kayhan.ir

رمز الخبر: 85041
تأريخ النشر : 2018November05 - 19:45

تنسيق سوري عراقي ضد الارهاب يواكبه قلق تركي امريكي


عبد الهادي الضيغمي

في الوقت الذي يرقى الإتفاق بين حكومتي البلدين الجارين سوريا والعراق الى مستوى التعاون العسكري لجيشي البلدين لضرب الجماعات الإرهابية ومحاصرتها في جحورها، يرقى تراشق الإتهامات بالعمالة لدمشق بين الجماعات الارهابية المتناحرة في إدلب الى إشتباكات دامية بمدينة حلب السورية.

وفي نفس الوقت الذي يكرس مجلس الوزراء السوري جهوده لتخصيص ميزانيات شاملة لمدينة حلب الإستراتيجية والعمل على تنمية وتطوير جميع مجالاتها الاقتصادية والزراعية والصناعية والتجارية والخدمية والتنموية البشرية والسياحية والتعليمية والصحية والإعلامية، تشهد منطقة شرق الفرات الخاضعة لسيطرة مايسمى بـ "قوات سوريا الديمقراطية"، توترات كشفت عن مقتل 12 مسلحا من هذه القوات المدعومة امريكيا، وقد يكون القادم أكثر من ذلك.

فالمراقبون يؤكدون ان التراشق بالإتهامات والعمالة لـ"دمشق" بين الأطراف المتناحرة شرقي الفرات بدأ يأخذ منح المواجهات العسكرية، بعد محاولات التجميد للمواجهات العسكرية في مدينة ادلب التي حظيت بإتفاق تركي- روسي في التاسع من ايلول الماضي ليتم انشاء مناطق منزوعة السلاح، ويتم اثرها توسيع رقعة ايقاف المعارك في الشمال السوري.

والجدير بالإهتمام أن الإشتباكات لم تقتصر على الجماعات المسلحة المنتشرة في حلب، بل توسعت الى المناطق التي تم العمل على تخفيض التوتر فيها بمدينة ادلب، حيث تم استهداف محيط بلدتي جورين ومعان بريف حماة الشمالي بقذائف الهاون بين جماعة النصرة وجماعة الحزب التركتستاني الإرهابيتين والدخيلتين على سوريا. والأهم من ذلك ان تركيا نفسها دخلت على الخط وراحت توجه بوصلتها السياسية والعسكرية نحو هذه المنطقة من سوريا، بحيث نقلت وسائل الإعلام عن مسؤولين أتراك تهديدهم بشن عمليات عسكرية واسعة ضد الجماعات المسلحة، ان لم تضع حدا لإشتباكاتها.

ولم يكن هذا التهديد التركي الاول من نوعه حيث قام الجيش التركي بعمليتين خلال العامين الماضيين في الأراضي السورية الاولى كانت تحت عنوان "درع الفرات" شمالي حلب واستهدفت جماعة داعش الإرهابية عام 2016، والأخرى كان تحت عنوان "غصن الزيتون" وسيطرت خلالها على منطقة عفرين وطردت الميليشيات الكردية منها مطلع العام الجاري.

هذه التطورات لم تكن بعيدة عن انظار الحكومة العراقية التي طالما اكتوت بنيران الجماعات المسلحة الإرهابية المتسللة من الأراضي السورية الى غرب العراق، الأمر الذي حملها للتنسيق مع شقيقتها السورية للإتفاق على التعاون والتنسيق لضرب الجماعات الارهابية، وذلك من خلال تسيير دوريات مشتركة على حدود البلدين وإخبار كل طرف الطرف الآخر بالمعلومات التي يمتلكها عن الإرهابيين ومواقعهم وتحركاتهم.

ولم يمض اسبوع واحد على هذا الاتفاق حتى أطل مساعد قائد الفرقة المدرعة الثامنة للجيش العراقي اللواء الركن قاسم محمد صالح، ليؤكد أن التنسيق وتبادل المعلومات بين الجيشين العراقي والسوري أدى إلى تنفيذ ضربات للعناصر الإرهابية، كما تم تعزيز الوحدات المقاتلة والمدرعة على الشريط الحدودي بين البلدين للحيلولة دون تنقل العصابات الإرهابية.

هذه التصريحات العسكرية العراقية اكدت أن "قيادة عمليات الجزيرة العراقية التي نشرت مؤخرا كتيبة مدرعة على محور قضاء القائم العراقي تعمل على تعزيز تدابير التحصينات البرية والجوية والرصدي" ليبقى "إرهابيو تنظيم داعش محاصرون في جيب من أربع جهات غرب الحدود العراقية في هجين وسوسة والباغوز.. وتصبح القرى القريبة للحدود السورية العراقية مؤمنة بشكل جيد جدا”.

هذا الموقف الذي اثلج صدور العراقيين والسوريين على حد سواء واكبه قلق تركي امريكي، خاصة وان الموقف التركي يتأرجح بين ناري تضخم جماعة النصرة، وترويضها لتحمي باقي الميليشيات من جهة، وتحدي القوات الكردية من جهة اخرى.

كما ان الموقف الأمريكي المتذبذب حاول اسعاف الموقف التركي، من خلال تسيير دوريات مشتركة لتخفيف حدة التوتر في الشمال السوري ليبقى تحت السيطرة.

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنَّ أمريكا عبر التحالف الدوليّ المزعوم سيّرت دورياتٍ مشتركة مع تركيا لتخفيف التوتّر في الشمال السوري.

ترى فهل ستعود الإشتباكات على حدتها الى الشمال السوري وخاصة عفرين وحلب وإدلب والأرياف القريبة منها؟ أم أن الخطوات التركية وتهديداتها العسكرية بشن عملية عسكرية وتصعيدها الإعلامي القاضي بتطهير عفرين، سيكون الفيصل في إعادة الأمن لجميع المناطق الحدودية بين تركيا وسوريا؟

فمما لاشك فيه ان التهديدات العسكرية التركية، مع وجود شواهد تؤكد إستكمالها للخطط والاستعدادات لشن عملية عسكرية واسعة ضد الجماعات الارهابية شرق الفرات، بات قاب قوسين او ادنى من التحقيق على ارض الواقع، لكن التعاون العسكري بين العراق وسوريا لن يكون أقل أهمية من التصريحات والاستعدادات التركية، خاصة وان الجماعات الإرهابية تسللت من سوريا الى العراق قبل إحتلالها الموصل واجزاء واسعة من شمال وسط العراق.

ومن هنا يرى المراقبون ضرورة تكاتف الجهود المحلية والاقليمية لطرد الجماعات الإرهابية الدخيلة على المنطقة خاصة من سوريا والعراق، وهذا ما تبدو ملامحه في الافق والأيام القادمة ستكشف الكثير من الحقائق والألغاز.