kayhan.ir

رمز الخبر: 2355
تأريخ النشر : 2014June18 - 21:49

شيطان بثوب مَلَك

حسين شريعتمداري

من داخل سجنه كتب ( لوري فرانكلين ) وهو احد ضباط وزارة الدفاع الاميركية والمسؤول عن الدائرة الايرانية في البنتاغون حيث اتهم في ابريل 2005 بالتجسس لصالح النظام الصهيوني، مدونة حول فترة حكمه. فراكلين بعث بمدونته هذه الى مجلة "فارين باليسي" الاميركية لتنشر ونذكر مقاطع منها:

"في نهاية فبراير 2003 وحيث لم يتبق الا اسابيع للهجوم الاميركي على العراق كتبت صحيفة كيهان في مقالها الافتتاحي ان الجنود الاميركان سيضحون رهائن بيدنا فيما اذا هاجموا العراق. وبصفتي مسؤول الدائرة الايرانية في البنتاغون وخبير بالشأن الايراني كنت موافقا مع استدلال صحيفة كيهان اذ توقعت حصول ذلك الشيء. وتحقق هذا الامر اليوم وافشلت ايران جميع مخططات اميركا في العراق ولم تكن حينها لدى ادارة بوش اية ستراتيجية حقيقية وواقعية لمواجهة القوة المتعاظمة المستقبلية في الشرق الاوسط، أعني ايران وهذا الامر لشد ما أقلقني بكوني مسؤول الطاولة الايرانية في البنتاغون فقد كنت خائفا من تكرار تجربة فيتنام في العراق.

وكنت عالماً منذ لحظة دخول اميركا في العراق ان ايران ستضاعف المشاكل امام اميركا وانه من الحماقة ان نتصور اي تعاون من قبل الزعماء السياسيين والدينيين العراقيين الموالين لايران، مع اميركا.

والمح (فرانكلين) في جانب اخر من مدونته قائلا؛ "كم كنت احمقا اذ طلبت من استيفن روزن مدير السياسة الخارجية لـ(ايبك) اللوبي الصهيوني في اميركا ان ينقل قلقي للمجلس الاعلى للامن القومي الاميركي الا انه نقل تخوفي الى دبلوماسي اسرائيلي مما تسبب في اتهامي عام 2005 بالتجسس لاسرائيل ".

وبعد عدة اعوام اضطرت اميركا ورغم اعلانها بعدم الخروج من العراق لترك العراق في ديسمبر 2011، حينها خاطب سعود الفيصل وزير خارجية السعودية وبلهجة شديدة، خاطب اوباما قائلا: "لقد قدمت العراق الى ايران على طبق من ذهب، واوصلت اصدقاء ايران الى سدة الحكم في العراق".

2 ــ عندما بدأت الازمة السورية في مارس 2011، وحين تعرضت سوريا بسبب حضورها المؤثر في محور المقاومة وارتباطها الستراتيجي بايران ــ وهو صريح ما قالته اميركا واوروبا ــ لهجوم ارهابي وحشي بالوكالة، ولما تفق يومها اميركا وحلفاؤها من فشل الهجوم العسكري على العراق، اعلنوا بقاطعية عن نصرهم على بشار الاسد باقرب فرصة! في تلك الاحداث كما يحصل الان في العراق، لم يرعوي الارهابيون ــ سواء المغرر بهم، والقتلة المحترفين والمحكومين بالاعدام والسجن المؤبد الذين اطلق سراحهم بقيد تنفيذ عمليات ارهابية ــ عن ارتكاب اية جريمة ضد الشعب السوري المظلوم، من ذبح الأهالي في السوق، ومجازر ضد ا لنساء والاطفال، وحتى استخدام السلاح الكيمياوي.

ولم تخف اميركا، وبريطانيا، وفرنسا، والنظام الصهيوني، والسعودية، وتركيا، وقطر، والاردن،والكثير من الدول العربية والاوروبية، دعمها للارهاب وحسب بل اصروا على تعنتهم الاحمق. فالدول الداعمة للارهاب عقدوا اجتماعات عدة، لادارة الازمة وبهدف قلب الحكومة السورية، تحت عنوان "اصدقاء سوريا"! في تونس، واسطنبول، والدوحة، ولندن، وجنيف...

الا انه حين تقشعت بوادر فشل هذه الحرب بالوكالة " PROXY WAR" تبين لهم انه لابد من التدخل المباشر، قرروا في اغسطس الماضي وبذريعة استخدام الحكومة السورية للسلاح الكيمياوي، ان يقدموا على هجوم عسكري مباشر، ولكن حين سمعوا الرأي القاطع لسماحة قائد الثورة، ان لا نسمح لاميركا انزال اهدافها في سوريا على ارض الواقع، كما وكان لموقف الحكومة السورية الصلب تجاه هذا التهديد، توسل اوباما ــ حسب خبر موثق ــ برئيس جمهورية روسيا (بوتين) للتوسط في انهاء المسألة، فتم طرح قضية التخلص من الاسلحة الكيمياوية في سوريا.

ومن نافل القول الاشارة الى ان ما ارعب اميركا في مهاجمة سوريا، هو اطلاعها على هذا الخبر الموثق ــ والذي لم يسرب بعد ــ ان العديد من قوات حزب الله وبعض القوى الثورية كانوا خلف آلاف الصواريخ على اهبة الاطلاق.

وهكذا فشل المخطط الاميركي الغربي العبري العربي في سوريا، فشلا ذريعا، وعلى العكس من كل التخرصات والاموال المبذولة، انتخب بشار الاسد في انتخابات حرة وشعبية لرئاسة سوريا.

