kayhan.ir

رمز الخبر: 74258
تأريخ النشر : 2018April16 - 20:18

التداعيات السياسية لتحرير الغوطة

حميدي العبدالله

تحرير الغوطة الشرقية ترك آثاراً وتداعيات سياسية هامة، ليس فقط لأنّ معركة تحرير الغوطة ألحقت الهزيمة بأكبر تجمع عسكري للإرهابيين يرابط على أسوار العاصمة دمشق، وبالتالي دفع الدول التي موّلت وقادت الحرب إلى مراجعة حساباتها وحسب، بل وأيضاً لأنّ معركة تحرير الغوطة عسكرياً في أسبوعيها الأوّلَين رافقتها معارك سياسية ودبلوماسية كبرى أوشكت أن توصل العلاقة بين روسيا والدول الغربية، وتحديداً الولايات المتّحدة، إلى حدود المواجهة العسكرية المباشرة في سورية، عندما لوّحت واشنطن بالتحرك العسكري من دون تفويض من مجلس الأمن لدعم إرهابيّي النصرة، واستهداف الجيش السوري ومدينة دمشق، وردّ روسيا بالتهديد بضرب مصادر الاعتداء، سواء كانت من البوارج البحرية، أو من القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في المنطقة .

يمكن الاستنتاج من دون مبالغة أنّ ما جرى في الأسبوعين الأوّلَين من معارك الغوطة على مستوى العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا، يشبه ما جرى في خليج الخنازير بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة عندما حاولت واشنطن غزو كوبا في مطلع عقد الستينات من القرن الماضي.

التداعيات والآثار هنا على المستوى الاستراتيجي، أيّ أنّ واشنطن باتت أمام الحسابات الآتية: إما الانسحاب من سورية آجلاً أم عاجلاً من طرف واحد من خلال تفاهم وحوار سياسي مع روسيا للتوصل إلى ما يحفظ ماء وجه الولايات المتحدة ويسهل عليها الانسحاب من الحرب على سورية، أو تحمل تبعات مواجهة عسكرية كبرى مكلفة، مباشرة أو غير مباشرة.

مواجهة مباشرة من خلال صدام القوات الأميركية مع الجيش السوري مدعوماً من روسيا وإيران والمقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله، ومواجهة غير مباشرة من خلال مقاومة شعبية متصاعدة ترفع كلفة الوجود العسكري الأميركي والغربي في سورية من خلال زيادة الانخراط العسكري المباشر للوقوف في وجه هذه المقاومة الشعبية التي هي خيار السوريين الوحيد لطرد المحتلين من أراضيهم.

واضح من خلال نتائج حروب الولايات المتحدة والناتو في أفغانستان والعراق وكلفة هذه الحرب، وما آلت إليه من نتائج، وما ينشر في وسائل الإعلام الأميركية ومراكز الأبحاث الرئيسية من انقسام حول الخيارات في سورية، أنّ احتمال الانكفاء والتخلي عن المطامع الطموحة للولايات المتحدة في سورية، هو احتمال متقدّم على احتمال التورّط في مواجهة كبرى في سورية، ولعلّ هذا ما يفسّر، التوجه وليس القرار، بالانسحاب من سورية الذي تحدث عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.