kayhan.ir

رمز الخبر: 80862
تأريخ النشر : 2018August17 - 20:27

اردوغان بين استقلال القرار والتسوية


بعد ان جربت اميركا حظوظها الخاسرة في شن الحروب العسكرية وتكلفتها الباهظة والانتقال لاحقا لشن الحروب الاقتصادية ضد الخصوم اصبح فيها من التعقيدات ما يثقل عاتقها اضافة الى تداعياتها الجانبية واستحقاقاتها المستقبلية التي ينعكس عليها سلبا فضلت الدولة العميقة باميركا بأن تأتي برجل اعمال يتظاهر بالجنون لتدخل مباشرة في صلب الموضوع لتبتر الحلفاء والخصوم في آن واحد من خلال فتح نار الحروب الاقتصادية والنأي بنفسها من شن الحروب العسكرية وتحمل مضاعفاتها للتغطية اساسا على عجزها امام دول مثل ايران ولكي تحافظ على هيبتها دون دفع الاثمان تلجأ الى شن الحروب الاقتصادية كاستراتيجية بديلة لتحقيق مكاسبها واهدافها وفي نفس الوقت فرض هيمنتها على العالم لكن ما طرأ على الساحة العالمية من توازنات جديدة واقطاب جدد وتعامل بالعملة المحلية بين بعض الدول انهى نظام القطب الواحد وتكاد ان تنهي هيمنة الدولار على السوق العالمية بسبب استغلال اميركا للدولار على انها سلعة اميركية تحاول عبره الضغط الخصوم والحلفاء وهذا ما برز مؤخرا مع تركيا اهم حليف للولايات المتحدة الاميركية التي خدمت الاهداف والمصالح الاميركية في المنطقة طيلة اكثر من نصف قرن واليوم تواجه ضد الحقيقة المرة بان اميركا دولة بلطجية لا تفرق بين الصديق والمناوئ لانها لا تتحمل دول مستقلة بل تريد الجميع تابعين لها ويخضعون لقراراتها.

اميركا الترامبية ومن خلال سياساتها الهوجاء فرضت العزلة على نفسها بشكل لم يبق لها على حد تعبير البعض صديق سوى الكيان الصهيوني والنظام السعودي. ان فتح النار على تركيا يأتي في هذا السياق مع انه خاضع لملفات عديدة ابرزها الضغط على تركيا لاطلاق سراح القس الاميركي الجاسوس الذي اعتبره البعض الصندوق الاسود لوكالة المخابرات المركزية الاميركية لكن يرى البعض الاخر في ذلك رسالة الى اليابان وكوريا الجنوبية وهكذا باكستان واندونيسيا لمنعهم من شراء النفط الايراني، لكن التهديدات التي اطلقها الرئيس ترامب بالامس والتي تعتبر من العيار الثقيل بانه سيخنق تركية اذا لم تطلق سراح القس الاميركي يدلل وبوضوح اهمية هذا الرجل لاميركا وما يمتلكه من معلومات سواء بدور واشنطن في الانقلاب الفاشل ضد اردوغان او عمليات التجسس الخطيرة في تركيا.

وحتى الامس وبعد اطلاق هذه التصريحات قرر الرئيس اردوغان بمضاعفة الرسوم على البضائع الاميركية، لم يكن في الافق ما يخفض هذا التصعيد بين البلدين لكن بكل الاحوال يذهب الكثير من المحللين الى ان الطرفين لن يعبرا حافة الهاوية بسبب العلاقات الودية والمديدة بينهما ولحاجة بعضهما البعض خاصة وان الرئيس ترامب متهم من خصومه داخل اميركا بانه المسؤول عن احتمال خسارة اكبر حليف لاميركا في المنطقة وهذا ما يحذر منه الرئيس ترامب للذهاب حتى النهاية لكنه يريد استنساخ نموذج الكوري الشمالي حتى يذهب مع انقرة الى التسوية، لكن هل سيوفق في ذلك لتنتظر الايام القادمة ونرى ما سيفعله الرئيس اردوغان للحفاظ على استقلال بلده وابعاده من الهيمنة الاميركية، أم سيبقى بشكل وآخر يدور في فلكها؟