kayhan.ir

رمز الخبر: 86845
تأريخ النشر : 2018December10 - 20:40

من لم يرزق يومه طالت ساعاته


حسين شريعتمداري

1ـ المقال الذي بين ايدينا معالجة مختلفة لحركة الشعب الفرنسي ضد حكومة ارستقراطية منذ ما يقرب من شهر وهي في تصاعد مستمر، حتى بلغ الامر ان امتدت الاحتجاجات للدول المجاورة، فقد وصلت الى بلجيكا وهولندا والمجر وايطاليا.

فبعد اسبوعين من التظاهرات في فرنسا، وبالرغم من القمع الشديد الذي تعرض له المحتجون من قبل الشرطة والجيش، ظهر الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" للصحافة ليقول ان تنفيذ قانون رفع سعر المحروقات قد تأجل لثلاثة اشهر، وبعد ايام استأنف ليلغي القانون نهائيا، الا ان حركة "السترات الصفراء" أعلنت ان قضية رفع سعر المحروقات ذريعة ودافع للتحرك، وسيستمرون في احتجاجاتهم حتى سقوط الدولة الرأسمالية. فيما بلغ عديد الجرحى 4 آلاف جراء هجمات الشرطة والجيش، واعلنت وزارة الداخلية الفرنسية ان عدد المعتقلين تجاوز الـ 1700 متظاهر. كما واعلنت الحكومة يوم السبت الماضي بانها حشدت تسعين الف من قوات الشرطة والجيش لمواجهة الاحتجاجات لحركة "السترات الصفراء"، الا ان الموجة الشعبية تزداد حدة.

2 ـ وسنقرأ نماذج لوجهات نظر المسؤولين ووسائل الاعلام فيما يلي؛

فيقول "ريتشارد هاوس" رئيس لجنة العلاقات الخارجية الاميركية؛

"ان اوروبا باتت تتحول من اكثر مناطق العالم استقرارا الى منطقة اي ما كانت لايمكن اعتبارها مستقرة" ويقول "هاوس":

"ان باريس تحترق، وفي المانيا نشهد نهاية مرحلة "انجيلا ميرغل"، فيما ايطاليا تدخل في لعبة خطرة مع الاتحاد الاوروبي، بينما تتصارع بريطانيا مع "بركيست"، وهذا كله يعني تكرار التاريخ وتغييره".

يذكر ان "ريتشارد هاوس" كان له دور بارز في ادارة الفتنة الاميركية ـ الاسرائيلية عام 2009 في ايران. فبعد ملحمة (9 دي) والتي انهت ملف اصحاب الفتنة، فشخصت بشعارها "الانتخابات ذريعة فالمستهدف اساس النظام"، جوهر ما كانت تصبو اليه الفتنة.

وقار "ماتيو سالفيني" مساعد رئيس وزراء ايطاليا ووزير الداخلية؛

"ان اوروبا تتجه نحو الغرق، انظروا الى حركة "السترات الصفراء"! وركزوا على الازمة المالة في المانيا المقتدرة، فببروز هذه الازمات كيف يمكن التفاؤل بمستقبل اوروبا"!

بينما اعربت وكالة "اسوشيتدبرس" عن قلقها من "احتمال سقوط الحكومة البلجيكية"، معتبرة الازمة الفرنسية عصية على السيطرة.

وكتبت صحيفة "لوفيغارو"؛ "ان ما يحصل في فرنسا ليس بالحادث العابر وانما حركة انبثقت من الاعماق، لتشمل كل البلاد".

وتقول صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية؛ "الاحتجاجات الحالية في فرنسا جراء الفقر ووجهت بتعاطف شعبي فرنسي، ورغم ان هذه الحركة مازالت غير منظمة وتفتقر لقائد لتشترك في المفاوضات بقوة. فالكثير يعتبر هذه الحركة ضبابية ومن دون رأس ولربما تخبو بسرعة كما بدات بقوة وانفجارية، وهناك من يحذر من توسعها".

3 ـ اربعون عاما واميركا تحاول واوروبا قلب نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية كهدف ستراتيجي، وحسب المعهد الاميركي "هيري تيج" للابحاث، فان هذا النهج لا يتغير بتغير الحكومات في اميركا والدول الاوروبية المهمة. فلم يفوت العدو خلال اربعين عاما الماضية اي فرصة لمواجهة ايران.

