kayhan.ir

رمز الخبر: 95095
تأريخ النشر : 2019May27 - 20:34

ترامب و تراجعه المخزي


اتسمت شخصية ترامب بسلوكية قلقة وغير مستقرة وذلك من خلال مواقفه وسياساته وقراراته العجولة وغير المنضبطة وغير المتزنة بحيث تدفع به الى التراجع وبصورة مخزية، والمصاديق على ذلك كثيرة واغرب تراجع يمكن الاشارة اليه هو في الوقت الذي عقد اجتماعا مع الرئيس الكوري الشمالي وتم الاتفاق بينهما، الا ان العالم سرعان ما شهد واثناء مغادرة رئيس كوريا الشمالية، يوقع ترامب قرارا بتمديد العقوبات على بيونغ يانغ وكأنه لم يلتق ولم يجتمع بالرئيس الكوري قبل ساعات، هذا اللون من السلوك وما رافقه من اتخاذ قرارات انفرادية وضعت الادارة الاميركية في موقف صعب بحيث لا تستطيع الاجابة عن كل التساؤلات المطروحة عن تصرفات رئيسها.

التقارير الاخبارية الاميركية اشارت الى ان شعبية التغريدات النارية وغير العادية التي يطلقها ترامب من حين لاخر تراجعت وبشكل كبير منذ توليه الرئاسة لانها اصبحت مالوفة وعادية لدى الاميركيين بحيث اكدت صحيفة ديلي بيست ان "معدل التفاعل لدى الاميركيين مع تغريدات ترامب على شبكة تويتر انحسر تدريجيا على اساس شهري منذ اواخر عام 2016".

واليوم وبعد جعجعته الاخيرة الصاخبة بارسال حاملة الطائرات والبوارج الحربية وغيرها من النشاطات العسكرية الاخرى والتصريحات الاستفزازية التي وضعت المنطقة امام صورة قاتمة سوداء بحيث ان يتراءى للمراقب ان أجراس الحرب ستدق بين اللحظة والاخرى، يظهر بالامس ترامب ومن خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع رئيس الوزراء الياباني ليقول بان "ادارته منفتحة على الحوار مع ايران" ويؤكد انه "لا يسعى لتغيير النظام فيها بل يسعى الى القضاء على الاسلحة النووية".

هذا التراجع المخزي لترامب وامام كل العالم بعد التصريحات النارية التي سبقتها والتي فتحت شهية العبيد والاذلاء في منطقة الخليج الفارسي الذين اخذوا يطلقون التصريحات الاكثر نارية من تصريحات ترامب بان الفرصة قد حانت لمحو ايران من خارطة المنطقة، فماذا سيكون موقفهم اليوم بعد التصريحات الاخيرة والتي تنم عن تراجع مخز ومذل لهذا المختل عقليا بحيث انه منفتح على الحوار وانه لا يسعى لتغيير النظام. اي انه وبعبارة ادق صفع كل الذين كانوا يراهنون على ذلك، وواضح ان تصريح ترامب هذا لم يأت من فراغ بل فرضته عليه عوامل أهمها هو صمود ايران القوي امام كل هذه الخزعبلات الاعلامية والمظاهر الكارتونية التي اثبتت فشلها الذريع. وبنفس الوقت ادرك ترامب جديا ان ايران لم تكن في يوم من الايام لقمة سائغة يمكن ان يستمرئها من خلال تهديد اجوف لا طائل من ورائه.

وان طهران وبدبلوماسيتها الحكيمة والمنطقية في معالجة هذه الازمة استطاعت ان تفرض واقعا مرا ومؤلما ليس فقط على ادارة ترامب بل كل الاذلاء والعبيد من حكام بعض دول الخليج الفارسي الذي وضعوا رهانهم في حصانه وكانوا يعتقدون ان الفرصة قد حانت لهم للانتقام منها. ولكن خابت آمالهم واسقط ما في ايديهم.

ان ما افاد به ترامب لم يكن جديدا لان ايران الاسلام قد اكدت مرارا وتكرارا وعلى لسان كبار قادتها وعلى راسهم قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي (اطال الله عمره) ان طهران لم ولن تسعى في يوم من الايام الى الحصول على السلاح النووي بل وذهبت بعيدا واكثر من ذلك فانها تبذل وبكل ما وسعها الجهد للمساهمة في اي مسعى دولي لتدمير هذه الاسلحة الفتاكة من على وجه الارض لتعيش البشرية بسلام وامان.

اذن فان تراجع ترامب والى هذا الحد يعكس وبصورة لا تقبل النقاش انه ادرك ان وضعه السياسي قد وصل الى النهاية واللاعودة خاصة وان اوساط من داخل الادارة الاميركية قد اكدت بالامس ان ترامب قد يخسر الانتخابات الرئاسية القادمة وانه ليس له نصيب في العودة الى سدة الحكم بسبب سياساته ومواقفه المتناقضة والتي لا تنسجم مع ابسط قواعد العلاقات الدولية. ولذا فان هذا التراجع سواء امام ايران او الصين او كوريا الشمالية سوف لن يسعفه في البقاء وانه سيرحل غير ماسوفا عليه وسيرمى في مزبلة التاريخ.