الغرب بين الغي والعقل
لايخفى على المتابع لتطورات الملف النووي الايراني بان الدول الغربية الراغبة ولاسباب كثيرة وملحة لا مجال لذكرها، اكثر من ايران للوصول الى تفاهم مشترك قبل نهاية المرحلة التمهيدية الحالية التي ستنتهى في العشرين من شهر تموز المقبل للتخلص من اعبائها، والا فان الامور مرشحة باتجاه تهديد الاتفاق السابق لستة اشهر اضافية وهذا ما سيتضرر الطرفان نتيجة استمرار الحظر وتداعياته على الجميع.
فالاجتماع المفاجئ لمساعد الخارجية الايرانية عراقجي مع نظيره الأميركي ويليام بيرنز خلال اليومين القادمين في جنيف السويسرية لاجراء مفاوضات مباشرة وخارج سياق المفاوضات التقليدية مع السداسية يؤكد على رغبة الطرفين في تذليل الصعوبات والاسراع في ايجاد صيغة للاتفاق النهائي حول البرنامج النووي الايراني قبل نهاية من العشرين تموز المقبل الوقت المحدد للمرحلة الاولى.
واستطردا لهذا السياق وبهدف تذليل المزيد من العقبات فمن المقرر ان يلتقي اليوم في روما الوفد الايراني المفاوض مع نظيره الروسي من جهة والفرنسي من جهة اخرى لمواصلة المفاوضات الثنائية وتقريبا وجهات النظر من اجل حلحلة الملف والاسراع في انهائه.
وما يؤكد هذا المنحي في التسريع بطي الملف النووي الايراني الاجتماع المفاجئ للخبراء الفنيين الايرانيين والغربيين الذي عقد قبل عدة اسابيع في تركيا وكان ذلك ايضا خارج سياق المفاوضات التقليدية مع السداسية بهدف الحد من الخلافات الموجودة بين الطرفين وتمهيد الارضية للتوصل الى تفاهمات ترضي الطرفين.
واليوم فان ما يعقد مسيرة هذه المفاوضات هي قضايا عديدة يطرحها الجانب الغربي الاولى منشأة ايران والثانية عدة اجهزة الطرد المركزي والثالثة منشأة فولاد والرابعة الصواعق المتطورة التي تنتجها ايران في وقت ان مفاوض ايران مستعد لمناقشة هذه الامور وتذليل العقبات وطمأنة الجانب الغربي بان هذه الامور لن تخرج عن سياقها الطبيعي والمدني وتقدم لها الضمانات اللازمة لكن القضية الاهم في حل هذه العقدة لفسح المجال امام الاتفاق النهائي والشامل ليأخذ طريقه ليرى النور هي رفع الحظر الاقتصادي المختلف عليه بين الجانبين في حين ان ايران تطالب برفعه نهائيا بعد توقيع الاتفاق بينما يرى الجانب الغربي ان رفعه سيكون تدريجيا بعد التوقيع وهذا الامر قد يكون خلافا للعرف والعقل وقد يشجع اميركا على المضي في اصرارها على طرح الطلبات المتزايدة والتي قد تكون من خارج الملف النووي لعرقلة الاتفاق النهائي و افشاله وهذا ليس مستبعدا من اميركا التي عودتنا بسجيتها في التنصل من الوعود التي تقطع على نفسها.
ايران ووفقا للاتفاق الموقع مع السداسية الدولية ينحصر النقاشها في القضايا النووية وايجاد الحلول لها بعيدا عن طرح اية قضايا خارج هذا السياق لكن الولايات المتحدة تحاول بشتى الوسائل جر المناقشات الى قضايا اخرى لخدمة اهدافها ومصالحها وهذا مرفوض تماما ولا يقره العقلاء واذا ما سارت المفاوضات الى طريق مسدود فان اميركا ستتحمل وزر ذلك بشهادة العالم الذي عليه ان يحاسبها.