kayhan.ir

رمز الخبر: 95854
تأريخ النشر : 2019June14 - 19:50

استعراضات قادة العدو: محاولة لرفع معنويات الجمهور الإسرائيلي


جهاد حيدر

دخل قائد المنطقة الشمالية في جيش العدو اللواء أمير برعام على خط محاولات القادة الإسرائيليين استعادة التوازن النفسي للجمهور الإسرائيلي بعد الرسائل التي وجهها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال يوم القدس العالمي. ومع أنه حاول أن يستعرض انجازات جيش العدو، إلا أنه من حيث لا يدري أقر ضمناً بانجازات حزب الله، وحصر انجاز "إسرائيل" المزعوم بتعزيز قدرتها الردعية، متجاهلاً بقية الأهداف الاستراتيجية التي كشفها مسؤولو الادارة الأميركية في حرب تموز/ يوليو 2006، ورئيس وزراء العدو ايهود اولمرت، وأكدتها مجريات الحرب.

حاول قائد المنطقة الشمالية في جيش العدو أيضا توجيه رسائل ردع عبر التلويح باستهداف منشآت الدولة اللبنانية. ومع ذلك، لم يقدم جديداً بل كرر ما أصبح تقليدياً في الخطاب السياسي الإسرائيلي الرسمي، متجاهلا تطور قدرات المقاومة التي عزَّزت قدرة ردعها في مواجهة أي تهويل "إسرائيلي" بشن حرب تدميرية.

مع أن برعام كان يحاول الاستدلال على "انجاز" الردع الذي حققه جيش العدو نتيجة حرب العام 2006، إلا أنه أكد من حيث لا يدري على انجاز حزب الله. فعندما يقتصر الانجاز المفترض للحرب (الذي سنعالج مدى صدقه) على الردع، يعني ذلك أن "إسرائيل" أقرت بشكل مباشر أنها فشلت في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للحرب، وتحديداً ما يتصل بالقضاء على حزب الله، وانتاج شرق أوسط جديد، وصولاً إلى نجاح المشروع الأميركي على الساحة اللبنانية في تلك المرحلة... وهي أهداف لم يتحقق أي منها في ذلك الحين.

أما بخصوص مزاعمه حول تعزيز قوة الردع الإسرائيلية، فيمكن تسليط الأضواء على بعض العناوين بصيغة طرح الأسئلة التي يعرف الاجابة عنها كل مواطن:

ـ هل تجرأت "إسرائيل" منذ ما بعد حرب العام 2006، على شن اعتداءت عسكرية ضد لبنان أو ارتدعت عن هذا الخيار؟

ـ هل ارتدعت "إسرائيل" عن استغلال انشغال حزب الله بالحرب السورية من أجل شن الحرب التي تستعد لها ضده؟ ولماذا امتنعت عن ذلك؟

ـ هل فشلت "إسرائيل" في ردع حزب الله عن مراكمة قدراته العسكرية والصاروخية طوال السنوات الماضية منذ ما بعد حرب العام 2006؟

ـ هل ارتدع حزب الله عن الرد عندما استهدفت "إسرائيل" عناصره وكوادره في الساحة السورية؟

بعد كل ما تقدم يتضح بشكل جلي مَن الذي تعزز ردعه بعد الحرب حزب الله أو جيش العدو. ومع ذلك، يأتي قائد المنطقة الشمالية ويقول إن "الاستقرار الامني الذي تشهده الجبهة خلال السنوات الـ 13 منذ حرب العام 2006، هو أفضل دليل على الردع الذي أوجدته الحرب". في حين أنه بالامكان صياغة نفس هذه الجملة باتجاه آخر "الاستقرار الذي يخيم على الجبهة خلال السنوات الـ13 منذ العام 2006، هو أفضل دليل على الردع الذي أوجده حزب الله في مقابل جيش العدو". والدليل على ذلك، أن حزب الله عزز قدرة ردعه طوال هذه السنوات، وراكم وطور قدراته، وتحول إلى قوة اقليمية.

الملفت أن قائد المنطقة الشمالية استعرض أيضاً ما يشكل دليلاً اضافياً على قدرة ردع حزب الله التي وفرت له المظلة التي سمحت وتسمح له بمواصلة "تعزيز قوته في جنوب لبنان خلافًا لقرارات الأمم المتحدة، ويقوم بإعداد القرى المجاورة للمناطق الحدودية، عبر إنشاء بنى تحتية، ويعتزم محاولة تهديدنا بقوات هجومية سينشرها في المنطقة".

ينبغي الاقرار بأن نتائج حرب العام 2006، أنتجت خطاباً إسرائيلياً جديداً يقوم على التلويح باستهداف منشآت الدولة اللبنانية، وهو ما كرره برعام بالتوعد أن "من شأن الدولة اللبنانية أن تدفع ثمنًا باهظًا، في الحرب المقبلة، لتعاونها مع الإرهاب الشيعي". ويبدو أن من العبر التي استخلصتها "إسرائيل" من تلك الحرب، أنها غير قادرة على الحسم العسكري مع المقاومة. وهو ما دفعها إلى البحث عن البديل والسعي إلى محاولة تعزيز الردع في مواجهة لبنان من خلال التهديد باستهداف منشآت الدولة اللبنانية.

في مراجعة للخطاب الإسرائيلي يُلاحَظ أن المسؤولين في "تل ابيب" يتجاهلون عمدا تطور القدرات التي تملكها المقاومة، التي أصبحت تطال كل أرض فلسطين المحتلة، ومعها الدقة في الاصابة والقدرات التدميرية الكبيرة. وهو ما أنتج معادلة ردع قادرة على كبح العدو عن هذا الخيار، بل هو ما نجحت في تحقيقه ومنعت العدو من تنفيذ تهديداته حتى الآن، وهو ما يكشف عن حرص القادة الإسرائيليين على معنويات الجمهور الإسرائيلي ولو عبر الاستعراض الأجوف، واطلاق المواقف التي تتجاهل الوقائع، وعن محاولة تغيير صورة المشهد في أذهان الجمهور الإسرائيلي.