشعر بعض المسيحيين بالغبن ولكن لا سبيل الى التغيير بفعل المواقف المتشددة من زملائهم في المعتقد,تغيير الطائف اصبح جرما سياسيا واجتماعيا بل دوليا ,لان تغييره سيؤدي الى نشوء كيانات سياسية قد لا تخدم من يعتقدون انهم زعماء طوائفهم وبالتالي يسحب البساط من تحت اقدامهم التي لا تقو على حملهم بفعل ما يحمله هؤلاء من دسائس ومكائد بحق ابناء الوطن تنوء بحمله الجبال.

المقترح الارثودكسي اعتبر طائفيا وينافي العيش المشترك,الطائفية السياسية متجذرة في عقول الزعماء حتى النخاع,في حال تطبيقه يتحصل كل زعيم على تمثيله الحقيقي,فيجد الكثير منهم نفسه على قارعة الطريق,قد لا تتسع الجور”الحفر” بالبلد على كثرتها على ايوائهم ,لأنهم لم يفعلوا شيئا لصالح الشعب ,بل كل همهم وسيلة,بلد خزينة العامة خاوية على عروشها,المواطن لا يجد ابسط المقومات للعيش بينما الساسة يعيشون الحياة المترفة ولقد لاحظنا جزءا من ذاك الترف وحياة الاقطاع في اوروبا في العصور الوسطى ببرنامج "سيد القصر” على قناة الجديد,اجزم بان هؤلاء لا يدفعون فلسا للخزينة العامة كضريبة على الممتلكات,بينما الكادحون يطالبون بتحسين اوضاعهم المعيشية,لم يستجيبوا لتلك المطالب ,سلسلة الرتب والرواتب لم تقر بحجة عدم وجود التغطية المالية لها,وأموال الساسة مكدسة بالداخل والخارج.

يتباكى المسيحيون على شغور الموقع الرئاسي الاول وهم السبب في عدم انتخاب الرئيس لأنهم لم يتفقوا فيما بينهم على ذلك والسبب ان بعض من هؤلاء المسيحيين لا يمثلون الشارع المسيحي بل يمثلون تيارات سياسية اخرى جعلتهم نوابا وساسة متفوهون, تجاوزوا عبقرية قس بن ساعده الايادي في الخطابة ودهاء الأخطل الكبير الشاعري,يبهرون بحديثهم المتفرج لكنه سرعان ما يكتشف زيف اقاويلهم,وخبث افكارهم ومحاولة ان يحكموا البلد بأية وسيلة ان يعيش البلد في الفراغ.الدستور هش يفسره كل على هواه وفق حاجته,ويعيب ذلك على الاخرين ويصفهم بأنهم يخرقون الدستور.

لقد اتت الانتخابات التشريعية بنواب لا يؤمنون بالرأي الاخر وللأسف هم الذين يحركون الشارع هذه الاعوام,هم من استقدموا العصابات التكفيرية الاجرامية الى لبنان ,ويهددون بان لبنان لن يسعد بالأمن والأمان إلا اذا تحققت مطالبهم ويتوعدون من يخالفهم الرأي بان هناك اكثر من داعش في لبنان,اما قادة تلك العصابات الاجرامية,فإنهم يظهرون على الفضائيات ويفصحون عن فكرهم الاجرامي, فهم وللأسف قادة تيارات سياسية ,قادة محاور,يتولون الان مناصب مرموقة في الدولة,فعن اي دولة يتحدثون,كنا نعد لبنان لدا الحريات فإذا به في طليعة الدول الداعمة للإرهاب لإسكات الاصوات الاخرى المخالفة,فهل لازلنا نصدق ان لبنان سويسرا الشرق,كلا انه بلد الفجور الفكري وطمس هوية الاخرين بأيدي ابنائه الميامين, الملحتين منهم والمقصرين,الذين هم في كل واد يهيمون.

الحوار بين الساسة ان حدث فهو اشبه بحوار الطرشان ,كل يريد اسماع الاخر رأيه والعمل به وفي نفس الوقت لا يريد ان يسمع رأي الطرف الاخر.الدساتير التي نحتكم اليها وضعية من صنع البشر يستوجب تعديلها كلما دعت الضرورة الى ذلك ,وعلى اللبنانيين التوصل الى ابرام عقد اجتماعي جديد .

لن يبنى البلد إلا بإلغاء الطائفية السياسية,واحترام الرأي الاخر,عندها وفقط يمكن ان نقول عن لبنان:فردوس الدنيا.