وقبل عامين كتبت اسبوعية (ويكلي استاندارد) الاميركية، تقريراً عن احباطات اميركا لاكثر من ثلاثين عاما في ايران، وفي حملتها على افغانستان والعراق، وحروب 33 يوما و22 يوما و8 ايام و... اذ يجب ان نضيف فشلهم في سوريا كذلك ــ قائلة: "ان رؤساء اميركا من كارتر الى اوباما يشتركون في نقطة مع الامام الخميني، وهي عدم استطاعة اميركا ان ترتكب اية حماقة".

3 ــ ان اميركا والتي حسب سماحة قائد الثورة قد حولت الشرق الاوسط خلال العقود الثلاثة الماضية الى واجهة لعرض الفشل والخذلان، قد راهنت مرة اخرى وبعد الفشل الذريع في سوريا، على الارهابيين الاجراء "داعش" لتفعلهم في العراق، وحسب (توني بلير) رئيس وزراء بريطانيا السابق والمعروف بـ (كلب بوش)، قوله بان اميركا والتي لم تتعظ بما حصل لها في حملاتها السابقة في افغانستان والعراق واحداث سوريا، قد تورطت في ازمة لا نظير لها.

وحول الاوضاع الراهنة في العراق، بعد الاحتلال المفاجئ لمدينة الموصل من قبل تنظيم داعش وخيانة بعض القادة والمسؤولين المحليين، نقلنا تقارير شتى، وهنا نسلط الضوء على عدة امور؛

الف: ان الارهابيين الاجراء المعروفين بداعش، ليسوا بهذا الشأن ليثيروا ازمة ما. فهم لا ينكرون اقحامهم في العراق بعد فشلهم في سوريا. ان هذا التيار الارهابي هو ذاته الذي وظف من قبل اميركا وحلفائها لتاجيج الصراع في سوريا. من هنا فان اعلان اميركا لمواجهتهم! ولاسيما اقتراح التنسيق مع ايران لدحر داعش، لهي لعبة خبيثة، وصبيانية مائة في المائة. اذ ان اميركا تعلم جيدا ان الارهابيين القادمين لاطاقة لهم في مواجهة الجيش والشعب العراقي، وعاجلا ام آجلاً سيدحرون. من هنا فان اقتراح التنسيق لضربهم تستتبع امورا اولا: لرد اعتبارها المفقود في دعمها للارهابيين وما اقترفوه من جرائم في سوريا، ثانيا: ان اميركا تستتبع بعد كل هذه الاعمال الوحشية، طرح نفسها كملاك رحمة لانقاذ الشعب العراقي.

باء: إن (زيئيف شف) الجنرال المتقاعد والإستراتيجي الصهيوني، يلقي باللوم، بعد اندحار اسرائيل في حرب الـ 33 يوما، على قادة الجيش الصهيوني، لعدم تبحرهم سوى في تلقين جنودهم كيفية مهاجمة النساء والاطفال والعزل، فيما ينهزمون امام حزب الله. ان نظرة الى عمليات ما يسمون بمقاتلي داعش، يكشف لنا بوضوح ان غالبيتهم ــ عدا المغرر به منهم ــ هم ابطال الميادين الخاوية من الرجال، ولهم الخبرة في مهاجمة العزل! ان هذه الفئة من الارهابيين الاجراء قد تخندقوا في المدن والقرى المحتلة بين حشود الأهالي العزل، وحينما حاولوا قبل ايام من مغادرة اماكنهم دحروا بشدة.

جيم: ايجاد الرعب والخوف، هي وسيلتهم الوحيدة، فمن الابادة الجماعية للابرياء ــ سواء شيعة ام سنة ــ، والذبح، والاحراق وتهيئة الافلام عن مسارح الجرائم ونشرها بهذا الهدف، والا فان من يدعي الثورية يأبى عن ارتكاب هكذا جرائم فضلا عن نشرها.

دال: ان التقارير المتتالية تحكي دحر الارهابيين، حيث هلك العديد منهم واعتقال آخرين حين فرارهم. ويقال ان بعضهم كان يرتدي زي النساء حين فراره.

4 ــ وبالتالي، فان التحرك الاحمق الذي اقدمت عليه اميركا مؤخرا، وان استتبع خسائر بشرية ومادية بحق الشعب العراقي، الا انه خلف مكتسبات، منها؛

الف: في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعد الاحتلال قد تغير رأس الهرم فقط وان هيكلية الجيش ومراكز اخذ القرار قد بقي دون تغيير، اذ ان الاجندة المزروعة والملوثة، مازالت تفعل فعلها حين تواطأت مع تنظيم داعش، ولذا لابد من تطهير الجيش والمراكز الحساسة من هذه الفلول. ولله الحمد ان شرعت الحكومة بتصفية هؤلاء الخونة.

باء: ان الفرقاء، والعشائر، والتيارات السياسية العراقية ــ سواء الشيعة والسنة ــ كانوا متقاطعين مع بعضهم قبل هجوم داعش، الا ان الاحداث الاخيرة قد وحدتهم لاجل الدفاع عن الشعب وسيادة العراق.

جيم: ان الارهابيين الاجراء قد قتلوا الكثير من المواطنين السنة في المدن التي دخلوها، وبشكل مفجع، وبهذا العمل الوحشي قد قربوا اكثر فاكثر بين الشيعي والسني، ومن جانب آخر قد عروا المخطط الاميركي الاسرائيلي في التفريق بين الشيعة والسنة.

دال: ان اميركا وحلفاءها، في الازمة السورية قد اكسبوا الجيش خبرة وفيرة حتى بلغ بهذا الجيش ان شكل وحدات باسم الدفاع الوطني يقدر عددهم بثمانين الف مقاتل ــ وهو اشبه ما يكون بالحرس الثوري الاسلامي ــ وهذا الامر ما تشكل في العراق كذلك وهو مستمر في تطويره.