فلم تمر ايام على انتصار الثورة الاسلامية حتى طفحت تمردات انفصالية بعناوين مثل الظلم المضاعف على الشعب الكردي! والشعب العربي! والشعب التركماني! والشعب التركي! و... فقد برزت عشرات المجاميع الارهابية كما اسماهم الامام كالفطر المنبثق من الارض. كما وفرضت العقوبات الاقتصادية، وقضية طبس، والهجمات الارهابية الواسعة، بحيث انه خلال شهرين اغتيل المدعي العام، ورئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، وعشرات النواب، وعدة وزراء، وعشرات المسؤولين و... الا انه لم يحصل اي تغيير. وهكذا حرب السفارات، والحرب المفروضة التي شارك فيها جميع القوى الصغيرة والكبيرة في العالم بكل ما اوتوا من امكانات وآلات الحرب والسياسة والاعلام دعما لصدام، وكذلك الدبابات الالمانية "ليوبارد" والدبابات البريطانية "شيفتن"، وصواريخ كروز ومقاتلات ميراج والسوبراتاندارد الفرنسية، والطائرات الروسية ميك وصواريخ اسكود، وهكذا القنابل الكيميائية الالمانية والبريطانية، وصواريخ سايد بايندر وطائرات الآواكس الاميركية، ولعبت الدولارات السعودية والكويتية والاماراتية دورا آخر، كلها شاركت في قصف المناطق الآهلة بالسكان وضرب المدن عشوائيا، وحرب ناقلات النفط، ومهاجمة طائرات النقل المدنية وكانت الفتنة الاميركية الاسرائيلية عام 2009 شاركت فيها جميع الاعداء في الداخل والخارج، وظهر التحدي النووي، وفرضت اشد العقوبات الاقتصاديةو...

ان اقل مؤامرة اتوا بها كان بامكانها ان تسقط اقوى الانظمة. فلماذا لم يحصل؟ حتى كتبت اسبوعية "ويكلي استاندارد"؛ "جميع رؤساء اميركا بدءاً من كارتر والى اوباما يلتقون مع الامام الخميني في نقطة واحدة وهي ان اميركا لا تستطيع ان ترتكب اية حماقة".

4 ـ لا نذهب بعيدا! فخلال الاعوام الثلاثة الماضية، كم كانت الضجة عالية تلك التي افتعلتها اميركا واوروبا، بخصوص نشاطاتنا النووية. وتعالت مناشدات الغربيين مدعين ان ايران تنتهك حقوق الانسان! ونذكر جيدا كيف رفعت الحكومات الاوروبية لاسيما الحكومة الفرنسية من عقيرتها بالثبور لاجل من خرجوا العام الماضي في ايران من الذين ركبوا موجة المطالبات الشعبية ليعيثوا فسادا. فاعرب "جان لودريان" وزير خارجية فرنسا عن قلقه لاعتقال البعض حتى الغى زيارته لطهران قائلا: "ان حق الاعتراض الحر واحدة من الحقوق الاساسية" ولكن اليوم...!

5 ـ فحين ارسل الباري تعالى موسى و هارون عليهما السلام الى فرعون، اوصاهما "اذهبا الى فرعون انه طغى..." وحين اعربا عن صعوبة المهمة، كانت السلوة لهما بالخطاب الالهي " لاتخافا انني معكما اسمع وارى" ونذكر كيف خاطب سماحة الامام الراحل احد المسؤولين حين كلفه بامر ما ووجد تثاقله وشدة قلقه، قائلا له؛ "ان سبب تثاقل البعض من انجاز اعمال كبيرة، هو لانهم يشعرون بالوحدة في خوض غمار العمل، في الوقت الذي هم ليسوا سوى وسيلة وان الله هو الضامن والمنفذ الحقيقي للاعمال. وعلى ذلك تفضل سماحته قائلا؛ "ان الثورة الاسلامية كسفينة نوح والله هو الربان والسند" ألم تكن الامور تسير بهذا الشكل الى الآن؟

ولماذا خاطب الامام الراحل "غور باتشوف" خلال اوج قدرة الاتحاد السوفياتي السابق؛ "من الآن وصاعدا سنفتش عن الشيوعية في متاحف التاريخ السياسي العالمي"، او "ان هذا القرن هو قرن انتصار المستضعفين على المستكبرين". و... فاي من توقعات الامام التي لم تتحقق؟ واي منها صرح بها من تلقاء نفسه؟! وحقا ما هي الجهة التي استمد سماحة قائد الثورة رؤيته منها قبل سبع سنوات، حين توقع ما سيحصل في اوروبا؟ كلا ليس احتمالا وانما بالقاطعية.. لنقرأ؛ "لا تقتصر حركات النهضة على دول شمال افريقيا ومنطقة غرب آسيا التي نحن ضمنها. ان هذه الصحوة ستمتد الى قلب اوروبا. وسيأتي اليوم الذي تنتفض الشعوب الاوروبية على رجال السياسة والمسؤولين وقوى قد خضعت بالكامل لسياسة اميركا والصهيونية الثقافية والاقتصادية. وان هذه الانتفاضة حتمية."

وكما قال المرحوم "سهراب سبهري"؛ "كي نرى بشكل مختلف ينبغي ان نغسل اعيننا".

واشكر الباري سبحانه الذي تفضل على شعبنا والكثير من الشعوب التي التحقت بثورتنا، بمعايشة هذه المرحلة. وكما قال الشاعر مولوي:

من ملأ جوفه من غير السمك ماءه

من لم يرزق يومه تطول ساعاته

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين