kayhan.ir

رمز الخبر: 74261
تأريخ النشر : 2018April16 - 20:19

انتصاراتُ سوريا و حلفائها سبب صراع الداخل الأمريكي والتهديدات بالعدوان

علي حسن

انقلب مضمون تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول سوريا رأساً على عقب، قبل فترة وجيزة كان يريد سحب قوات بلاده و لم يمضِ يومان حتى مدّدَ بقاء تلك القوات لعدة أشهر مُلوّحاً بنيته بعدم تمديد تلك الفترة، و اليوم يهدد سوريا بقصف مواقع عسكرية و حكومية تحت ذريعة استخدام الحكومة السورية للسلاح الكيميائي، و رغم تعقيدات المشهد إلّا أنّ الانقسام الحاصل في الداخل الأمريكي يبدو جلياً و واضحاً بين أقطاب السياسية الأمريكية.

وفي هذا السياق قال مصدر سياسي سوري لموقع "العهد" الإخباري أنّ " الانقسام في الداخل الأمريكي بات اليوم في أعلى مستوياته، بين تيار ترامب و تيار الأمن القومي الذي تتبع له وزارتا الدفاع و الخارجية الأمريكيتين، و أصبح الصراع بين هذين التيارين كبيراً جداً حول سوريا، إذ كان ترامب قبل الثالث من نيسان الجاري يقول أنه سيسحب قوات بلاده من سوريا و بشكل مفاجئ أعلن عن ضربة عسكرية وشيكة، و هذا الأمر شكّل زلزالاً مدمراً بالنسبة لتيار الأمن القومي الذي يرفض الانسحاب من سوريا كما يرفض أيضاً الانزلاق مباشرة نحو المشهد الذي فعله ترامب، إلّا أنّ الأخير يرى في ذريعة استخدام السلاح الكيميائي فرصته الذهبية لتلقين تيار الأمن القومي درساً كبيراً و لذلك هرب إلى الأمام و صرّح باستخدام القوة ضد سوريا الأمر الذي يعني احتمال المواجهة مع الاتحاد الروسي بهدف رفع تهمة العمالة أو الوصول إلى الحكم من خلال الدعم الروسي التي تُوجه إليه من قبل تيار الأمن القومي، و بالتالي فإذا ردت روسيا فليتحمل الأخير مسؤولية بقاء القوات الأمريكية في سوريا و إذا لم ترد روسيا و اكتفت بإسقاط الصواريخ الأمريكية يكون ترامب قد قزّم الدور الروسي و أسقطَ تهم تيار الأمن القومي عنه بحسب ما يظن".

وأضاف المصدر السياسي قائلاً أنّ " تصريح وزير الدفاع الأمريكي الأخير جيمس ماتيس المحسوب على تيار الأمن القومي هي محاولة لوضع العجلات أمام ترامب، أي أنّ تيار الأمن القومي يريد أن يُفرمل هذه النزعة الترامبية التي أذهلته إلّا أنّ ترامب على ما يبدو يريد حشرهم في الزاوية لأنهم يسعون إفشال مشروعه الانتخابي المُعَنون بـ"أمريكا أولاً" و يريدون الذهاب في تطويق مشروعه الاقتصادي بحسب نظرتهم التي تقول أنّ المكان الجيد في الجيوبوليتيك و الجغرافية السياسية يُعطي الاقتصاد الجيد، و هاتان النظرتان الترامبية و القومية مختلفتان اليوم في إدارة العالم و إدارة الحكم في الولايات المتحدة و من هذا الاختلاف أتت لحظة الصراع الداخلي فيها و التي تنعكس اليوم على الملف السوري".

المشهد اليوم أمام ثلاث سيناريوهات:

الأول أن تحدث الضربة فعلاً و يرد عليها الروس

الثاني ألّا يتم هذا العدوان العسكري

الثالث يُفرمل تيار الأمن القومي العدوان على سوريا

وتابع أنّ " دولة الأمن القومي تعتبر أي إنجازٍ ميداني جديد في سوريا لصالح روسيا و سوريا و حلفائهما يُفقدها إمكانية أن تكون لها حصة في مستقبل سوريا و هذه المسألة بالنسبة لهذا التيار مهمة جداً، لكن ترامب يرى أن الأمور في الميدان السوري قد خرجت من أيدي واشنطن تدريجياً منذ عام 2015 أي بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا حين كانت واشنطن تُعد نفسها منتصرةً فيما قبل هذا التدخل الذي عدّل الميزان مع استعادة حلب إلى ما يشبه الفوز و ليس الانتصار، و مع فقدان الغوطة الشرقية و استعادة الدولة السورية لها رأى ترامب أن أمريكا خسرت كل شئ و يجب أن يسحب قواته من سوريا بعكس تيار الأمن القومي الذي يُصر على المتابعة، و من هذه اللحظة بدأ الشرخ الكبير في الداخل الأمريكي يظهر علانيةً، و وصل الأمر بترامب إلى إعلانٍ وشيك لضربة عسكرية على سوريا، و بات المشهد اليوم أمام ثلاث سيناريوهات، الأول أن تحدث الضربة فعلاً و يرد عليها الروس و تصل الأمور إلى أن يجلس الكبار على طاولة التفاهم بمعنى أن تتم الضربة بشكل محدود حتى تُعيد واشنطن لنفسها دورها التفاوضي في الملف السوري، و الثاني ألّا يتم هذا العدوان العسكري و تتم التسويات في الأروقة المخفية و الاتصالات الدبلوماسية بمعنى أن يُفرمل تيار الأمن القومي العدوان على سوريا لأن ذلك قد يؤدي إلى حرب عالمية لا مصلحة لهم فيها، و هذا هو السيناريو الثالث"، مؤكداً أنّ " تيار الأمن القومي حتى اللحظة يُفرمل التهور الذي فعله ترامب لتوريطه و دفعه نحو حرب و مواجهة مع روسيا، لكن حتى اللحظة لا يمكن لأحد أن يُرجّح حدوث أي من تلك السيناريوهات الثلاث".

أيُّ ضربة من نوع الضربة العدوانية الأمريكية على مطار الشعيرات العسكري قد لا يقبل بها لا ترامب و لا تيار الأمن القومي لأنها ستكون مُهينةً لوضع الولايات المتحدة و ثقلها العام لأن الطائرات السورية قد أقلعت حينها من مطار الشعيرات بعد ساعتين من العدوان و بالتالي أي عمل عدواني مشابه لذلك لن يكون له أي قيمة و ذلك حسب حديث المصدر السياسي السوري الذي أكد " ماتيس يحاول لجم هذا الجنون الترامبي لأنه أكثر واقعية رغم نواياه السيئة أيضاً اتجاه دمشق لكنه بكل تأكيد لا يريد التدحرج إلى الأمام و الوصول إلى حرب عالمية ثالثة و وضع المشهد في غاية من الخطورة بالنسبة لتيار الأمن القومي، و باتوا اليوم يحاولون النزول من أعلى الشجرة التي تسلقتها أمريكا بتصريحات ترامب و تغريداته المتتالية على تويتر التي لا تدل على خروجها من فم رجل دولة عظمى".

وختم المصدر السياسي السوري ذاته قائلاً لـ"العهد" أنّ " ترامب لم يحاول فقط جرّ تيار الأمن القومي إلى حرب عالمية بل يحاول توريط العالم كله في هذا العدوان على سوريا لتربيط أيدي روسيا عن الرد، لكن هذا الأمر لن يحصل مع الضبابية من قبل الطرف البريطاني و الرفض الألماني و التردد الفرنسي إذ يستشعرون أن المسألة كبيرة جداً بينما تظهر روسيا بموقف عقلاني يريد حلولاً دبلوماسية من موقع القوي بمعنى أنها تريد الجلوس مع أمريكا على طاولة المفاوضات من موقع القوة و لجم الأمريكي بطريقة غير مستفزة لا تقطع الطريق على المفاوضات الدبلوماسية"